حدود الاعترافات الغربية بالدولة الفلسطينية
حميدي العبدالله
توالت الاعترافات بالدولة الفلسطينية في الآونة الأخيرة، وجاءت هذه الاعترافات من دول تصنف في إطار معسكرين مختلفين، المعسكر الأول يضمّ بعض دول أميركا اللاتينية المناهضة للسياسات الاستعمارية وسياسات الهيمنة، سواء في فلسطين أو في أيّ مكان آخر في العالم، حيث تندرج اعترافات حكومات هذه الدول في إطار الدعم الواضح للشعب الفلسطيني في نضاله المشروع لاستعادة حقوقه كاملة، أيّ أنّ هذا الاعتراف ليس مشروطاً بأيّ شروط أخرى، بما في ذلك الاعتراف بسيطرة الكيان الصهيوني على الأرض الفلسطينية التي احتلت عام 1948، وعدم السماح للسكان الذين أرغموا على ترك بيوتهم وممتلكاتهم بالعودة إليها.
المعسكر الثاني يضمّ الدول الغربية، ويمكن تسجيل عدة ملاحظات حول الاعتراف بالدولة الفلسطينية من قبل جهات معينة في الدول الغربية.
الملاحظة الأولى، أنّ الاعتراف جاء من قبل السلطة التشريعية، أيّ من قبل البرلمانات، سواء البرلمان البريطاني أو الإسباني، أو الفرنسي، وباستثناء حكومة السويد التي اعترفت هي بالدولة الفلسطينية، فإنّ قرارات المجالس التشريعية في الدول الغربية الأخرى هي قرارات رمزية لا تلزم الحكومات في هذه الدول.
الملاحظة الثانية، أنّ الاعتراف بالدولة الفلسطينية، حتى من قبل البرلمانات في هذه الدول هو اعتراف مشروط، أيّ أنه اعتراف قائم على إبقاء الكيان الصهيوني احتلاله للأرض الفلسطينية التي احتلها عام 1948، وعدم مطالبة الكيان الصهيوني بتمكين سكان هذه المناطق من العودة إلى مدنهم وقراهم، وبالتالي هو اعتراف منقوص لجهة حقوق الفلسطينيين.
الملاحظة الثالثة، أنّ موجة الاعترافات الجديدة جاءت تحت ضغط الرأي العام في الدول الغربية، الذي أججته ممارسات الكيان الصهيوني التعسفية والعنصرية ضد الشعب الفلسطيني، ولا سيما مواصلة التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية والقدس والاعتداء على قطاع غزة وارتكاب المجازر، إضافة إلى التنكيل المستمرّ بسكان القدس والضفة الغربية عند كلّ حراك يقومون به رداً على ممارسات الاحتلال التعسفية، سواء تلك المرتبطة بالتوسع الاستيطاني، أو تلك المرتبطة بالاعتداء على سكان القدس والخليل ومدن أخرى في الضفة الغربية.
لا شك أنّ أهمّ ما في الاعترافات من قبل البرلمانات في بعض الدول الغربية، ليس الخطوة بذاتها التي تظلّ خطوة رمزية طالما أنها لا تلزم الحكومات في تلك الدول بالعمل بمقتضاها، بل موقف غالبية الرأي العام في هذه الدول من القضية الفلسطينية ومن ممارسات قوات الاحتلال، وهذا التحوّل يمكن الرهان عليه في المستقبل، لتغيير سياسات الحكومات الغربية المحابية للكيان الصهيوني.