استعداداً للحوار… المعارضة السورية إلى القاهرة سرّ
سعد الله الخليل
حسمت سورية أمرها وأعلنت الموافقة على المشاركة في اللقاء التشاوري في موسكو، والذي يمهِّد لحوار سوري ـ سوري على طاولة مستديرة، يضع الأزمة السورية على مسار الحلّ السياسي.
ورغم أنّ التأكيد السوري لم يحمل في الشكل أي جديد، كون دمشق أعلنت أكثر من مرة استعدادها للحوار، إلا أنّ أهمية التحرك المتناغم السوري الروسي، تكمن في أنه يأتي بناءً على معطيات سياسية جسّدتها زيارة وزير الخارجية السوري وليد المعلم إلى روسيا الشهر الماضي، وأفرزت تحركات لنائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف الذي زار اسطنبول وبيروت ودمشق وعقد لقاءات مع معارضين سوريين، سبقها اجتماع بالسفير القطري في موسكو، وزيارة معاذ الخطيب الذي قدم نقطتين لإعادة إحياء العملية السياسية، تتمثلان في محاربة الإرهاب ومفاوضات سياسية تفضي إلى حوار واتفاق بين الحكومة السورية الشرعية والمعارضة. وما اعتراف الخطيب بشرعية الحكومة سوى اعتراف ضمني بشرعية الاتتخابات الرئاسية، ما يعني التنازل عن مطلب إسقاط النظام.
في المقلب الآخر، وعلى ضفة المعارضة أو بالأحرى المعارضات، فإنّ النفي المسبق لرئيس الائتلاف المعارض هادي البحرة وجود أي مبادرات روسية لحلّ الأزمة السورية، ليس سوى محاولة لإيقاف تلك المساعي، ما يتناغم مع تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حول استحالة دخول المعارضة السورية في أي حوار تقترحه موسكو.
ورغم نفي البحرة، إلا أنّ تأكيده السعي إلى مشاورات بين تيارات المعارضة السورية حول وثيقة موحّدة تحمل ملامح الحلّ السياسي للأزمة السورية حال الدخول في أي مباحثات قادمة، يكشف أنّ ما يدور في الكواليس، هو عكس المواقف المتشنجة التي يبديها البحرة.
ويشير إعلان وزير الخارجية المصري سامح شكري عن استضافة مصر لقاءً لأطراف المعارضة السورية، تمهيداً للحوار الذي سيعقد في موسكو قريباً، ولقاؤه وفد هيئة التنسيق المعارضة قبل أسبوع وإصرار الهيئة على إعلان موافقتها على الحوار من دون أي شروط مسبقة من القاهرة، إلى دور صاعد للديبلوماسية المصرية في الحراك السياسي الدولي لحلّ الأزمة السورية.
وما صعب على البحرة قوله لمرجعيته السعودية وإصراره على إمساك المملكة بالمعارضة السورية، كشف عنه هيثم المالح أحد أكبر صقور الائتلاف المعارض بإعلانه بحث مبادرة دي ميستورا مع المسؤولين المصريين، كذلك تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي التي أشارت إلى دور إيجابي وبناء للتوصل إلى حلّ سياسي للأزمة السورية.
وينبئ الحراك المصري الذي يحظى بموافقة ورضا روسيين، في ظلّ تطورات تشهدها الساحة الدولية، بقرب إيجاد حلّ للملفات العالقة كالنووي الإيراني والأزمات المفتعلة في أوكرانيا وانخفاض أسعار النفط، بعد أن فقدت أطراف إقليمية تأثيرها على الساحة السورية، لجهة الدفع باتجاه التصعيد والتفجير، وهو ما سحب ورقة المعارضة السورية من يد السعودية المتمسِّكة بخياراتها التصعيدية التي لم تعد تجدي نفعاً، ونقلها إلى اليد المصرية، وقطع الطريق أمام القوى الرافضة للحوار لطرح أي بدائل. ولعلّ إسقاط تنظيم «داعش» الطائرة الأردنية منذ أيام، خير دليل على انسداد الأفق أمام تلك القوى.
ربما يصعب التكهُّن بطبيعة اللقاء التشاوري المزمع عقده ومسارات الحوارات السوري السوري، إلا أنّ الثابت هو أنّ عام 2015 سيحمل ملامح الحلّ السياسي للأزمة السورية، وأنّ شعار المعارضة خلال العام الجديد سيكون «من الرياض درّ إلى القاهرة سرّ».