هل هي أولى الشرارات في الاردن؟
روزانا رمّال
لا يبشر بالخير أبداً بالنسبة إلى الاردن والاردنيين ان يتمّ اختطاف طيار من طياريها المشاركين في الطلعات الجوية ضمن التحالف الدولي على الإرهاب الذي تقوده الولايات المتحدة، ووقوعه بيد «داعش» كما أعلن الأخير.
لم تطلق الحكومة الاردنية رسمياً اي تعليق بخصوص مصيره مباشرة بعد انتشار الخبر، سوى طلب مسؤوليها من الإعلام عدم تناقل كلّ ما يسيء الى الطيار المفقود او المختطف تحت طائلة المسؤولية.
تعرف الحكومة الاردنية جيداً انّ الاردن يحوي عدداً كبيراً من المؤيدين للحركات الاسلامية ولجماعة «الإخوان المسلمين» تحديداً، والتي قد تشكل في أي لحظة قنبلة موقوتة تستغلّ ايّ قضية لتنقضّ بها على الحكومة الحالية، وعلى حكم الملك عبدالله تحديداً.
اللافت انه وبعد انتشار الخبر في الاردن خرجت تعليقات ناشطين سياسيين تلوم الحكومة على دخولها الحرب على «داعش»، او بمعنى آخر انضمامها الى التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب، ووفق معظم التعليقات: «نحن لا دخل لنا بهذه الحرب».
هذا الكلام الذي فيه بعض من مزاج الشارع الاردني الذي يحوي عددا كبيراً من الاسلاميين يؤكد خطورة النسيج الاردني القابل للانفجار عند اي مناسبة، خصوصاً أنّ التقارير الأمنية أشارت الى وجود اكثر من 3000 مقاتل اردني موزعين بين «داعش» وغيره من الجماعات التكفيرية التي انضمّت الى القتال في سورية والعراق وبعض منها في ليبيا وهذا دقيق وخطير جداً.
سارعت الولايات المتحدة التي تقود الحرب الدولية الى استبعاد ان يكون الطيار الاردني قد سقط بيد «داعش»، وتبعتها الحكومة الاردنية التي تقول انه طالما لم يتمّ تحديد مكان الطيار والطائرة فإنها لا تستطيع ان تؤكد انه سقط بيد «داعش».
اذاً… تحاول الحكومة الاردنية بوضوح استبعاد «داعش»، او ربما تتمنى ذلك، لكي لا يتحوّل الملف الى مقدمة لأزمة كبيرة تطرق باب الاردن، ويصبح عندها السجال حول نجاعة خطوة الحكومة بانضمام الاردن الى التحالف الدولي من عدمه، وبالتالي فإنّ هذا الملف يدخل الدولة الاردنية في دوامة من غير المعروف كيف ستنتهي تداعياتها.
تنظيم «داعش» كان قد أعلن انه استخدم صاروخاً حرارياً لإسقاط الطائرة، ونشر التنظيم الذي يسيطر على مناطق في سورية والعراق على مواقع تكفيرية صوراً قال إنها للطيار الأسير تحيط به عناصر مسلحة، اضافة الى نشره بطاقة عسكرية قال إنها للطيار الاردني ويدعى معاذ الكساسبة.
ليست غريبة على «داعش» عمليات الاختطاف، لكن الغريب انّ «داعش» المتحرك استخبارياً يطرق باب الاردن اليوم من بابه العريض على الطريقة اللبنانية، التي اصبح ملف الرهائن العسكريين اول اهتمامات الحكومة والبلاد التي وقعت تحت رحمة الارهابيين، واستطاع «داعش» من خلال هذا الملف الضغط على الدولة اللبنانية وعلى قسم من الرأي العام، وإفشال مبادرات ومحاولات للتفاوض ليتبيّن انّ «داعش» أصلاً لا يريد اي مبادلة، انما يريد الضغط لنيل مكاسب.
فاذا كان الهدف اليوم بالنسبة لـ«داعش» الضغط على الاردن من اجل نيل مكاسب او المطالبة بخروج مقاتليه المحتجزين لدى السلطات الاردنية فهذا يعني انه يستخدم نفس الورقة التي استخدمها في لبنان لدخول اللبعة السياسية في الاردن، وهذا اكثر ما قد يقلق.
لا شيء يمنع ان يكون في الاردن من يريد لهذه الجماعات النائمة نفوذاً رسمياً وتنظيمياً، خصوصاً بعد الضغوط والخسائر التي تعرّض ويتعرض لها من الجانبين السوري والعراقي، ومن جهة حزب الله والجيش اللبناني على الحدود مع سورية، وضيق مساحة الحركة لوجستياً، وعليه فإنّ الساحة الأردنية حيث البيئة المتوفرة قد تكون بيئة خصبة بعد سلسلة الخسائر، فهل يدخل الاردن دوامة مقايضات او مبادلات تصبح شرارة وقوع الاردن في فخ استدراجها رسمياً الى مستنقع يخرج من داخله الارهاب ويتفشى بالداخل على حين غرة ضمن لعبة استخبارية محكمة؟
كلّ شيء ممكن.
«توب نيوز»