تطوّر الاحتجاجات في إيران ومحاولات إيجاد حلول ترضي الشعب روحاني: يجب الفصل بين التظاهر والشغب.. والداخلية تحذّر

قال الرئيس الإيراني حسن روحاني، أمس، إن «الاحتجاج حق للشعب لكن إثارة الشغب ليست احتجاجاً».

وأضاف روحاني خلال اجتماع لمجلس الوزراء، أن «الحكومة اختارت رفع أسعار الوقود من بين خيارات شملت زيادة الضرائب وزيادة تصدير النفط».

وتابع قائلاً «لو لم نرفع سعر البنزين لعادت إيران لاستيراده خلال عامين».

وأوضح أن «قرار رفع أسعار البنزين في إيران يهدف لمساعدة الفئات الفقيرة».

وأكد الرئيس الإيراني أنه «يجب عدم السماح بزعزعة استقرار إيران». وكشف روحاني أن «الحكومة ستبدأ بدفع مساعدات مالية للفئات الاجتماعية الفقيرة اعتباراً من اليوم».

وتطورت الأوضاع في إيران بشكل متسارع إثر الاحتجاجات التي اندلعت، الجمعة الماضي، بعد قرار الحكومة رفع سعر المحروقات في البلاد.

وتشهد العديد من المدن الإيرانية تظاهرات منذ يوم الجمعة الماضي، للاحتجاج على قرار الحكومة بزيادة أسعار الوقود، وتجدّدت الاحتجاجات أول أمس، في مدن الأهواز، وسيرجان، وبوشهر، ومشهد، مما أدى إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى.

وجرت في وقت سابق من العام الحالي، احتجاجات، وسط تدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد التي تواجه ضغوطاً مستمرّة من قبل الولايات المتحدة، بما في ذلك العقوبات ضد قطاع النفط الإيراني بعد انسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الاتفاق النووي الذي وقع عام 2015.

وأفضت التطورات الأخيرة، إلى اعتقال نحو ألف شخص، خلال يومين من الاحتجاجات، فيما قتل ضابط إيراني، أمس، في محافظة كرمنشاه، غربي البلاد، خلال الاحتجاجات المستمرة منذ يوم الجمعة الماضي.

وجاءت الاحتجاجات، التي اندلعت الجمعة الماضي، عقب بيان الشركة الوطنية الإيرانية للنفط، مساء الخميس الماضي، الذي أعلنت فيه عن رفع سعر البنزين 3 أضعاف مقارنة بسعره السابق في البلاد، وسط ردود فعل سلبية واسعة داخل البلاد، بما في ذلك بعض نواب البرلمان الإيراني والمسؤولين الحكوميين.

إلا أن الشعارات المطالبة بالتراجع عن القرار تحوّلت لشعارات سياسية، وهو ما طرح تساؤلات بشأن ما إن كانت هناك قوى إقليمية أو دولية تسعى لتوجيه الاحتجاجات إلى مسارات أخرى غير التي خرجت من أجلها.

وأفادت وسائل إعلام إيرانية، أمس، بأن «الأحداث، التي شهدتها البلاد أول أمس، ألحقت أضراراً ببعض المنشآت في مدينة أصفهان»، وذلك بحسب مسؤولين.

ونقلت وكالة «فارس» الإيرانية عن رئيس بلدية أصفهان، قدرت الله نوروزي، قوله إن «أعمال الشغب الحقت أضراراً بـ 60 حافلة و5 محطات مترو في مدينة أصفهان».

وحذّر وزير الداخلية الإيراني، عبد الرضا رحماني فضلي، كل مَن يستهدف الممتلكات العامة والخاصة، مؤكداً أن «الأجهزة الأمنية ستتعامل بصرامة».

وقال وزير الداخلية الإيراني، في بيان، أمس، إن «أي احتجاجات يجب أن تكون ضمن القانون، والوضع بشكله الحالي ليس لصالح أي طرف»، موضحاً أن «الوزارة تمكّنت من تحديد هوية قادة العناصر المثيرة للشغب في اليومين الماضيين، وأنه سيتم التعامل مع كل من يعرّض أمن المواطنين إلى خطر بشكل حازم».

من جهته، ذكّر وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو عبر «تويتر» بتغريدة نشرها قبل أكثر من عام، قال فيها إن «الولايات المتحدة تسمع وتؤيد مطالب الشعب الإيراني الذي لن يظل ساكتاً على ما يتعرّض له».

بدوره، المتحدث باسم الحكومة الايرانية علي ربيعي أكد أن «المساعدات المعيشية التي ستقدّم من عائدات الزيادة المفروضة على أسعار المحروقات ستُعطى على نحو مستمرّ ومنظم».

مستشار الرئيس الإيراني حسام الدين آشنا قال إن «المنتهزين في الداخل والخارج ارتكبوا خطأ استراتيجياً مرة أخرى».

آشنا رأى أن «إيران ليست العراق ولا لبنان وإن السفارة الأميركية فيها أغلقت منذ سنوات وجزم بعدم سماح طهران للإعلام المأجور بتحديد مصير البلاد».

ويناقش مجلس الشورى الإيراني اقتراحاً معجّلاً لوقف رفع أسعار المحروقات تقدّم به عدد من النواب.

وأعلن مدير مكتب الرئاسة الإيرانية محمود واعظي أنّ «الحكومة أكدت مراراً أن الاعتراض أمر عادي ومن حقوق المواطنين المسلّم بها». وذكر «علينا جميعاً أن نقف إلى جانب الشعب ونصغي لمطالبه ووجهات نظره».

من جهته، قال أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني إنّ «مجموعات من قبل المنافقين أعضاء منظمة مجاهدي خلق وأعداء الثورة هاجموا قوات الأمن».

المسؤول في مجلس الشورى أحمد أمير آبادي قال، نقلاً عن شمخاني خلال الجلسة البرلمان، إنه «كان بحوزة بعض المهاجمين أسلحة نارية».

وتابع أنه» خلال اليومين الماضيين قامت هذه المجموعات بالاعتداء على المصارف والممتلكات العامة والخاصة».

بدوره، قال رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني إن «المواطنين قلقون من أن يكون لزيادة أسعار المحروقات تبعات على أسعار بقية السلع».

وأشار إلى أن «اجتماعات ستعقد بين اللجنة الاقتصادية للمجلس وهيئة تنظيم الأسواق مع السلطة القضائية والمسؤولين المعنيين لإجراء رقابة على الأسعار».

رئيس السلطة القضائية في إيران إبراهيم رئيسي ذكر أنه «يجب تنفيذ قرار رفع سعر البنزين بعيداً عن التوتر»، مضيفاً أنه «تجب إزالة المشاكل المحتملة بعد قرار رفع سعر البنزين».

فيما أعلنت النيابة العامة في يزد عن «اعتقال 40 شخصاً من المشاركين في أعمال الشغب أغلبهم من غير المقيمين في المدينة».

وفي هذا السياق، أعلنت وزارة الأمن الإيرانية أنه «سيتم التعامل بحزم مع كل العناصر المخلة بالأمن والاستقرار».

وجاء في بيان صادر عن وزارة الأمن أنه «تم الكشف عن مسببي الشغب الرئيسيين ويتم الآن اتخاذ الإجراءات المناسبة للتعامل معهم».

وقالت إنّ «أعداء إيران يعلقون آمالاً على هذه الاضطرابات، ولكنها ستحبط كما في الماضي»، مضيفة «توفير الأمن والاستقرار للشعب واجبنا ولن نوفر أي جهد لتحقيق ذلك».

توجيه احتجاجات إيران

لـ»مسار الفوضى»

تسعى بعض الدول لزعزعة الاستقرار في إيران من خلال توجيه الاحتجاجات إلى مسار آخر، عبر «دعم الفوضى وانتشار التخريب والعنف»، وذلك بحسب الخبراء.

ومن ناحيته قال المحلل السياسي الإيراني محمد غروي، إن «الاحتجاجات التي جرت في البداية كانت بشكل عفوي في إيران خاصة بعد ارتفاع أسعار المحروقات».

وأضاف أمس، أن «الاحتجاجات كانت في البداية بشكل عفوي، إلا أنها عندما تطوّرت وبدأت في استهداف المؤسسات اتضحت أدوار الدول المعادية لإيران في توجيه مسار الاحتجاجات».

وأوضح أن «تغير الشعارات من مطالب خاصة بالمحروقات إلى شعارات سياسية، وحرق العلم الإيراني، يؤكد أن الأطراف الدولية المعادية تسعى وتقف وراء هذا المسار، الذي تريد من خلاله زعزعة الاستقرار في إيران».

وأشار إلى أن «خامنئي، أكد أنه يدعم ما قررته السلطات الثلاث في إيران»، وقال إن «ما قرر جاء بعد دراسات معمّقة استدعت من السلطات الثلاث اتخاذ الإجراء الخاص برفع أسعار البنزين، خاصة أن أسعار البنزين أقل من 5 دولارات لكل 20 لتراً من البنزين، وهو أقل سعر في المنطقة».

وشدّد على أن «يد القوات الأمنية ستكون بالمرصاد لأي تطورات في الشارع، خاصة في ظل الدعم الذي تعمل عليه الدول المعادية لإيران لهذه الاحتجاجات».

ويرى غروي أن «أعمال الشغب، التي وقعت في بعض المحافظات الإيرانية، فإن القوات الأمنية رصدت السلاح بحوزة المتظاهرين، وأن التعامل سيكون بشكل مغاير مع مثل هذه الحالات».

ومن ناحيته قال حسن شقير، الباحث اللبناني بالشؤون الإقليمية، إن «إيران مستهدفة من الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل وبعض الدول الإقليمية، وأن الأزمة الاقتصادية الخانقة أثرت بشكل كبير على الأوضاع الداخلية».

وأضاف، أن «الكثير من الدول الإقليمية والدولية يسعى لتحويل مسار الاحتجاجات، وأن على الشعب الإيراني أن يعي المخططات، التي تُحاك لإسقاط الجمهورية الإسلامية، خاصة في ظل مناهضة إيران لأميركا والاحتلال الإسرائيلي».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى