من أنت ومن أنا في الحبّ؟
قالت له: أتحبني؟ إلى أيّ مدى؟ فقال: إلى الحدّ الذي تتحوّل فيه عثراتك إلى تجارب وخبرات، وأخطاؤك إلى محاولات نبيلة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وانفعالات الغضب إلى حق مشروع بإثبات الرأي وشجاعة في قول الموقف. وتتحوّل محاولاتي للإيضاح إلى اعتداء صارخ بلا مبرّر، وتعبيري عن الضيق من الغضب الجامح إلى تقييد لحرّية الرأي، وانتقادي الأخطاء إلى تعجرف بلا صفة.
فقالت: لكنني أحبك إلى الحدّ الذي أحبّ فيه الصمت لأتأمل وجهك وأمسك يديك ولا أرتكب أيّاً من حماقاتي البريئة، بقبلة أو لمسة أو همسة، لأقول لك كم أنت جميل في حياتي، وكم أنا مضطرة لأكون بعيدة عنك.
فقال لها: الحب كاصطدام قطارين متعاكسَيْ الاتجاه. ومضة تكفي طاقتها لصهر الحديد، فلا تخافي على الحب من نفسك، بل تحسّبي على نفسك من الحبّ. أما أنا فقد جلست في قاعة الانتظار وأنت في صالون الشرف، وبيننا صفوف من المراسم تمنع حتى التقاء العينين. فهل تحاولين اكتشاف الفرق بين الذاكرة والعين وتعطيني أحدهما؟ لأن الجمع مستحيل.
فقالت: أهبك عينيّ وأسرق ذاكرتك. وقطعت تذكرة الذهاب إلى ديار بعيدة.