45 ألف رسالة لنورمن ميلر
على امتداد نحو ثلاثين عاماً، كتب نورمن ميلر أكثر من ثلاثين رواية وكتاباً، غير أنه لم يكن أغزر إنتاجاً مما كان عليه في رسائله، إذ كتب هذا العظيم أكثر من 45 ألف رسالة تضم نحو عشرين مليون كلمة ، معظمها ذو طبيعة شخصية، وكان يحتفظ بنسخة من كل رسالة كتبها.
تصدر اليوم مختارات من أفضل هذه الرسائل في كتاب واحد يغطي نحو سبعين عاماً وحيوات عديدة عاشها ميلر. وترسم الرسائل المختارة صورة سيرية مذهلة لأحد أعظم مثقفي القرن العشرين وأشهرهم على الإطلاق.
اختار هذه الرسائل وجمعها مايكل لينون، كاتب سيرة نورمن ميلر الذي حرص على أن تغطي الرسائل حياة صاحب «إنجيل الابن» بين عامي 1940 و 2007، ويتضمن الكتاب رسائل منه إلى عائلته وأصدقائه وكتاب آخرين بينهم ترومان كابوتي وجيمس بولدون، وفيليب روث، وسول بيلو، وخورخي لويس بورخس ، وشخصيات سياسية بينها هنري كيسنجر وهيلاري وبيل كلينتن وفيدل كاسترو، إلى أيقونات من مثل جون لينون ومارلون براندو وحتى مونيكا لوينسكي.
يكتب نورمن الطالب الجامعي في هارفرد إلى والديه عن قبول أعماله الأدبية من المجلات والجرائد، قائلاً إن الأمر «تمَّ غاية في اليسر والسهولة». ويكتب نورمن الجندي وهو يواجه قسوة الحرب التي ستكون موضوعاً لروايته الأولى «العاري والميت» : «يدهشني الآن كم هي عادية الحياة اليومية هنا، وكم أن الأمر كله غير رهيب»، أو يقول لزوجته الأولى من موقعه في الفلبين أثناء الحرب العالمية الثانية وكان في عمر الثانية والعشرين: «اليوم أعطوني رشاشاً، وصار طفلك الصغير مسلحاً مثقلاً بالسلاح». ويكتب إلى وليم ستايرن قائلاً: «سأكتب كل يوم، وشأن «زوجة الحظ» سأكون كمن يأتمن على نفسه عموداً من الملح إن أنا نظرت ورائي».
سواءً وهو يتأمل اغتيال كينيدي، أو يقوّم الكتّاب من فتزجيرالد إلى بروست، أو يهدّد وليم ستايرن بالضرب، فإن نورمن ميلر يعود فعلياً إلى الحياة بعد سبع سنين من رحيله من خلال هذه الرسائل التي تكشف عن وجوهه العديدة مرة أخرى مفعمة بالحياة. وجوه الناشط والعاشق والمقاتل والشخصية العامة والكاتب، قبلاً وما بعد.