المراهقة في خلية الأزمة مستمرة… والتفاوض مع أشباح إعلان المصالحة بين حزب الله و«المستقبل» أهمّ نتائج الحوار

كتب المحرر السياسي:

تابع رئيس مجلس الشورى الإيراني جولته على الحلفاء الشركاء مختتماً في العراق، حيث اللقاء الهامّ مع المرجع السيد علي السيستاني، لتأكيد ما يشبه تأكيداته في لبنان وسورية، والخلاصة كما رسمتها لـ«البناء» مصادر تواكب جولة لاريجاني، دعوة الشركاء الحلفاء إلى عدم التوهّم بوجود صفقات إقليمية ودولية تجعل إيران تساوم على ثوابت حلفائها، وشركائها، ولا على وحدة العراق أو قوة سورية وثبات مؤسساتها الدستورية، بدءاً من الرئاسة والجيش وصولاً إلى انتظام عملية ديمقراطية تشكل وحدها قاعدة الحلّ السياسي، انتهاء بلبنان حيث الرئاسة اللبنانية الموقع المسيحي المتقدّم في الشرق للمسيحيّين الذين باعهم الغرب لـ«داعش» و«النصرة» أملاً بإسقاط سورية، وصاروا بالنسبة إلى حلف المقاومة وعلى رأسه إيران قيمة مضافة لحماية التنوع الديني والتشارك في الحكم، لا يقبل المقايضة، ولذلك يبدأ وينتهي موقف إيران من الرئاسة اللبنانية بالدعوة إلى تفعيل حوار مسيحي ـ مسيحي ينتج تفاهمات تستطيع تسهيل مهمة المؤسسات الدستورية على إنتاج رئيس جديد، والمقاومة بنظر إيران أكبر من دول كثيرة في المنطقة، وليس في إيران من يرتضي جعل مصالحها ورؤيتها موضع مساومة.

تتابع المصادر، خلاصة رسالة لاريجاني بالقول إنّ الحرب على الإرهاب موضع حوار عالمي شاق وشائك ولم تتبلور نتائجه بعد وفي قلبه تنتج التسويات، وهي لم تبدأ بعد، والخلاف كبير بين من جاء بالإرهاب ويتوهّم قدرة خارقة لإنهائه وبين من يخوض معه حرباً مفتوحة منذ سنوات ويعرف أنّ الاستئصال صعب ومرهق ويحتاج صدق النوايا ورصد الإمكانات والجمع بين محاور المواجهة وتنسيق الجهود بواقعية تراعي الحقائق والأدوار، وهذا بصراحة متوافر بين إيران وروسيا وسورية والمقاومة، ولم يتقدم بعد جدياً مع أميركا وحلفائها، بخلاف الملفات المتفرّقة الهامة، كالملف النووي الذي يحقق الإنجازات ويقترب من خط النهاية، أو ملف التهدئة في سورية الذي يشهد اختبارات مع مبادرة موسكو السياسية ومبادرة المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا الأمنية، الذي يتقدم ببطء ويستحق العناية، وكذلك ملف الأزمة الأوكرانية الذي تشعر روسيا أنه في مرحلة من الإيجابية، بخلاف ملفات العقوبات وحروب الأسعار في سوق النفط، التي تشتعل ربما أكثر من الماضي.

تهيئة مناخات التهدئة مطلوبة والوقوع في أوهام التسويات القريبة خاطئ، هي الخلاصة التي قالها لاريجاني في بيروت ودمشق والنجف، ومنها يعتبر المراقبون القريبون من مناخ الحوار الذي انطلق أمس بين حزب الله وتيار المستقبل، أنّ إعلان المصالحة وتطبيع العلاقات هو أهمّ نتائجه، لما يوفره من مناخات تهدئة تحبط الاستثمار على الاحتقان المذهبي الذي يوفر البيئة الحاضنة للإرهاب، وتجربة العسكريين المخطوفين وكيفية إدارتها خير دليل على ذلك، حيث المراهقة الحكومية من ثمار التباعد بين حزب الله وتيار المستقبل.

مصدر متابع للحوار الذي جمع حزب الله وتيار المستقبل وصف لـ«البناء» المعادلة الجديدة بالقول، إنّ قضية العسكريين المخطوفين ستكون أول المستفيدين من الحوار وليست رئاسة الجمهورية.

انتهى اللقاء الحواري الأول بين حزب الله وتيار المستقبل في عين التينة أمس، إلى إعلان نيات للطرفين وتطمينات للحلفاء محدداً إطار البحث وسقفه والغاية منه، حيث أكد الطرفان استعدادهما «للبدء بحوار جاد ومسؤول حول مختلف القضايا»، باستثناء الملفات الخلافية.

وكان اللقاء استمر حوالى الثلاث ساعات ونصف الساعة برعاية وحضور رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وشارك فيه عن الحزب كل من المعاون السياسي للأمين العام الحاج حسين الخليل رئيساً، وعضوية وزير الصناعة حسين الحاج حسن والنائب حسن فضل الله. وعن «المستقبل» مدير مكتب الرئيس سعد الحريري نادر الحريري رئيساً، وعضوية وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق والنائب سمير الجسر، وبحضور عضو «كتلة التحرير والتنمية» وزير المال علي حسن خليل.

وبحسب البيان الصادر في نهاية اللقاء، فقد عرض بري في مستهله «لمخاطر المرحلة التي تمر بها المنطقة ولبنان، والتي تستوجب أعلى درجات الانتباه والمسؤولية في مقاربة القضايا المطروحة والحاجة لمساهمة كل القوى في تحصين وصيانة العلاقات الداخلية وتنقيتها بهدف حماية لبنان واستقراره وسلمه الأهلي والحفاظ على وحدة الموقف في مواجهة الأخطار لا سيما في ظل التصعيد المتمادي على مستوى المنطقة نحو تسعير الخطاب الطائفي والمذهبي».

وأكد الطرفان «حرصهما واستعدادهما للبدء بحوار جاد ومسؤول حول مختلف القضايا، وفي إطار تفهم كل طرف لموقف الطرف الآخر من بعض الملفات الخلافية، وعلى استكمال هذا الحوار بإيجابية بما يخدم تخفيف الاحتقان والتشنج الذي ينعكس على علاقات اللبنانيين مع بعضهم بعضاً وتنظيم الموقف من القضايا الخلافية وفتح أبواب التشاور والتعاون لتفعيل عمل المؤسسات والمساعدة على حل المشكلات التي تعيق انتظام الحياة السياسية».

وشدد المجتمعون على «أن هذه اللقاءات لا تهدف إلى تشكيل اصطفاف سياسي جديد على الساحة الداخلية، وليست في مواجهة أحد أو لمصادرة أو الضغط على موقف أي من القوى السياسية في الاستحقاقات الدستورية، بل هي من العوامل المساعدة لاتفاق اللبنانيين مع بعضهم بعضاً».

وفيما علم أن اللقاء الثاني سيكون في العام المقبل، أكدت مصادر مطلعة لـ«البناء» أن «الجلسة أمس كانت انطلاقة متأنية، لكن بخطوات واسعة»، لافتة إلى «أنه ليس سهلاً أن يعقد لقاء أول لنحو أربع ساعات».

وشددت المصادر على «أن الحوار نوع من تبريد الأجواء لمصلحة الطرفين، فحزب الله يمد يده للحوار منذ أكثر من ثلاث سنوات، في حين أن تيار المستقبل يرى في الحوار توطئة لمد جسور مع فريق لبناني أساسي يملك حق الفيتو في القرار اللبناني».

وشددت المصادر على أن الحوار لن يقود إلى مواقف متطابقة في كل الملفات، ولذلك فإنه سيفرز الملفات بين المتفق عليها ستكون مدار بحث ونقاش، وأخرى لن يتطرق إليها لأنها موضع خلاف كبير».

توتر في مجلس الوزراء وانزعاج سلام من الكتائب

وبينما خيم الهدوء على اجتماع عين التينة، ساد التوتر مجلس الوزراء على خلفية موضوع النفايات الصلبة، ما اضطر رئيس الحكومة تمام سلام إلى رفع الجلسة من دون بت الملف بسبب اعتراض «حزب الكتائب» وتحفظ الحزب التقدمي الاشتراك» على التمديد لمطمر الناعمة.

وأكد وزير العمل سجعان قزي لـ«البناء» أن اعتراض الكتائب على الملف لا يحمل أي أبعاد»، مشيراً إلى «أن دفتر الشروط الذي يتألف من 200 صفحة أرسل قبل 24 ساعة من الجلسة إلى الوزراء ولم نتمكن من الإطلاع عليه جيداً»، لافتاً إلى «أن ما قمنا به أننا طلبنا إرجاء البحث في الملف إلى الأسبوع المقبل لدراسة دفتر الشروط».

في المقابل، علمت «البناء» أن سلام مستاء من أداء وزراء الكتائب داخل الجلسة وعرقلتهم بعض الاقتراحات والملفات المطروحة على جدول الأعمال».

