الموقف الإيراني يعزز ترشيح عون: الرئاسة لبنانية… مسيحية فضيحة العبث السياسي في قضية العسكريين تهز الحكومة… والحوار اليوم
كتب المحرر السياسي:
زيارة رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني إلى لبنان تخطت التوقعات، حول توظيفها لحساب مشاورات سرية مع الحلفاء ولقاءات بروتوكولية مع المسؤولين، لتظهر الرسائل التي أراد لاريجاني توجيهها من بيروت باتجاهات متعدّدة، فبين إيران وروسيا حلف استراتيجي وليس مجرّد علاقة استراتيجية، والحلف متفاهم على عقد «موسكو -1» لجمع الحكومة والمعارضة السوريتين، ضمن فهم مشترك مع القيادة السورية للحلّ السياسي، ولا صحة لوجود تفاهم إيراني ـ أميركي في الحرب على الإرهاب، فواشنطن تستعرض ولا تفعل مع حلفائها ما يغيّر، ومن يزرع الإرهاب لا يستطيع إنهاءه لمجرّد أنه بدّل مواقفه الطفولية، إيران متفقة مع روسيا وسورية على مفهوم موحّد للحرب على الإرهاب، وإيران تفصل بين الملفات وهي تتقدّم بواقعية نحو التفاهم على ملفها النووي، بمباركة ودعم من حلفائها، ومن دون التورّط في حسابات أميركية مراهقة لكيفية حلّ مشاكل المنطقة.
بالتوازي كانت رمزية الحضور والإشارات الواضحة من لاريجاني نحو تطبيع بدأ ويستمرّ مع حركة حماس التي تقدّمت حضور الوفد الفلسطيني الذي التقاه، وتوسط اسمها اسمي حزب الله وحركة الجهاد في استعراضه لقوى المقاومة وموقعها المحوري في رسم مستقبل الصراعات الكبرى في المنطقة.
في الرئاسة اللبنانية، بدت مداخلات لاريجاني تثبيتاً لدرع الترشيح للعماد ميشال عون، ضمن مفهوم أنّ الرئاسة شأن اللبنانيين والمسيحيين منهم خصوصاً، وإيران ليست طرفاً في المساعي الدولية التي يقدّمها أصحابها كمساع مشتركة مع إيران، عندما تحاول هذه المساعي نزع الدور المسيحي من يد قياداته الفاعلة في اختيار منصب الرئاسة الذي يعنيها أولاً، في إشارة بدت واضحة موجهة نحو زيارة المبعوث الفرنسي جان فرنسوا جيرو.
وبينما كان اللبنانيون ينصرفون إلى قراءة ما بين سطور الزيارة وما قيل فيها وعنها وخلالها، كانت الحكومة تحت أنظار كبار الزوار خلال أسبوع تعيش لحظات الحرج قريباً من الانفجار، فمنذ زيارة المبعوث الفرنسي وبعده نائب وزير خارجية روسيا ميخائيل بوغدانوف ورئيس وزراء فرنسا السابق فرنسوا فيون ورئيس مجلس الشيوخ الإيطالي بيترو غراسو وأخيراً رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني، ورئيس الحكومة تمام سلام يعرب أمام معاونيه من الوزراء والمستشارين عن شعوره بحالة من الخجل بسبب فضيحة السلوك الحكومي إلى حدّ شعوره بالقرف والاستياء الشديدين، تجاه ما تعيشه قضية العسكريين المخطوفين من عبث وتجارة رخيصة لحسابات ضيقة تشعرانه بالضيق وهو على رأس الحكومة يقف عاجزاً عن وقف هذا العبث، حتى وصل الأمر به حدّ التفكير الجدي بالاعتكاف وسحب يده من الملف لولا خشيته أن يؤثر ذلك على حياة العسكريين.
مع كلام سلام كان العبث يصل حداً فاضحاً أكثر، عندما أعلن الوزير أشرف ريفي رداّ على نفي سلام علمه بتفويض أحد كوسيط للتفاوض، فأكد ريفي التفويض الذي تشارك فيه مع الوزير وائل أبو فاعور، بينما دارت حرب وسطاء مصدرها التفكك الحكومي والبازار المفتوح، ليكون بدء الحوار بين تيار المستقبل وحزب الله على مستوى قيادي رفيع اليوم إشارة يتيمة تصل بإيجابية نحو اللبنانيين.
بين تحريك ملف العسكريين المخطوفين بنقل الوسطاء «غير الرسميين» رسائل من الخاطفين إلى الحكومة، من جهة، وانطلاق الحوار بين حزب الله وتيار المستقبل السادسة مساء اليوم في عين التينة، جاءت زيارة رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني لبنان، طافحة بالرسائل البالغة الدلالة باتجاه لبنان والإقليم، مركزة في روحيتها على الحلول السياسية للأزمات حتى في مواجهة الإرهاب.
على المستوى اللبناني، ومن عين التينة عوّل لاريجاني على «وعي النخب السياسية اللبنانية» على حل مختلف المشكلات، معتبراً «أن الحوار من شأنه تقريب وجهات النظر».
وأعرب لاريجاني عن اعتقاده أن «جميع القوى المؤمنة بفكرة المقاومة والممانعة ستركز على التصدي للكيان الإسرائيلي ومواجهة ظاهرة الإرهاب والتكفير المتفشي بهذه المنطقة، وهذان الأمران وجهان لعملة واحدة»، مؤكداً أنه «ينبغي اللجوء للوسائل السياسية أيضاً لمواجهة هذه الأمور، وهذا ما نادينا به في سورية منذ بدء الأحداث لكنه للأسف لم توافق الكثير من الدول على هذا الأمر، ما أدى إلى استفحال المشكلات والأزمات، ولكن المشكلة الحقيقية تكمن في أنه تم السماح لهؤلاء المتطرفين أن يظهروا وبالتالي فلن تقدر الدول على استيعابهم بسهولة».
وفي محاضرة له في الجامعة اللبنانية في الحدث، أوضح لاريجاني «أن هناك منظمات فاعلة أكثر من بعض الدول، وهناك حزب الله تيار فاعل في الشرق الأوسط والمقاومة تعتبر رمزاً قوياً وكذلك حركة حماس والجهاد الإسلامي، فيما هناك تيارات إرهابية مدمرة مثل «داعش»، يجب عدم إغفالها».
وخلال مؤتمره الصحافي في فندق فينيسيا، أعلن لاريجاني رداً على سؤال لـ«البناء» أننا «نريد إيجاد حل يجعل الاستحقاق الرئاسي يبصر النور»، مؤكداً «دعم أي حل، ولكن القضية الأساسية، وما نريده هو أن تقوم الأقطاب السياسية بدورها في هذا المجال، وعلى المسيحيين في لبنان القيام بالجهد الأساسي في ملف الرئاسة». وأعلن «وجود بعض المشاورات التي جرت في هذا المجال وجرت معنا حول المسعى الفرنسي لحل مسألة الرئاسة».
من جهة أخرى، لفتت مصادر مطلعة لـ«البناء» إلى أنّ لاريجاني أكد «دور المقاومة المحوري والحاسم والشامل في عناوينها المختلفة اللبنانية والفلسطينية، كونها مقاومة ضدّ مشروع وليست مقاومة محصورة في حدود جغرافية أو سياسية»، مشيرة إلى «أن لاريجاني أراد التأكيد في هذا التوقيت البالغ الدقة محلياً وإقليمياً، أن حزب الله بات قوة اقليمية موثرة في رسم المعادلات الدولية»، مشيرة إلى «أن تأكيد دعم المشروع المقاوم المتخطي الحدود الجغرافية يعتبر في الشكل الذي تم فيه وعلى لسان مسؤول إيراني رفيع، له أهمية وانعكاسات على مسار الأحداث مستقبلاً». ولفتت المصادر إلى «انفتاح إيراني على القوى السياسية اللبنانية من دون استثناء، والقوى التي تلتقي مع المشروع المقاوم في الشرق الأوسط».
وتوقفت المصادر عند تأكيد لاريجاني مسؤولية المسيحيين الأولى في انتخاب الرئيس، وكأنه يرد في شكل غير مباشر على كل من يحمل إيران مسؤولية العرقلة». وأشارت إلى أن زيارة لاريجاني قطعت الطريق على المحاولة الفرنسية عقد صفقة خارجية تفرض رئيساً للبنان، فرد على الفرنسيين بوجوب احترام القرار السياسي اللبناني، بدءاً بالإجماع المسيحي، وصولاً إلى الإجماع الوطني.
وعلمت المصادر «أن لاريجاني بحث مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري في ملف النفط وتوافق الجانبان على أهمية دور المقاومة في حماية الثروة النفطية».
وكان لاريجاني التقى إضافة إلى بري كلاً من رئيس الحكومة تمام سلام، ونائبه وزير الدفاع سمير مقبل والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، وزار ضريح الشهيد عماد مغنية في روضة الشهيدين، وغادر لبنان مساء إلى العراق.
عيدية بري… الحوار
ووسط الأجواء الايجابية التي خلفتها زيارة لاريجاني، يفتتح الرئيس بري الحوار بين حزب الله وتيار المستقبل السادسة مساء اليوم في عين التينة والذي أراد انعقاده عشية الأعياد «كعيدية للبنانيين»، على ما قال.
وأكد بري في حديث تلفزيوني، «أن الحوار هو أكثر من ضرورة وكان يجب أن يحصل في الأمس لا أن يتأخر إلى اليوم».
ومن المقرر أن يضم وفد حزب الله: المعاون السياسي للأمين العام حسين الخليل، وزير الصناعة حسين الحاج حسن، عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله، أما وفد المستقبل فيضم: وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، عضو كتلة المستقبل النائب سمير الجسر ورئيس مكتب الرئيس سعد الحريري نادر الحريري، في حضور وزير المال علي حسن خليل.
وفيما سيركز النقاش على سبل تخفيف الاحتقان سياسياً وإعلامياً، سيتجنب المتحاورون في البداية الملفات الخلافية ولا سيما موضوع الاستحقاق الرئاسي الذي بحسب مصادر مطلعة فإنه في حال مقاربته سينضم إلى الحوار الأفرقاء المسيحيون المعنيون في هذا الملف.
تنافس الوسطاء في ملف المخطوفين
في موازاة ذلك، تحركت قضية العسكريين المخطوفين أيضاً وسط حماسة الوسيطين غير الرسميين نائب رئيس بلدية عرسال أحمد الفليطي والشيخ وسام المصري على السعي، كل من جانبه، لإحداث مفاجأة ايجابية في هذا الملف، علماً بأن كل جانب بدا في مواقفه منزعجاً من الآخر، مع اتفاقهما على تركيز جهودهما على تنظيم «داعش» وإهمال «جبهة النصرة» في هذه المرحلة.
وأمس نقل وزير الصحة وائل أبو فاعور إلى الرئيس سلام الرسالة التي كان الفليطي حملها من «داعش» والتي وصفها النائب وليد جنبلاط بأنها قد تكون مدخلاً للحل من دون إعطاء تفاصيل عن فحواها.
وفي الإطار، أكد الفليطي أنه نقل «طرحاً من جنبلاط إلى «داعش»، وحمل رداً من الأخير إلى جنبلاط، وأنتظر حالياً رد الحكومة أو المعنيين على الرسالة»، متمنياً نيل تفويض من الحكومة و»على أساسه نبني على الشيء مقتضاه».
في المقابل، أكد الشيخ المصري أنه ماض في وساطته، مذكراً أنه يحظى بدعم من خلية الأزمة ومن مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم، وقد تمكن من تخطي شوط كبير في القضية والتقى أمير «داعش» في القلمون وقابل العسكريين، و»هذا ما لم يستطع الفليطي تحقيقه» على حد تعبيره. ووعد بمفاجأة سارة في الملف قريباً إذا تجاوبت الحكومة.
وكان أهالي العسكريين التقوا وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي أكد أن «الدولة لن توقف محاولاتها من أجل إطلاق العسكريين»، ونقل عنه الأهالي موافقة مكونات الحكومة كلها على المقايضة من دون شروط، فيما رحبوا بأي مسعى لإطلاق أبنائهم وأولهم مسعى الفليطي». كما التقوا وزير العدل أشرف ريفي الذي أعلن أنه يبني «رهاناً كبيراً على الفليطي»، آملاً «أن تكون الأمور أفضل في الأيام المقبلة»، مشيراً إلى أن «هناك قناة تواصل مع «النصرة» ليس من مصلحتنا الكشف عنها».