ظاهرة إقالة المدربين في لبنان… تدقّ ناقوس الخطر
حسين غازي
تنتشر في الفترة الأخيرة، ظاهرة ليست غريبة عن كرة القدم اللبنانية والعربية، فإقالة المدربين أصبحت عادةً وأمراً طبيعياً، وهذا يعتبر أمراً خطيراً جداً، ذا أبعادٍ على المدى القصير والطويل.
موجة تبديل المدربين بسبب سوء النتائج أو غيرها، لا ينم عن احترافية في التعامل، وليس بالتأكيد خياراً وتكتيكياً صحيحاً دائماً، فمن غير الضروري أن يكون المدرب الجديد أفضل من سابقه، والمسألة في لبنان، تجعل الشارع الرياضي يقف على تفاصيل صغيرة، لا تقتصر على المدرب فقط.
بداية أقيل مدرب شباب الغازية فؤاد ليلا، وحلّ مكانه مالك حسون لاعب الأنصار السابق، ومن بعدها جاء خبر إقالة الكابتن موسى حجيج مفاجئاً وليس في مكانه، وأخيراً استُغني عن خدمات مدرب الأخاء الأهلي عاليه فادي العمري، ليعود السوري حسين عفش لتدريب الفريق الجبلي بعد أن أشرف عليه في فترة سابقة.
صحيح أن النبي شيت خسر بنتيجة عريضة أمام العهد، وأن النادي دفع ما يقارب 150 ألف دولار لاستقدام بعض نجوم الكرة اللبنانية، والتي لم تكن بمعظمها تمتلك مكاناً أساسياً في فرقها السابقة، لكن هكذا ميزانية لفريق جديد في دوري الأضواء لن تجن ثماراً أكثر من ذلك خلال فترة قصيرة. ولن ندخل هنا بالأسباب التي أدت إلى إقالة قائد نادي النجمة السابق موسى حجيج، فما حصل لم يكن عين الصواب، إذ إن المدرب حاول تقديم ما يملك للفريق، وتعرض لضغوطات كبيرة جراء المشاكل الداخلية في النادي، إلا أّنه أحرز معه 11 نقطة وضعته قي مراكز الوسط، وحال النادي أفضل من فرقٍ لها باع وتاريخ في الدوري اللبناني.
أما الأخاء الأهلي عاليه، وبصريح العبارة لا يملك فريقاً متكاملاً، إذ لديه ضعف ونقص في مراكز عدة، من دون الخوض في لعبة الأسماء، وبالتأكيد الأهم من ذلك فشل الأجانب الموجودين في صفوف النادي، فالمدافع البرازيلي ليما ليس هو صمام الأمان مقارنة مع بعض الآتين من الخارج، وحتى أن عديد المدافعين اللبنانيين قادرين على أن يقدموا أفضل منه، ويليه أفراني اللاعب الضائع في الوسط، وأخيراً جوزيل الذي يقدم من حين إلى آخر أداء جيداً، إلا أنه يتسم بالأنانية. فكيف لفريق لا يملك دكّة بدلاء قوية، أن يقدم المطلوب منه، وأين دور النادي في إبرام صفقات، تغذي الفريق وتجعله قوياً كباقي الفرق؟ لذلك من غير الممكن أن نضع اللوم كاملاً على مدرب الفريق فادي العمري.
المشكلة في العقلية اللبنانية، المبنية على أسس كروية غير احترافية، على سبيل المثال، آرسنال لم يقل مدربه آرسين فينغر، والذي يخسر كل موسم بنتائج عريضة، ويقدم عروضاً سيئة، وها هو المدرب الفرنسي مستمر في مهمته. وكذلك هي حال يورغن كلوب مدرب بروسيا دورتموند متذيل ترتيب الدوري الألماني، والذي كان في السنوات الأخيرة من نخبة الفرق الأوروبية، وعلى رغم ذلك ما زال في منصبه ويعمل على تغيير الوضعية.
بالتأكيد المدرب يغيّر وجه وصورة الفريق أحياناً، لكن أن تصبح موضة يروّج لها هذا أمر مرفوض، فأول من أمس خرج البعض للقول إن مدرب شباب الساحل جمال طه على طريق الإقالة، وهذا ما نفاه رئيس النادي سمير دبوق.
والبعض الآخر يتحدث عن أسماء، قد تسقط مع ريح النتائج المقبلة، وهنا يقع اللوم على العقلية المتخلفة لدى بعض الأندية، والتي تجد الحلّ الوحيد، بتغيير المدرب، لكن أن تأتي على تغيير المظهر ويبقى الجوهر كما هو، فالأمر لن يسير كما ترى أنديتنا اللبنانية، فعملية التحضير والإشراف على اللاعبين والتعرف إليهم، تحتاج إلى وقت ولن يستطيع القادم الجديد تغيير الموازين بين ليلة وضحاها، فنحن بشر ولسنا سحرة كي نغيّر المعالم، وننهض بالفريق بسرعة البرق.
اختتاماً، رأينا كيف تعاملت إدارة التضامن صور مع مدربها محمد زهير، والذي كان في المركز الأخير بنقطة واحدة، لكن النادي صبر عليه، وتكاتفت الجهود داخل النادي، لحلّ الأزمة ومنعها من الخروج إلى المستطيل الأخضر، أو لتطاول المدرب واللاعبين، وهكذا حقق التضامن فوزين وتعادلين جعلاه يترك مؤخرة الترتيب، ما يبين أن النادي لن يسقط إلى الدرجة الثانية، بخاصة في ظل امتلاكه عناصر جيدة.