وكان وزير العمل السابق سليم جريصاتي أعلن بعد اجتماع تكتل التغيير والإصلاح الأسبوعي في الرابية برئاسة النائب ميشال عون «أن التكتّل درس ملف النفايات مع اخصائيين، وأنه يريد حلولاً عملية في هذا الخصوص»، معتبراً أن «الحلول التقنية والعلمية موجودة ومتوافرة ومتاحة إن سلمت النيات»، كاشفاً عن مشروع للمعالجة سيبصر النور قريباً في إحدى المناطق.

فتح الطريق في وسط بيروت

على خط آخر، وبعدما كان أهالي العسكريين المخطوفين لوحوا بتصعيد تحركهم في الشارع، قرروا بعد لقائهم الرئيس سلام في السراي مساء أمس، فتح الطريق في ساحة رياض الصلح كـ «عيدية للبنانيين». وأعلنوا «أن هذه المرحلة ستكون مرحلة صمت من قبلهم»، مشيرين إلى أنهم تلقوا تطمينات من سلام في قضية أبنائهم.

وفي السياق، أكدت مصادر مطلعة لـ«البناء» أن أجواء المفاوضات الجارية لإطلاق العسكريين إيجابية، مشيرة إلى «أن نائب رئيس بلدية عرسال أحمد الفليطي تبلغ من تنظيم «داعش» أجواء لا تبعث على القلق». وعزت سبب عدم تفاوض أحد مع «جبهة النصرة»، إلى أن الأخيرة في طريقها إلى الهزيمة أمام «داعش» في القلمون، وبالتالي فإن الملف سيكون في يد الدولة الإسلامية».

ورأت المصادر أن هناك اتجاهاً لحلحلة الملف وأن الأهالي تبلغوا من القوى السياسية التي التقوا بها موافقتها على المقايضة. وإذ أشارت المصادر إلى «أن الملف سحب نهائياً من هيئة علماء المسلمين ومن الشيخ وسام المصري، شددت على أن المفاوضات في المرحلة السابقة لم تكن جدية». وكان وفد من الأهالي التقى ضمن جولته على القيادات السياسية والروحية، كلاً من البطريرك الماروني بشارة الراعي ونائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم.

واعتبر الراعي خلال اللقاء أن كل الأثمان تسقط أمام قضية العسكريين المخطوفين، معلناً أنه سيبحث في هذا الموضوع مع الرئيس سلام خلال لقائهما في بكركي اليوم.

أما قاسم فأكد للوفد أن حزب الله كان منذ البداية مؤيداً للتفاوض المباشر أو غير المباشر، داعياً «مجلس الوزراء إلى أن يتحمل المسؤولية الكاملة من دون التنصل منها وعليه إيجاد السبل للتواصل مع الخاطفين وإيجاد الحلول المناسبة».

ووعد الأهالي بأن يبذل الحزب «أقصى جهد من داخل مجلس الوزراء للإفراج عن المخطوفين في أسرع وقت ممكن».

غرف إعدام في مطار بيروت

في غضون ذلك، انتقلت حملة السلامة الصحية والغذائية إلى مطار بيروت حيث كشف وزير الأشغال العامة والنقل غازي زعيتر ووزير الصحة وائل أبو فاعور عن مشاهد مقززة وغرف إعدام.

ولفت زعيتر بعد جولة مع أبو فاعور على عنابر الشحن وبرادات التخزين «أن بعض المواد منتهية الصلاحية منذ أكثر من 3 أو 4 سنوات»، مشدداً «على ضرورة أن يتحمل الجميع مسؤولياتهم».

وقال: «الوضع في برادات التخزين مرعب ورهيب وغير مقبول وهو خطر على صحة الإنسان»، مؤكداً «أن هذا المبنى يحتاج إلى صيانة وتأهيل، مضيفاً: «من خلال هذه الزيارة سنتخذ قرارات على صعيد الإدارة والمبنى بحد ذاته والبرادات والمستوردين والموردين»، وما رأيناه أن البرادات هي غرف إعدام».

وأشار أبو فاعور إلى أنه كلما توغل في ملف سلامة الغذاء، تأكد أن لبنان يقيم على جبل من الفساد، لافتاً إلى أن «منطقة الشحن وهيكلية المبنى غير مستوفية للشروط، وأن قسماً من المواد الغذائية محفوظة منذ عام 1995». وقال: «هناك بضائع معدة للتلف ومبعثرة وهناك خلط للأدوية مع المواد الغذائية»، مضيفاً «أن الأرضيات غير نظيفة والمواد الغذائية خارج البرادات، والزبدة في مرمى النفايات».

وتابع أبو فاعور: «الرائحة كريهة، وكأنك داخل مكب نفايات»، وقال: «أعاني من صداع رهيب، وذلك كله بسبب الرائحة الكريهة داخل المستودع وهذا الأمر غير مقبول».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى