فياض: لا حلّ لقضية المخطوفين إلا بتنسيق رسمي بين لبنان وسورية وفريق ما أفشل مهمّة إبراهيم
حاوره محمد حمية
اعتبر الكاتب والمحلّل السياسي الدكتور حبيب فياض أن «التصوّر اللبناني لأزمة الإرهاب ينحصر بملف المخطوفين، في مقابل رؤية لدى الإرهابيين تتخطى موضوع المقايضة بوجود مشروع إرهابي قائم على مستوى المنطقة، يراد له الامتداد داخل الأراضي اللبنانية».
ولفت فياض إلى «وجود فريق أفشل المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم في هذا الملف»، جازماً بأنه «لا يمكن حلّ قضية المخطوفين بلا تنسيق رسمي بين لبنان وسورية». وأوضح أن «حزب الله يمثل حالة تقاطع استراتيجية بين روسيا وإيران والنظام في سورية لمواجهة الإرهاب». لافتاً إلى أن «الحلّ السياسي في سورية ما زال بعيداً لأن الاستقرار لن يتمّ فيها إلا بعد خروج الإرهابيين».
وإذ اعتبر أن إيران حتى اللحظة انتصرت في المسألة النووية وأن الغرب لم ينهزم، أكد فياض أن «جلوس دول الـ 5 + 1 مع إيران أعطاها شرعية دولية». موضحاً أن «التفاهم الإيراني مع أميركا بالمفهوم السعودي هو انتزاع إيران لزعامتها على مستوى الخليج والمنطقة».
وفي ملف العسكريين المخطوفين أشار فياض إلى «أن الدخول القطري على خطّ المفاوضات في ملف العسكريين المخطوفين لم يكن محاولة جدية لإنهاء الأزمة، بل كان دخولاً مزدوجاً، بمعنى أنه كما للبنان مصلحة في استرجاع العسكريين توجد مصالح أيضاً للإرهابيين تؤخذ في الاعتبار من الجانب القطري».
وتساءل الكاتب والمحلّل السياسي: «ما علاقة قطر بالإرهابيين في جرود عرسال؟ وكيف فتحت قناة معهم منذ خطف العسكريين مع أن هؤلاء لا يفهمون إلا لغة قطع الرؤوس؟ لذلك ربما يكون الوسيط هو صديق وحليف لهؤلاء».
وعن تعامل الحكومة مع هذا الملف، لفت فياض إلى أن «التصوّر اللبناني للأزمة ينحصر بملف المخطوفين في مقابل رؤية لدى الإرهابيين تتخطّى موضوع المقايضة، وهناك مشروع إرهابي قائم على مستوى المنطقة يراد له الامتداد داخل الأراضي اللبنانية، وما مسألة المخطوفين إلا رأس جبل الجليد في هذا المشروع، والدور القطري وغير القطري بما يتضمّنه من تعقيدات لن يحلّ الأزمة، وإن تمّ إطلاق سراح العسكريين يبقى 3 آلاف مقاتل إرهابي موجود على الأراضي اللبنانية في جرود عرسال».
وأضاف فياض: «المانع أمام الدولة اللبنانية لضرب هؤلاء الإرهابيين ليس وجود عسكريين مخطوفين بأيديهم، بدليل أن وجودهم كان قبل خطف العسكريين»، متسائلاً: «من الذي سمح للإرهابيين بالخروج من عرسال وإخراج المخطوفين معهم بلا أدنى تصوّر لاستردادهم؟». وقال: «رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي سيدير حواراً بين حزب الله والمستقبل لا مصلحة له بانتقاد خلية الأزمة لو لم يطفح الكيل من تصرّفها».
وعن كلام النائب وليد جنبلاط أنه والرئيس بري مع المقايضة، أوضح فياض أن «الرئيس بري مع إجراء المقايضة وفق منطق الدولة ومصلحة لبنان ووفق تنازلات معقولة، لكن جنبلاط يريدها بلا شروط ومقاربته تتجاوز منطق الدولة». وأضاف: «إذا كان لدى جنبلاط حسابات معينة فهي ليست حسابات لبنانية وطنية بل حزبية فئوية ضيقة، ولن يصل بها إلى نتيجة مع الإرهابيين، لأنهم يتعاملون بمنطق التكفير نفسه مع لبنان والمخطوفين وأهاليهم».
وعن الانقسام داخل الحكومة بين مؤيد للمقايضة وتكليف الهيئة ورافض لذلك، قال: «لا أحد في لبنان ضد المقايضة واسترداد المخطوفين، ولكن نحن ضدّ التنازل للإرهابيين، وهناك من يعتبر أن الجيش يخطئ لو ذهب إلى مواجهة هؤلاء الإرهابيين»، متسائلاً: «لماذا بعد قتل الشهيد علي البزال سدّ الجيش منافذ الإرهابيين على الحدود، ولماذا لم يقم بذلك قبل شهر؟». داعياً إلى «تشكيل خلية للأزمة من أشخاص مخضرمين ولديهم القدرة على إدارة الأزمات فعلاً ولديهم خبرات أمنية وعسكرية ومختصّين بفهم العقل التكفيري والجماعات الإرهابية»، معتبراً أن «ما نشهده الآن في خلية الأزمة هو تخبّط في الأداء وتضارب في المعطيات، وتجب إدارة هذا الملف بعيداً من الإعلام وتحديد استراتيجية واضحة في التعامل، وأن تدير التواصل والتفاوض مع الإرهابيين شخصيةّ أمنية من مستوى المدير العام للأمن العام اللواء إبراهيم الذي أُفشل في مهمته، لأنه عندما كان يطرح تنفيذ أحكام إعدام بإرهابيين مدانين يجرى التعامل مع طرحه باستهجان».
وعن قرار الحكومة بين مبادرة «هيئة العلماء» والتنسيق مع سورية، اعتبر الكاتب والمحلّل السياسي أن «خيار مبادرة هيئة العلماء هو تمسّك الغريق بحبال الهواء»، مؤكداً أنه «لحساسيةٍ مذهبية، فريق 8 آذار لا يتدخل في هذا الموضوع وهو ليس جزءاً من خلية الأزمة وأي كلمة تفسر على أنها عرقلة للمقايضة».
وردّ على الانتقاد الذي يوجّه لحزب الله برفضه المقايضة على رغم أنه اعتمدها، بالقول: «الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أعلن أن الحزب مع مبدأ المقايضة، لكن البعض يريد إطلاق مقابل كل عسكري 50 إرهابياً وتنفيذ كل ما يطلبه الإرهابيون، وحزب الله أجرى مبادلة أسير مقابل إرهابيين، فلتبادل الدولة كل أسير لبناني مقابل خمسة إرهابيين». وأضاف: «ما زال فريق في لبنان يعتبر أن عداءه لحزب الله له الأولوية على عدائه للجماعات الإرهابية ويعمل على تقوية الإرهابيين، فبتصوّره أن ذلك يؤدي إلى إضعاف حزب الله وحلفائه، وأيضاً يطلب التواصل والتفاوض مع الإرهابيين في حين يتحفّظ على التواصل والحوار مع سورية».
وجزم فياض أنه «لا يمكن حلّ قضية المخطوفين بلا تنسيق رسمي بين لبنان وسورية، لسبب أن لائحة المطالب التي سيحملها أي وسيط ستتضمن سجناء في لبنان وسورية».
وعن البعد الأمني للكمين الإرهابي ضدّ الجيش في جرود رأس بعلبك، لفت فياض إلى أن «العلاقة بين «داعش» و«إسرائيل» عسكرياً ما زالت تخضع للتحليل، وإن تكن التسريبات تقول إن هناك علاقة بينهما، لكن العلاقة بين «النصرة» و«إسرائيل» باتت مكشوفة، وهذا العمل لا يمكن أن تقوم به «النصرة» من دون دعم جهة إقليمية قوية كـ»إسرائيل» موجودة على الأرض تسهّل لها القيام بعمليات إرهابية». وأضاف: «إذا صحّ ما قاله النائب سعد الحريري عن رفضه اعتقال زوجات الإرهابيين والذي ثبته وزير العدل أشرف ريفي بدفاعه عنهن، فهذا يعكس توجّهاً عاماً لدى هذا الفريق أن أزمته مع الإرهابيين هي أزمة العسكريين وإذا استُرِدوا فهو مستعد للاتفاق معهم ليستمروا في مقاتلة الجيش السوري».
وأوضح فياض أن «الواقع الأمني في عرسال فرض على تنظيمي «داعش» و«النصرة» التوحّد والشراكة على مستوى كل شيء، وهناك محاولة لإظهار أنه إذا كان «داعش» ورقة محروقة فإن النصرة هي البديل في انتشارها السني وتوازي حزب الله في الشارع الشيعي، كما أن حزب الله حركة مقاومة وليست إرهابية، في الوسط السني توجد النصرة وليست إرهابية، ولكن تحالفهما يساهم في تظهير المشهد الإرهابي للطرفين».
وعن الغارات «الإسرائيلية» على سورية، اعتبر فياض أنها «تكريس لحالة التحالف القائمة بين «إسرائيل» والمعارضة السورية، لأنهما محرجتان من إنجازات المقاومة والممانعة في المنطقة، و«إسرائيل» لن توفّر أي عمل من شأنه إحراج النظام في سورية وإعطاء امتياز للمعارضة وتوفير مؤن للهجوم على النظام الذي حافظ على موقعه من «إسرائيل»، وبقي ممانعاً ولم يذهب للاتفاقات المذلّة كما ذهب كثير من الأنظمة العربية».
وعن تصريح المبعوث الروسي ميخائيل بوغدانوف بأنه لن يطلب من حزب الله الانسحاب من سورية، أشار فياض إلى أن «حزب الله يمثّل حالة تقاطع استراتيجية بين روسيا وإيران والنظام في سورية لمواجهة الإرهاب، لذلك دخل إلى سورية بقرار منه وليس بقرار من محور المقاومة والممانعة».
وعن مبادرة الموفد الأممي ستيفان ديمستورا، قال: «الحلّ السياسي في سورية ما زال بعيداً لأن الأزمة في سورية لم تعد صراعاً بين فريقين نظام ومعارضة على قضايا داخلية، بل يوجد مغول وتتار زاحفون لاجتياح البلاد، وحتى لو أنجزت مصالحة بين الحكومة السورية والمعارضة المسلحة لن يتغيّر المشهد إلا بنسبة قليلة جداً لأن الاستقرار بسورية يتمّ بحالة واحدة، إذا قال أبو بكر البغدادي لـ«داعش» اخرجوا من سورية».
وقال فياض: «ما يحصل في سورية والعراق وسيناء وليبيا واليمن فوضى خلاقة يجرى توظيفها باتجاه أهداف محدّدة أهمها تكريس شرعية إسرائيل»، لافتاً إلى أن «إدارة الرئيس باراك أوباما قبل أن تترك السلطة سوف تبحث بشكلٍ من الأشكال عن إعادة إحياء مسار التفاوض السلمي بين السلطة الفلسطينية والجانب «الإسرائيلي»، لأنه إذا لم يُصر إلى توظيف نتائج ما يحصل في سورية والعراق في الخانة الفلسطينية على مستوى التفاوض، فإن كل الجهد الأميركي سيذهب سدى».
وعن قراءته لنتائج المفاوضات الإيرانية مع الغرب حول النووي شدّد على أن «إيران حتى اللحظة انتصرت في المسألة النووية والغرب حتى اللحظة لم ينهزم، فعلى رغم كل الضغوط التي مورست على إيران للتراجع عن حقّها في الحصول على الطاقة النووية لم تنجح، وجلوس دول الـ5 +1 مع إيران أعطاها شرعية دولية، وما تحقّق حتى الآن هو من الجانب الأميركي على حساب دول الخليج ولكن من الجانب الإيراني لا، لأن إيران لن تأخذ من الحصّة الخليجية».
وأضاف فياض: «لن نرى أفقاً للعلاقات الإيرانية ـ السعودية قبل أن تنتهي مسألة الملف النووي، فإذا انتهت على تفاهم إيجابي سوف تسوء العلاقات الإيرانية ـ السعودية، وأما إذا انتهت سلبياً من الممكن أن تتحسّن العلاقات لأن كل هم السعودية أن لا يتم التفاهم، لأن التفاهم الإيراني مع أميركا بالمفهوم السعودي هو انتزاع إيران لزعامتها على مستوى الخليج والمنطقة».
وعن حوار حزب الله وتيار المستقبل اعتبر أنه «شكلي ولن يؤدّي إلى أية تغييرات جوهرية في المشهد اللبناني، وهو يملأ فراغاً في الوقت المستقطع بانتظار الاستحقاقات الكبرى»، مستبعداً أن «يصل إلى حلّ للاستحقاق الرئاسي».
يبثّ هذا الحوار كاملاً اليوم الساعة الخامسة مساءً ويعاد بثه عند الحادية عشرة ليلاً على قناة «توب نيوز»، تردد 12034