في خندق الأعداء والصمت العربي…

جمال العفلق

لم يكن علينا الانتظار طويلاً لنقرأ ونسمع ردود الأفعال على العدوان «الإسرائيلي» الأخير على سورية، وبين الصمت العربي ومقالات نشرتها صحف معادية للشعب السوري وبيانات ما يسمى معارضة، نجد الإجابة الشافية عن سبب الغارات ومكانها وزمانها.

فالمواقع التي ذكرتها وسائل الإعلام السورية تبين أنّ هدف «إسرائيل» هو مخازن تعتقد أنّ سلاح كسر التوازن موجود فيها أو سيصل إليها، وهذا بالتأكيد يعتمد على وجود جواسيس وهم كثر الآن ومنتشرون على طول وعرض الأراضي السورية لخدمة «إسرائيل»، ومنهم من يخدمها علناً لا سرّاً، أمثال «جبهة النصرة» و«داعش» وبعض كتائب «الجيش الحر» في الجنوب والتي تتلقى الدعم من الكيان الصهيوني.

وما بيان ما يسمى معارضة اسطنبول على لسان رئيس الائتلاف السوري هادي البحرة الذي دان العدوان، إلا صورة من صور النفاق السياسي والكذب على الذات وعلى الشعب السوري باستغلال آلامه ودمه. فالائتلاف المزعوم طالما رحّب بالتعاون مع الكيان الغاصب وأرسل في السرّ والعلن رسائل الغزل السياسي التي تنتهي بالإذعان لمطالب الصهيونية واعتبار «إسرائيل» دولة جارة!

إنّ التنسيق الواضح مع العدو والمراهقة السياسية التي يمارسها أعضاء تلك المعارضة، لا يقدمان ولا يؤخران، وكأنهم يريدون منّا نسيان جرائم أربع سنوات في حقّ الشعب السوري ومقدراته، وكأنّ هادي البحرة ومن معه يريدون من الشعب نسيان عمليات المرتزقة القذرة في حقّ الجيش السوري من عملية اغتيال الطيارين ومهاجمة مواقع الدفاع الجوي، إلى مهاجمة نقاط الرصد وتدمير طرق الإمداد وإشغال الجيش السوري بمعارك عبر استجرار آلاف المرتزقة من شتى دول العالم، بحجة أنهم يقاتلون النظام.

فكيف تدين هذه الجماعات التي تحارب الوطن وتجلس في خندق الأعداء، ما يقوم به حليفها وممولها الصهيوني، وكيف تطلب منا أن نصدق أنها صادقة النية تجاه الوطن؟

إنّ الإجابة عن هذه الأسئلة ليست بالأمر الصعب، لكن يجب أن توضع في الإطار الصحيح وخصوصاً بعد أن خرجت أقلام الصحافة الصفراء المتهكمة على الجيش السوري، مطالبة إياه بالردّ إذا كان فعلاً جيش ممانعة، ولسان حالها يقول: لعلّ هذا الكلام يستفزّ الدولة السورية فتقوم بردّ فعل يبرّر إشعال حرب، هي قائمة في الأساس ولكن من خلال جنود مرتزقة لـ«إسرائيل»، وإذا اشتعلت تلك الحرب فإنّ أميركا ستكون جاهزة ومعها العرب الذين تحدث عنهم كيري، لإنشاء تحالف مع «إسرائيل» لمحاربة الإرهاب، على حدّ زعمه، وقد نسي هؤلاء أو تناسوا أنّ كلّ انتصار للجيش السوري على «داعش» أو «النصرة» هو في حقيقة الأمر ضرب لـ«إسرائيل» وهزيمة لأميركا، وأنّ القضاء على العصابات التكفيرية هو ضرب للجناح الدموي والوجه الآخر للجيش الصهيوني.

ولكي لا نخوض كثيراً في التحليل العسكري، فإننا ندرك اليوم أهمية الإبقاء على المعركة وفق الإيقاع المناسب لسورية وليس وفق ما يريده الأعداء . فالردّ على الكيان الصهيوني ممكن وقابل للتنفيذ في أي وقت، لكن لا يجب أن يكون وفق توقيته هو، بل وفق الأهداف الاستراتيجية والمستقبلية لسورية، فهي ليست مستعدة للدخول في حرب شاملة من أجل الحرب فقط، فتحقق ما يتمناه بعض العرب ذيول الصهيونية.

الشعب السوري والمقاومة في عين العاصفة وحدهم، وما يسمّى جامعة الدول العربية، ومعها الدول العربية، ما هي إلا خناجر مسمومة جاهزة لطعنهما في أي لحظة وهي تفعل ذلك منذ أربع سنوات، وإن اختلفت الأدوار، لكنّ حلفاء الصهيونية تناسوا بقصد أو غير قصد أنّ أي حرب قادمة ستعيد المنطقة مئة عام إلى الوراء، غير منتبهين إلى أنهم لم يكونوا موجودين لا هم ولا «إسرائيل» منذ مئة عام، بينما كانت سورية ولا تزال وستبقى موجودة .

نعم إنهم في خندق الأعداء ولا يزالون، وحلمهم بإنشاء جيش سورية الجنوبي على غرار تجربة جيش لبنان الجنوبي، سينتهي قريباً بعد تحرير حلب وقطع يد «داعش» و«النصرة». وإذا كانت الوطنية أن تسلم وطنك وأبناء شعبك للموت، فما هي الخيانة إذاً؟

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى