حفل افتتاح صالون الأدب الوجيز في سوسة… هنا تبدأ الحكاية هنا يتشكّل الحلم
البشير الشيحي
هو حدث استثنائيّ تأثّث في زمن قياسيّ والعهدة على صنّاع الأفكار وروّاد الكلمة الموحية بتكثيف خارق تأصّل مساء الجمعة 8 نوفمبر 2019.
بدأت الحكاية حلماً راود رفاقاً يشدّون أوتاد الكلام في منابت الحبر. فلا فرق بين شعر ونثر، بين واجز وشاعر، أو بين متقبّل وسامع، أو ناظم وناقد.
وافتح سمعك جيّدا. فالمجال للكلمة الموحية التّي ترمز رمزاً لطيفاً وللعبارة الشّادية التّي ينسجها أصحاب مولعون برصف الجمال في فكرة ونثر الخيال في لحظة فارقة.
وشهد الافتتاح حضوراً نوعياً جمع مجموعة من الأساتذة وبعض تلاميذ المعاهد وأهل الأدب والثقافة الذين وفدوا إلى الصالون من مختلف الربوع، من سوسة والمنستير والمهدية وتونس العاصمة والقيروان وقفصة ما يبشّر بأنّ هذا الصالون سيكون قبلة الجميع لتشكيل حركةٍ أدبيّةٍ فاعلةٍ متطورة تستفيد من التّجارب المتنوّعة. وأثار الحضور حواراً حيويّاً تفاعليّاً جادّاً حول الأدب الوجيز مصطلحاً وأنواعاً وتقنيات.
بدأت سنفونيّة اللّقاء والملتقى بحضور عشّاق الأدب الوجيز وشباب تحمّس أتى من معاهد مدينة مساكن ليشارك أهل الذّكر فنّ الإصغاء ومتعة الحوار وربّما سيعدّ لنا يوماً ما كتابة تحدث فينا العجب وتطرب أهل الأدب. وهذه اللّمحات كان يقودها المنشّط عمر دغرير ذاك الذّي تزوّد بحماس فيّاض وافتتح المشهد بعزف فريد لشاعر أتى من بلد المناجم يتقن العزف بأشكال عديدة على آلة العود التّليد لأنّ الوطن يحتاج موسيقى تحيي فينا الكلام دون فراق إنّه توفيق الصغيّر الذّي أتحف الجميع بأوتار نحنّ اليها حنين الخليل. وتدخّل مندوب الثقافة بسوسة بكلمة أكّد فيها عزم المندوبيّة على توفير كلّ سبل النّجاح لهذا الصالون وكلّ الصالونات والأنشطة الثقافيّة الإبداعيّة في الجهة ثمّ أتحفنا مجموعة نيّرة بمشاركات ثريّة. فهم أصوات لها إيحاء مخصوص يعشقون التّلميح قصّا وشعرا. ينتصرون لطرافة الإيجاز وشدّ الكلام الى تكثيف عجيب، ألا انّنا أمام شعراء وكتّاب لهم قدم وساق في قول الشّعر وحبك القصّ وقد عرفوا بتواضعهم أمثال» فاطمة بن محمود وخالد الردّاوي وزهور العربي وتوفيق الصغيّر. انضاف إليهم صوت شاب صدحت به إيمان الفالح التّي ما انفكّت تطوّر تجربتها في الكتابة الشعريّة الإبداعيّة. وقد خصّصت لجنة تنظيم الافتتاح وأعضاء الصالون حيّزاً زمنيّاً لتفاعل الحاضرين بنقاش مفيد أثرى الأمسية وجعلها تجمع بين النصّ والنّقد، النظرّي والعمليّ بمداخلات قيّمة كشفت عن حسّ ذوقيّ وعن رغبة في تطوير هذا الشّكل الجديد من الكتابة أكّدت انتصارها للجماليّة وأبرزت تفاعل الأجناس الأدبيّة التّي تتماثل في بعض الملامح. فالأدب الوجيز إنتاج إبداعيّ حداثيّ كما اختتم هذا النّشاط بتكريم الضّيوف انتصاراً للكلمة الهادفة وللنصّ الطّريف المتميّز بالتّكثيف والإيحاء والأشجاء تأسيساً لجماليّة مبتكرة.
ويسعى هذا الصالون الفتيّ إضافة إلى أنشطته الشهرية وبالتنسيق مع الهيئة المركزية لملتقى الأدب الوجيز ببيروت إلى تنظيم ملتقى وطني دولي للأدب الوجيز في موفّى شهر مارس يومي 28 و29 بحضور مجموعة من المبدعين والنقاد التونسيين والعرب المهتمين بهذا الفن الوجيز من لبنان والجزائر والمغرب وفلسطين والعراق وسورية ليجتمع أهل المشرق مع أهل المغرب.
ويتكوّن صالون الأدب الوجيز بسوسة من مجموعة مثقفين وأساتذة «جمال مسيوغة، الهام بوصفّارة، البشير الشّيحي، خالد الزمرليّ، رياض نقزّو، فتحية دبش، منيرة الصّالحي وأحمد بن براهيم، عادل بن مفتاح….»، همّهم خدمة الثقافة وهدفهم إنشاء تجربة فريدة من خلال تشجيع الأقلام الجيّدة في هذا الجنس.
كاتب تونسي