معرض بيروت العربي الدولي للكتاب يختتم فعالياته… قطاع يزدهر على رغم الأزمات
اختتم معرض بيروت العربي الدولي للكتاب فعالياته لهذه السنة، وطوى صفحة ثامنةً وخمسين، ليستعدّ للسنة المقبلة بكل زخمٍ وازدهار، على رغم ما يحيط لبنان من اهتزازات أمنية، وعلى رغم ما يشهده من أزمات أمنية واقتصادية أيضاً.
وإذ أشرنا في تغطية سابقة إلى أنّ الأطفال كانوا أيقونة الثقافة في هذا المعرض، من خلال الدفق الطلابي الذي شهده، ومن خلال غزارة كتب الأطفال ونوعيتها، وكثافة النشاطات المتوجّهة إلى الأطفال، فإنّ القيّمين على المعرض، أكّدوا أنّ أدب الأطفال يأخذ حيّزاً مهماً في المعرض وفي الحراك الثقافي اللبناني عموماً، ما يدلّ على نهضةٍ يشهدها هذا القطاع.
وبالعودة إلى فعاليات اليوم الأخير في المعرض، وكعادتها، استقبلت «دار أصالة» عدداً كبيراً من الأطفال والتلامذة، لا سيما طلاب مدرسة البنات الرسمية ـ المصيطبة، وطلاب مدرسة الليسيه الفرنسية ـ نهر ابراهيم، ليصغوا إلى الحكايات والقصص المنوّعة التي رواها لهم الحكواتي أحمد طي.
ندوات
ونظّمت «دار التكوين» ندوة حول روايتَيْ «س»، و«ليلى والثلج ولودميلا»، للكاتبة الأردنية كفى الزعبي، شارك فيها الكاتب اسكندر حبش والدكتورة فاتن المر، وقدّمتها ربى عطية، بحضور حشد من المهتمين والمثقفين.
واعتبر حبش في مداخلته أن «الرواية الكبيرة، هي تلك الرواية التي لا تنغلق أبداً داخل حدود مسقط رأسها. بل تلك التي تأخذ القارئ في رحلة جديدة. هنا يكمن سؤال الأدب برمّته، فهو حين ينتقل بنا، يكون عندئذٍ قد انتقل من الجيوسياسة إلى الجيوأدب. وهذا الأخير هو ما يفتح المناطق المحررة المتعذر تخفيضها. بهذا المعنى تأتي رواية الكاتبة الأردنية كفى الزعبي «ليلى والثلج ولودميلا» لتكتب تاريخاً شخصياً في ارتباطه بالتاريخ العام. ولا نبالغ لو قلنا إنها من تلك الروايات الملحمية التي لم نعد نجدها كثيراً في غالبية الروايات التي تكتب اليوم، أكان ذلك في العالم العربي أو في الغرب، وكأنها بذلك تستعيد كتابة ترغب في رسم صورة لعالم بكل ما يحمله من تنوّعات فضاءات سياسية وتاريخية وحتى جغرافية».
وأشارت المر في مستهلّ مداخلتها إلى أنه يتبادر الى ذهننا لدى قراءة رواية «س» السؤال التالي: أهي رواية نسوية أخرى تضاف إلى تراث غنيّ من الكتابات التي تتمحور حول وضع المرأة والظلم اللاحق بها من جرّاء تخلف البيئة التي تعيش فيها؟… لكن رواية «س» تأتينا صفعة مدوية: هذا الواقع هنا، قريب منّا، يحاصرنا، وهو قادر على التمدّد ليطاولنا، لا جدران ولا ثقافة ولا قوانين تقينا هجومه الساحق. ولا أدلّ على حتمية هذا الهجوم من التبدّل الذي يلحق المكان في الرواية، إذ يتحول الشارع من حول «س» إلى صحراء للدلالة على تصحّر العقل العربي من جراء التطرّف الديني الذي يتبعه مباشرة تخلف اجتماعي… المرأة الضعيفة المستضعفة، فهي لا تبحث في الرواية عن إجابات اجتماعية أو ثقافية عامة، هي لا تكاد تنجح في معرفة كنه الأزمة الوجودية التي تمر بها وتحديداً، أزمة الهوية.
واعتبرت المرّ أن الرواية بمجملها مبنية على التقنية التي يسميها الناقد جيرار جونات «METALEPSE» والتي تقوم على تدخل الكاتب في حياة شخصياته، كأنه يقفز من دائرة العام الواقعي الذي يعيش فيه إلى دائرة القصة، فيقف في موازاة الشخصيات ينظر إليها كأنها موجودة في عالمه، يشير إليها بوصفها شخصيات حقيقية لا متخيلة. والكاتبة في الرواية لا تتخفّى وراء رواية متخيلة، بل تظهر لنا في يومياتها بين الطبخ والخروج مع الأصدقاء، وفي وصفها شعور الغرابة الذي اعتراها فجأة مع أن شيئاً حولها لم يتغير.
وفي الختام، قرأت الكاتبة الزعبي بضعة مقاطع من روايتها.
ونظّمت «شركة المطبوعات للتوزيع والنشر» ندوة حول كتاب «التلفزة المعاصرة» للمؤلف اسماعيل الأمين، شارك فيها الأكاديمي الدكتور عماد بشير، الدكتور جمال واكيم، الدكتورة رولا أبو شقرا، الإعلامية فاطمة عواضة، وقدّمها الدكتور غسان مراد، وذلك بحضور حشد من المهتمين والمثقفين.
استهل مراد مداخلته بالإشارة إلى أنه من خلال قراءتنا كتاب «التلفزة المعاصرة» نجد أنفسنا وكأننا في صدد قراءة كتاب ما زال في مرحلة الكتابة المتواصلة، فالمعلومات ما زالت جارية، فهو كتاب فيه ما يُشبه الـ«updating» المتواصل ص 89 ، بالأخص عندما يتحدث عن بعض الاعلاميين الذين رفضوا مقابلة السياسيين في هذه المرحلة، واقتباسه بعض المقاطع من مقالات صدرت منذ فترة وجيزة جدّاً، لا نعرف في أيّ وقت أضاف هذه الاقتباسات إلى كتابه، لدرجة أنه من الممكن التخيّل أننا سنقرأ اقتباساً أو رأياً من مقال سيكتب لاحقاً».
وختم: «الكتاب في حدّ ذاته غني بالايضاحات النظرية التي تتماشى مع الواقع الاعلامي التلفزيوني، فهو وصف فعلي للواقع الاعلامي المتلفز. أخيراً، يُعرف اسماعيل الأمين التلفزة بأنها عبارة عن خليط معقد من الفن والتكنولوجيا والصحافة ص94 ، أعتقد إذاً إنها مهنة صعبة تتطلب الكثير من المهارات والمعرفة، والكتب، ولهذا كان هذا الكتاب».
واعتبر الدكتور بشير أن هذا الكتاب يجمع بين الأكاديميا والمهنة، قلّما نجد أكاديميين ينقلون أكاديميتهم بهذه البراعة، خصوصاً لأنه من الشائع أن الإكاديمية لا تعني المهنية، هناك محاولة للكاتب من التخفيف من سلطة الإعلام سواء أكانت سلطة رابعة أو مربعة ولكنها ناقصة. فعلى ما أعتقد إن السلطة هي سلطة متربعة تدير حكومات وأنظمة لا بل تدير العالم .
فكل مؤسسة ناجحة لها علاقة بالإعلام لذلك هذه المؤسسات تسمى أمبرطوريات إعلامية.
وأشار واكيم إلى أن أهمية الكتاب تكمن في كمية الخطأ الإعلامي، إذ يعيد تقويم الإعوجاج وتعريف الناس إلى أسس النظرية والقواعد للعمل التلفزيوني، فهو الجزء الثالث من سلسلة كتب تتكلم عن الإعلام الذي يستكمل فيه ما غفل عنه في الكتابين السابقين، إنّ هذا الكتاب أعاد تبويب بعض الأقسام الأساسية في الجزءين من حيث المقابلة التلفزيونية ـ التحقيق التلفزيوني المصداقية ـ الموضوعية .
واعتبرت أبو شقرا أنّ الأسئلة التي تطرح، هي حول مفهوم رئيس عنون به الكاتب كتابه، ألا وهو مفهوم السلطة الرابعة. وهو المفهوم الذي كنت أتمنى أن يستكمل الكاتب العمل عليه من بداية الكتاب إلى نهايته، ففيه يحضر معنى التدريب وحدوده في مجتمعات تمارس هذه الحرفة على النحو الذي تعرفونه.
وأضافت: «يمثل مفهوم السلطة الرابعة جزءاً من مفهوم أوسع هو مفهوم السلطة وهو مفهوم معقد كتبت الكثير من الأبحاث حولها في ميادين مختلفة من العلوم الانسانية سواء في علم السياسة أو علم الاجتماع السياسي أو علم النفس أو علم الاقتصاد…».
وأشارت إلى أنّ الكتاب أفرد صفحاته لقضية الموضوعية، فصّل فيه معلومات هامة حول معنى الموضوعية في الممارسة الصحافية والاعلامية ولعل من أبرزها أن الحيادية تُسيء إلى خدمة الجمهور لأنها تعجز عن الوصول إلى الحقيقة. وهذه فكرة تعكس جدلاً حول المعنى في الموضوعية وهل يتطابق مع الحياد؟ إنّه جدل انتقل إلى الصحافة والإعلام من عالم العلوم الانسانية في الأصل، بحيث كانت قضية الموضوعية ولا تزال إشكالية مطروحة على أيّ بحث يتناول البشر وقضاياهم.
واعتبرت عواضة في مستهل كلمتها أن تكون حرة في السلطة الرابعة، هذا ليس بالأمر السهل، فكيف إذا اجتمعت هذه السلطة مع كاتب الكتاب الذي نحن بصدده، عندئذٍ يصبح الامتحان مزدوجاً… لقد استطاع الدكتور اسماعيل ببساطة لغته أن يقرّب مهنة المتاعب كما نسميها من أي قارئ أو باحث أو عامل فيها، عبر تفصيل آليات العمل التلفزيوني، وطرائقه بأسلوب سهل جدّاً، فنجح الكتاب في أن يكون زاداً لمن يريد أن يتعرف إلى الصحافة التلفزيونية».
وأضافت: «الاسلوب السهل كان سمة الكتاب قبل أي أمر آخر، ذلك أن طريقة الكتابة التي تبتعد عن فهم القارئ أو التي تتوجه بعلوّ صيغتها عن أيّ فهم عادي، تُسقِط أحد أهداف الكتابة، وهو وصولها إلى الشريحة الأكبر من المجتمع. فكيف إذا كنا نتحدث عن وسيلة تنبع أهميتها من كونها أضحت في متناول الصغير والكبير معاً، الغني والفقير بالدرجة نفسها، وهي اقتربت بضمونها من ملامسة كل حدود الحياة».
حفلة عزف بيانو عالمية
وضمن إطار نشاطاته لهذه السنة، أقام النادي الثقافي العربي حفلة عزف على البيانو، أحياها الفنان مهتدي الحاج، وقدّمتها أسيمة دمشقية، بحضور حشد من المهتمين ومتذوّقي الفن والعزف.
وعرّفت دمشقية بالفنان مهتدي الحاج قائلةً: لبناني ولد في بيروت عام 1987 في دارة تلك العائلة العريقة التي لطالما اتّصفت بالعالم والفكر والفلسفة، وبالرقي وحب الموسيقى… داعب أصابع البيانو برشاقة أنامله الصغيرة… فعشقها وعشقه حدّ الثمالة، بدأ العزف في السادسة من عمره. وبتشجيع من أخويه الاكبر منه سناً ومن والديه أكمل الطريق، إلى أن وصل به المطاف إلى الجامعة الأنطونية حيث نال شهادة البكالوريوس بالعزف على آلة البيانو، فعاهدها على الإبداع والمضيّ بها نحو العالمية… التحق بالمعهد الوطن العالي للموسيقى الكونسرفتوار اللبناني، حيث وجد نفسه وتحدّاها، فعزف لكبار الموسيقيين العالميين بجدّية وثقة.
وأشارت إلى أن موسيقى الحاج كلاسيكية: منها بيتهوفن، شوبان وباخ ورحمانينوف، عزفها بجدارة ومن دون خوف. «ومن حظنا أن قادته شهرته إلينا لنحلق معه في عالمه عالم الكلاسكية والتلاقي الروحي والعظمة والابداع. ومن محاسن الصدف أن أمسيته مسك الختام، ختام معرض بيروت العربي الدولي للكتاب، ومسك ختام نشاطات النادي الثقافي العربي لهذه السنة».
ثمّ قدّم الفنان الحاج معزوفات متنوعة من الموسيقى الكلاسيكية.
تواقيع
وفي ما يلي، سلسلة من التواقيع شهدها اليوم الأخير في المعرض:
«صهيل صمتي» للكاتبة ليندا عبد الباقي النادي الثقافي العربي ، «غليان عطشى» للكاتب حسين نهاب النادي الثقافي العربي ، «إن أكثرهم للحق» للكاتبة فاديا المقترن النادي الثقافي العربي ، «قصيدة مريم» للشاعر مهدي منصور دار البنان ، رواية «س» للكاتبة كفى الزعبي دار التكوين ، «الأمنية الثالثة» للكاتب محمود الحبال دار العربية للعلوم ناشرون ، «الإصلاحات القانونية والسياسية في المملكة العربية السعودية» للكاتب جوزف كشيشيان رياض الريس للكتاب ، «الرأي العام بين الدعاية والإعلام» للعميد الركن د. علي عواد دار النهار والمركز الدولي للدراسات ، «بين قبلة وقبلة… شوق» للشاعر طوني الأميوني دار الفارابي .