صورة المرأة السوريّة في الدراما موضوع ورشة عمل في دمشق

أطلقت مؤسسة «أحفاد عشتار» مشروعها الثقافي الاجتماعي خلال فعالية عنوانها «صرخة عشتار صرخة وطن» في ثقافي كفرسوسة في دمشق، حول المرأة باعتبارها قاطرة التغيير ونقطة الانطلاق في أي انتاج ثقافي جديد للمجتمع السوري. وتضمن برنامج الفعالية عدة محاور تنوعت بين ورش عمل تناولت صورة المرأة السورية في الدراما والإعلام والبيئة التشريعية للمرأة السورية وتطوير ظروف المرأة في سورية على جميع المستويات، والعمل لتأهيل المعوقين والأطفال المشردين لدمجهم في المجتمع. كما تضمنت كلمات وندوة مفتوحة وعرضا سينمائيا لفيلم «مريم».

الدكتورة أيسر ميداني «رئيسة المؤسسة، تحدثت في كلمتها عن أهداف مؤسسة «أحفاد عشتار» التي استمدت اسمها من رمز سوري قديم، دلالة على العلاقة ما بين الرمز والاستمرار داخل المجتمع السوري. وتتمثل هذه الأهداف في ضمان دور المرأة في سائر مراحل بناء الثقافة الجديدة لمرحلة ما بعد الأزمة، وخلق بيئة جديدة لقضية المرأة، بعيداً عن الشعارات، وهي بيئة تشريعية تعمل على إيجاد تشريعات ضامنة لحقوق المرأة. وتعمل المؤسسة كذلك على دعم تمكين المرأة اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً وإرساء ثقافة مرتبطة بأن حرية الرجل هي من حرية المرأة، إضافة الى إزالة الفروق القانونية والاجتماعية بين الرجل والمرأة.

وشددت ميداني على ضرورة أن تكون صورة المرأة في الدراما السورية شامخة وأن يتم التركيز على الأمهات اللواتي يربين أبناءهن وبناتهن على حب الوطن والدفاع عنه، والتركيز أيضاً على أن معركتنا ليست معركة نساء فحسب بل هي معركة الرجل والمرأة التي يجب أن يخوضاها معاً لأجل سورية متطورة ومتجددة.

تؤكد ميداني أن التوصيات التي خرجت بها الورش ستُتابع ويُعمل عليها في مستويات عديدة، فعلى المستوى القانوني يجب العمل على توعية الناس بالتعاون مع أعضاء مجلس الشعب وإيصال المطالب الى الوزارات المختصة، كذلك زيادة الوعي لدى النساء لتحصيل حقوقهن من خلال دورات تدريبية ومحاضرات، والاتفاق مع الفنانين والموسيقيين لزيارة مراكز الإيواء وإقامة نشاطاتهم فيها، مؤكدة أن الجميع معنيّ بإعادة بناء سورية وترميم النفوس التي عانت ويلات الأزمة، خاصة المرأة التي تعرضت للاستغلال والعنف الجنسي، كذلك الطفل الذي فقد ذويه.

دارت إحدى ورشات عمل الفعالية حول صورة المرأة السورية في الدراما والإعلام بحضور عدد من نجوم الدراما والمهتمين، وناقشت عدة محاور أبرزها: كيف بدت صورة المرأة السورية في الدراما عشية الأزمة؟ وكيف استُخدمت الشخصية الدرامية للمرأة لترويج المنتج الدرامي؟ وهل أدى ظهور دراما البيئة إلى رسم صورة ذهنية للمرأة السورية؟ وكيف أثر الشرط الإنتاجي على صورة المرأة السورية؟ وخرجت الورشة بتوصيات تؤكد أن الدراما بما تحويه من صورة للمرأة هي إحدى الصناعات الأساسية في سورية، والمرأة هي من أهم الأيقونات المستهدفة في الصراع الدائر لاستهداف الهوية السورية، لذا فإن صورتها في الدراما تحتاج إلى حماية وغطاء من الدولة، كما أن الحل الإبداعي يمكن أن ينطلق من تغيير التوجه إلى أسواق مختلفة.

يقول الموسيقي طاهر مامللي: «إن أهمية الورشة من كونها تجمع مختلف الآراء وتركز على نقاط مهمة كأهمية العمل الجماعي الذي نفتقده»، مشدداً على «ضرورة تكريس مفهوم ورش العمل، فمجرد انعقاد الورشة يعتبر بداية موفقة والطموح هو تحقيق وتنفيذ التوصيات التي خرجت بها وضرورة إبلاغها إلى أصحاب القرار، وإن كان الوصول الى نتائج يتم على مراحل فسيأتي من يكمل ما بدأنا به، فما قمنا به يعتبر عملاً تشجيعياً للآخرين، معتبراً أن العمل على أرض الواقع لتحقيق التوصيات منوط بالعمل الجاد، وسط انعدام الثقة بالأقوال والشعارات الإعلامية والورشة بحد ذاتها نتيجة فعلية تستدعي التفاؤل.

لا يفصل الفنان مامللي المرأة عن المجتمع «فالمرأة هي أول مدرسة اجتماعية لكونها الزوجة والأم. والأخت اذن هي المجتمع، والكل مسؤول، والكل مطالب بترميم النفوس، والقضية كبيرة جداً ولا تستطيع المرأة وحدها القيام بها. المطلوب تضافر الجهود، فما حصل أكبر بكثير من أن يرممه طرف واحد».

من ناحيته، يرى الفنان مصطفى الخاني «أن ولادة مؤسسة كافة بتضافر جهود نساء سوريات يحاولن وسط الصعوبات التي يعانيها المجتمع السوري بناء المرأة السورية التي تعتبر عمود المجتمع وتسليط الضوء على معاناتها «حالة صحية وأمر مهم»، مؤكداً «ضرورة تقديم المرأة والإنسان السوري عامة بالصورة الحقيقية في الأعمال الدرامية»، معتبراً «أن ما تم في الورشة هو عمل بنّاء، ولكي يعطي نتيجة يجب العمل على نحو متكامل مع المؤسسات كوزارات التربية والثقافة والتعليم العالي ورجال الدين، ليكون العمل متكاملاً ويوصل الى النتيجة المطلوبة، لكن لو بقينا نعمل وحدنا كدراميين وعمل كل قطاع لوحده فلن نستطيع الوصول الى نتيجة بل يجب العمل على نحو متكامل لوضع حد لمعاناة المرأة خاصة والإنسان السوري عامة»، مضيفاً: ركزت في مداخلتي على أنني مع العدالة بين المرأة والرجل وليس المساواة بينهما، فمن الظلم المطالبة بالمساواة نظراً إلى اختلافهما فيزيولوجيا. أنا مع التكامل والعدالة بين الطرفين».

لاستكمال عناصر فاعلية «صرخة عشتار» التي قدمتها الإعلامية إلهام سلطان عرض فيلم «مريم» للمخرج باسل الخطيب، وهو روائي طويل يحكي عن ثلاثة مفاصل في تاريخ سورية على نحو متداخل، ضمن رؤية سينمائية تؤرخ لحياة ثلاث سيدات ينتمين إلى ثلاثة أجيال زمنية مختلفة وتجمع بينهن الأرض السورية والتفاصيل اليومية، كما يجمع بينهن اسم واحد هو مريم.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى