خنيصر: ندعو أبناء شعبنا إلى الحوار والوحدة أما مع الأعداء المحتلين والإرهابيين فلا مهادنة ولا تهاون مرهج: لن يضلّ الطريق مَن استرشد بفكر سعاده ومواقفه

أحيت مديرية ضهور الشوير ـ عين السنديانة التابعة لمنفذية المتن الشمالي في الحزب السوري القومي الاجتماعي العيد الـ82 للتأسيس باحتفال نظّمته في مطعم «ضهور بلازا»، حضره العميد عصام حريق، ناموس مكتب رئاسة الحزب رندة بعقليني، المندوب السياسي لجبل لبنان الشمالي نجيب خنيصر، منفذ عام المتن الشمالي سمعان الخراط وأعضاء هيئة المنفذية ومدير وأعضاء هيئة مديرية الشوير.

كما حضر الوزير والنائب السابق بشارة مرهج، رئيس بلدية الشوير ـ عين السنديانة حبيب جوكا مجاعص، رئيسة جمعية نور مارلين حردان، ممثل التيار الوطني الحر عادل عون، مسؤول حزب البعث في جبل لبنان صالح بو صعب، ممثلون عن الأحزاب والقوى الوطنية في المنطقة، وفد من الدفاع المدني، رؤساء وأعضاء مجالس بلدية واختيارية وجمعيات أهلية وفاعليات اجتماعية وتربوية ورياضية.

استهلّ الاحتفال بالنشيدين اللبناني والسوري القومي الاجتماعي، ثم كانت كلمة تقديم وتعريف لنسرين عطايا أبو زيد قالت فيها: «التأسيس هو التعبير الأمثل عن الإيمان الذي ترجمه أنطون سعاده إلى واقع، وأراد من خلاله أن يتحوّل هذا الإيمان إلى قوة فاعلة تنتفض على أفكار بالية مكبّلة بأصفاد الطائفية والمذهبية والكيانية، وتنتقل بالأمة من حالة التفرقة والتفتيت والشرذمة إلى الحالة القومية الموحدة التي تنهض بالمجتمع وترسي تقدمه على نابضة بالحياة».

مديرية الشوير

وألقت كلمة مديرية الشوير بيرلا حاطوم واستهلتها بالقول: «نجتمع اليوم في الشوير، في محراب النهضة السورية القومية الاجتماعية، حاضنة العرزال، بلدة العز، بلدة الرمز، قلعة العنفوان ومعقل الأحرار، حيث في ظلّ كلّ صنوبرة من صنوبراتها ووراء كلّ صخرة من صخورها وفي كلّ شارع من شوارعها حكاية عزّ ووقفة بطولة وأسطورة مقاوم أبى أن تدنّس أرضه فانطلق إلى الجبهة ليحرّر الأرض ويحميها، مردّداً لن تكوني لسوانا، يا شرايين دمانا، سوريانا، سوريانا».

ورأت حاطوم ألّا خلاص لأمتنا إلا بمشروع النهضة، مشروع الحزب السوري القومي الاجتماعي، مشروع محاربة الطائفية ومكافحة الفساد وتطبيق العدالة الاجتماعية، ومقاومة الاحتلال اليهودي، هكذا تنتصر بلادنا، وهكذا ننتصر بشعبنا، وهكذا سيبقى إيماننا أن ليس لنا من عدو يقاتلنا في ديننا وأرضنا وحقنا إلا اليهود.

وختمت قائلة: «ليكن عيد التأسيس فعل إرادة ووقفة حياة، ولنكن قوميين كما أرادنا سعاده، ولنعمل بهدي تعاليمه، ولنكن أوفياء لدماء شهداء الحزب والأمة، من خلال نضالنا المنتظم في إطار المؤسسة الحزبية، حتى يكون مثمراً ومنتجاً وصولاً إلى تحقيق أهدافنا السامية والنبيلة».

مرهج

وألقى مرهج كلمة بالمناسبة قال فيها: «هذا العيد الذي يتجدّد كلما انتمت إلى صفوفه شابة تتطلع إلى المستقبل بأمل، وكلما وقف مناضل فيه يتصدّى لأشباح التعصّب والعنف والغلوّ، وكلما انتفض فيه صديق رافعاً راية النهضة والوحدة القومية، وكلما استعاد أمناؤه ذكرى الانطلاقة وسط ظروف الانتداب الفرنسي وقهره وريائه، وكلما ارتقى منه شهيد يدافع عن أهله وأرضه ومبادئه، وكلما مشينا على دروب العرزال الذي احتضن مشهد النظرة العميقة والموقف المسؤول لفتى أغرّ رفض الاستبداد والخنوع والاستعمار، فتطلع إلى ذرى صنين، وأخذ على نفسه عهد الوفاء لشعبه وقضيته وأمته، مناضلاً في سبيل حقها المهدور في ميادين البيع والشراء… في سبيل حريتها المصادرة من قبل الاستعمار والإقطاع والملتحقين بهما من ضعاف النفوس… في سبيل بيادرها التي زوّدت أهل الشرق والغرب… في سبيل جمالها الذي علاه الغبار جراء الإهمال والاستهتار والاستنزاف… في سبيل وجودها وعزتها وكرامتها…».

وأضاف مرهج: «الحياة بالنسبة إليه موقف إيجابي وعمل دؤوب وسعي مستمر وخطوات تتصاعد على طريق العطاء، حتى تتلاقى جداول الخير وتتكامل بوقفات الصمود والعزّ ومبادرات الشهداء، فيزهر شهر الحصاد ويعلو صوت النهضة ممزقاً غياهب السكون والطغيان، متحوّلاً إلى تيار جارف يهز النفوس ويحفّز الهمم ويزيل من أمامه جدران التفرقة والهوان، ويسقط من حوله مباني رطبة عشّشت فيها خفافيش الليل، تيار جارف يصاحب الثورة والضياء، ينزل برداً وسلاماً على فتية وفتيات أضنى عليهم الدهر وأطبق عليهم الكهف، فخرجوا وأطفالهم لرؤية الشمس تبدّد الظلمة، تطرد لصوص الهيكل، تزلزل أعمدة الاستبداد، تردع عصابات المستغلين المتلاعبين بقوت الشعب وأمواله وغذائه وطرقاته وإدارته وموارده، المتاجرين بحقوقه، المزوّرين إرادته، المتكبّرين على أبنائه، الأذلاء أمام أعدائه».

وقال مرهج: «لقد أدرك المفكر والمناضل أنطون سعاده ابن الشوير البارّ أنّ العبء كبير، وأن المسؤولية عظيمة وأن لا مجال للسكوت على الاحتلال والمساومة على القضايا الكبرى التي تمسّ الوجود والمصير، فوهب نفسه للأمة على طريق محفوفة بالمخاطر لا هوادة فيه ولا تراجع، طالباً من حزبه أن يكون قدوة في التصدّي لجحافل الغزاة، وموقعاً للفكر الحر، ومثلاً في التعامل مع الناس من منطلق الأخلاق والعطاء، وميداناً للتلاقي والوحدة، وإرادة لا تلين في وجه الانقسام العرقي أو التمييز الديني أو التعصب المذهبي.

وفي نضاله العنيد من أجل الأهداف النبيلة التي وقف لها نفسه لم يقبل بمجد زائف أو مال طارف، وإنما تطلع برفقة المناقب وصحبة القيم إلى خدمة شعبه وإعلاء شأن أمته وتحرير إرادتها وأرضها من ظلم الاحتلال ورعونة الاستغلال، كان من أهل الرسالة، اختار في سبيل القضية المسالك الوعرة التي تفضي إلى حصاد عظيم بدلاً من مباهج الحياة التي تفضي إلى الأنانية والخيبة.

وبعد التأسيس الصعب والنضال المضني واختتام المسيرة بالاستشهاد، أرى اليوم وجهه الباسم ينظر باطمئنان إلى عمارة حزبه ومدرسته، إذ يرى في مدارهما فتية يتحمّلون المسؤولية القومية، ويعتنقون المبادئ الإنسانية، يقاومون الجهل والجاهلية والانحطاط، يتصدّون لكلّ أشكال الجمود والصنمية وعبادة الشخصية التي تناقض قيم الحياة السامية وحركتها الصاعدة إلى العلاء، فالسياسة بالنسبة له لم تكن شأناً منفصلاً عن المبادئ، وإنما كانت تجسيداً لها وترجمة عملية لمضمونها، لذلك كانت حياته مليئة بالجهاد وعنواناً للتضحية من مرحلة الانطلاق إلى لحظة الاستشهاد، فقد عاش حياته زاهداً بالمال، مفطوراً على الودّ، مترفعاً عن المناصب، متمسكاً بالمبادئ، محترماً للخصومة، مقبلاً على الحوار، مطوّراً للأفكار، متنسّكاً في المطالب، عنيداً في الحق، مُصرّاً على العطاء وصولاً إلى الشهادة.

لكلّ ذلك لن يضلّ الطريق من استلهم أفكاره واسترشد بمواقفه. ولن تتعذّر عليه معاينة الرؤية الصحيحة وسلوك الطريق القويم والتمييز بين الغث والثمين، ولن يصعب عليه الاختيار بين المقاومة والخنوع، أو بين الاعتدال والتطرف، أو بين الوحدة والانقسام، أو بين التطور والتحجر، أو بين الاستقرار والفوضى، أو بين العمل والقعود، أو بين البناء والتخريب، أو بين جيش يستشهد أبناؤه من أجل الوطن والشعب وبين الخارجين على القانون من مدّعي التديّن الممسكين بأعناق المخطوفين المستحضرين للعصبية الدينية والممارسات الوحشية المتنكرين لمبادئ الدين الحنيف الذي يرفض الإثم والعدوان ويرفض أن تزر وازرة وزر أخرى.

من استلهم واسترشد بمواقفه، لن يصعب عليه اكتشاف أهمية الالتزام بمساندة الجيشين اللبناني والسوري في مسيرتهما الصعبة التي تفرض التنسيق بينهما لمواجهة الغلوّ والعنف والجهل والإرهاب على طريق الأمن والاستقرار واحترام حرية الإنسان وكرامته.

ومن استلهم أفكاره واسترشد بمواقفه لن يصعب عليه اكتشاف أهمية الالتزام بالقضية الفلسطينية وحق شعبها في الوجود حراً على أرضه الحرة وفي كنف دولة حرة يرتفع بنيانها على أنقاض كيان غاصب ونظام عنصري متعصب يعتقد انه من خلال القمع والإرهاب والتهويد يستطيع لوي عنق التاريخ وتغيير مسيرة الحياة».

وختم مرهج قائلاً: «إن عظمة التأسيس أن يبقى حياً فينا، وأن نبقى أحياء في فضائه الفسيح مهما طال المسار ومهما برز من صعاب».

كلمة الحزب

وألقى كلمة الحزب، المندوب السياسي لجبل لبنان الشمالي نجيب خنيصر وفيها قال: «إنه عيد التأسيس… نعم ولكن ما التأسيس ومعناه ودوره؟

التأسيس ينبوع تفجر عام 1932 في التربة المعطاء، وما زال يسقي العطاشى حتى اليوم، هو ثقافة حياة ونهج حياة، حركة نضال وحالة عزّ، خدمة شعب أراده الزعيم أنطون سعاده أمة جديدة، ترفل بالكرامة والسيادة والحرية القومية والبحبوحة الجماعية، لذلك علّم أننا ننتصر بالشعب لا عليه، ونتفانى لإعزازه لا لإذلاله، كل ذلك بعقلية أخلاقية جديدة هي أثمن ما يقدمه الحزب السوري القومي الاجتماعي للأمة، لحاضرها وغدها وأجيالها المتعاقبة، وأنتم، أنتم يا أبناء المتن، يا أيها الأوفياء، أنتم مستقبل الأمة وأنتم عزها ونصرها».

وأضاف: «بعض شعبنا أساء فهمنا لفترة طويلة، بعامل التربية الانتدابية والتضليل الإعلامي، والمخططات الكبرى المرسومة في الخارج المعادي لأمتنا وللمنطقة بأسرها. لكن شعبنا بغالبيته الساحقة، وباستثناء قلة مكابرة، قد أدرك حاجة بلادنا إلى الفكر النهضوي والعمل النهضوي، وهذا الشعب أضحى يعلم من كان المدافع الحقيقي عن استقلال لبنان، منذ المواجهة مع الفرنسيين المحتلين عام 1943، إلى المواجهة مع العدو الصهيوني منذ ما قبل إعلان كيانه الغاصب حتى اليوم، بدليل شهادة الدم التي أداها سعيد فخر الدين وحسين البنا وخالد علوان وسناء محيدلي ومحمد عواد، وقوافل الشهداء التي ما توقفت ولن تتوقف، لأنّ لوقفة العزّ أثماناً باهظة ترخص إزاءها أجسادنا لأنّ قضيتنا أغلى، وكرامتنا أوْلى، فسواء فهمونا أم أساؤوا فهمنا فإننا نعمل للحياة ولن نتخلى عنها أبداً».

وتابع خنيصر قائلاً: «نحن لا نعتبر أيّ فئة من شعبنا معادية، مهما ظلمت، لأنّ أهل تلك الفئة هم أبناؤنا وبناتنا، ولذلك ما دعوْنا سوى إلى الحوار وما شددنا إلا على الوحدة الداخلية والسلم الأهلي والأمن والاستقرار… نعم لدينا مواقفنا الثابتة في السياسة، في الشؤون الوطنية والقومية، في الثلاثية الواجبة الشعب والجيش والمقاومة، فتحية من قلب المتن النابض عنفواناً وأصالة ووطنية، تحية من الشوير بلدة العز إلى شعبنا الوفي وجيشنا الباسل ومقاومتنا الأبية، نعم، لدينا مواقفنا الثابتة أيضاً في إدراك الخطر الصهيوني والتصدي الشامل له فكراً وميداناً، تاريخاً وجغرافيا، إعلاماً وحرباً نفسية، احتلالاً واستيطاناً، تطبيعاً ومشروعاً سرطانياً. هذه المواقف نعتز باتخاذها وممارستها لأنها مرتبطة بأهلنا، بمجتمعنا، بمفهومنا للدولة والمجتمع والوطن، وإذا كان الوضع القائم في لبنان قد فرض التمديد القسري للمجلس النيابي، فإنّ حزبنا يدعو إلى إجراء الاستحقاق الرئاسي في أقرب وقت ممكن، ضبطاً لوضع المؤسسات، وتصحيحاً للخلل القائم في هيكلية الدولة اللبنانية، وفي استحقاقاتها السياسية والإدارية والاقتصادية والأمنية والدستورية.

أما الإرهاب الذي يضرب البشر والحجر، الدين والدولة، الأمن والاقتصاد، الأجساد والنفوس، والذي تمتدّ ناره من العراق إلى الشام إلى لبنان، إلى القيم الإنسانية، إلى تهديد الوجود الأخلاقي للإنسان، والمعاني السامية للرسالات الدينية، فلا حياد إزاءه، ولا مهادنة ولا تهاون، وإلا وقع المحذور والمحظور، ومتى ألغى شعبنا حواضن الإرهاب من كلّ تموضعاته، فإنّ ذلك سيسرّع في تطويقه وإنهاكه ودحره وإنهائه».

وختم خنيصر: «من الشوير عرزالاً وقصوراً، علماء وأدباء، وطنيين وقوميين… من الإطلالة الحانية على العاصمة، من الشموخ الذي يظلل القمم، من عبق الصنوبر، والجو الصافي، والبيئة الراقية، من الترفع، والتسامح والبطولة والفروسية، من نفحات صنين إلى وداعة الوديان نجتمع وإياكم لإحياء العيد الذي لم يكن يوماً في التاريخ بقدر ما كان فعلاً فيه وكتابة له، بمسيرة التضحية والثبات والتخطي، أما الآلام فتغلبها الآمال، وأما العثرات التي تعتري كلّ كائن حيّ فيعقبها النهوض المتجدّد حتى نستقرّ على قمة سرعان ما تتراءى فوقها قمم جديدة. قال سعاده: إن الحزب السوري القومي الاجتماعي ليس مطية للرغائب الخصوصية، إنه حركة جهادية لا امتياز فيها إلا بالعمل والحرب في سبيل القضية القومية المقدسة».

وتخلل الاحتفال مجموعة قصائد للشاعر القومي سليم علاء الدين.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى