خروج الأردن يفتح الباب لأستراليا وبريطانيا وهولندا والإمارات لبنان ينتظر مفاجأة الـ48 ساعة المقبلة في قضية العسكريين
كتب المحرر السياسي :
فيما يخطو الجيش العراقي والجيش السوري بخطوات ثابتة نحو حصار «داعش» وضرب معاقله، والتقدّم نحو أوكاره، وخوض حرب الحسم، بدعم إيراني روسي كاملين، أصيبت واشنطن في عقر دارها، بتداعي التحالف الدولي الذي أنشأته تحت عنوان الحرب على «داعش»، مع تأكد المعلومات عن نتائج التفاوض الذي خاضته الحكومة الأردنية بواسطة مشايخ سلفيين مع قادة «داعش» لتحرير طيارها الأسير، وما أفضت إليه المفاوضات من تعهّد أردني بمغادرة التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن.
الخروج الأردني المفاجئ لجهة ما كشفه من هشاشة في بنية الدول التي تراهن واشنطن على تشكيلها جبهة حرب، كشف ما هو أخطر، فقد تسلّلت العدوى إلى دول كان النقاش قد بدأ فيها مع تعرّضها لتهديدات بالاستهداف، أو تعرّض رعاياها للذبح، أو القلق الذي تعيشه تجاه تجذّر التيارات التكفيرية في مجتمعاتها، فقد أكدت مصادر ديبلوماسية لـ»البناء» أنّ نقاشات حول انسحابات لاحقة تهدّد مصير التحالف مصدرها هولندا وبريطانيا وأستراليا والإمارات العربية المتحدة، التي سيضعها «داعش» على جدول أعماله بنتيجة جدوى الضغط الذي مارسه على الأردن وأثمر انسحاباً سريعاً من التحالف.
في المواجهة مع الإرهاب يسجَّل للبنان بنظر هذه المصادر الديبلوماسية تماسكه وثباته في المفاوضات أمام الضغوط التي يتعرّض لها، وقد دفع حياة خمسة من عسكرييه ثمناً لهذه المواجهة، ولديه ثلاثون أسيراً، ولم ينهزم ويستسلم كما حدث مع الأردن.
مصادر أمنية على صلة بالمفاوضات حول مصير العسكريين المخطوفين، قالت لـ»البناء» إنّ بعض ما يجري على سطح المسرح الأمني والقضائي، ويجري تأويله باتجاهات مختلفة، يخدم مساراً تفاوضياً بات متقدّماً، وربما يحمل مفاجأة إيجابية في الساعات الثماني والأربعين المقبلة التي تفصلنا عن نهاية العام.
مع اقتراب العام من نهايته، رحّلت كل الملفات السياسية إلى العام المقبل وبالتالي سيطر الجمود على الحراك السياسي، في حين بقي الهم الأمني هو الأبرز في قائمة اهتمام المسؤولين إضافة إلى ترقب نتائج الحوارات الثنائية بين حزب الله وتيار المستقبل والذي بدأ فعلياً، واللقاء المنتظر بين رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، العالق على الاتفاق على «البيان الختامي» للقاء مسبقاً.
المستقبل يرغب بتوسيع ملفات الحوار
في الأثناء، عكست أوساط تيار «المستقبل» رغبة الأخير في مناقشة ملفات خلافية على رغم استبعادها خلال إعلان رئيس المجلس النيابي نبيه بري جدول الحوار في الجلسة الأولى منه. ورأت الأوساط أن من المبكر الحكم على نتائج الحوار، معتبرة أن حزب الله لم يبد انفتاحاً بمناقشة الملفات من دون أن تحدد طبيعة هذه الملفات.
فرنجية مع المقايضة ولكن…
على صعيد قضية العسكريين المحتجزين لدى «جبهة النصرة» وتنظيم «داعش»، لم يطرأ جديد في شأن المفاوضات علماً بأنه كانت سرت أنباء عن إمكان إطلاق الخاطفين عدداً من العسكريين المحتجزين خلال الأعياد كبادرة حسن نية إلا أن ذلك لم يحصل حتى الآن.
وكان أهالي المخطوفين تابعوا جولاتهم على القيادات السياسية والروحية، فزار وفد منهم رئيس تيار المرده النائب سليمان فرنجية الذي أكد لهم «أنه مع المقايضة وغير المقايضة، وبأي ثمن يؤدي إلى نتيجة».
وفي السياق، أكد الوزير السابق يوسف سعادة لـ»البناء» «أن القبول بالمفاوضات يعني أن ثمناً سيدفع وفقاً للمقايضة، لكن كيف يتم ذلك وما هي الأسماء التي سيتم مقايضتها من دون أن تمس بهيبة الدولة، فهذا سيبحث في مجلس الوزراء».
من جهة أخرى، أعلن رئيس بلدية عرسال علي الحجيري، أن نائبه أحمد الفليطي التقى أمس المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم»، لافتاً إلى «أنه إذا أرادت الدولة حل القضية وحسمت أمرها، يمكن حل المسألة سريعاً. الخاطفون يطالبون بإطلاق النسوة وبعض المعتقلين في رومية».
في غضون ذلك، أشار رئيس الحكومة تمام سلام خلال حفل استقبال أقيم في السراي الحكومية بمناسبة الأعياد، إلى «غصّة نشعر بها بوجود عسكريين أبطال من أبنائنا محتجزين بين أيدي الإرهاب وما يتعرضون له من تهديد»، لافتاً إلى «أنّ هذا الموضوع أخذ الكثير من الكلام والتداخل والتدخل وذهب إلى أمكنة غير مفيدة»، مؤكداً «أننا لن نحتفل ولن نشعر بالارتياح إلا بتحرير هؤلاء العسكريين وإعادتهم إلى عائلاتهم مرفوعي الرؤوس».
والتقى سلام وفد نواب كتلة المستقبل في البقاع بحث معه الأوضاع العامة في بلدة عرسال وأثار معه موضوع الإجراءات الأمنية المشددة التي اتخذها الجيش أخيراً لحماية أهالي عرسال من تعديات المسلحين الإرهابيين.
وأمل النائب زياد القادري «أن يكون هناك توازن بين الإجراءات الأمنية التي يقوم بها الجيش بين البلدة وجردها وبين المصالح الحيوية لأبناء عرسال».
وفي السياق أكد النائب عاطف مجدلاني بعد زيارته مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان مع نواب بيروت في دار الفتوى، أنه «يجب على الأهالي أن يسمعوا صوت الجيش وأن الإجراءات التي يقوم بها هي لمصلحة أهالي عرسال قبل أي مواطن آخر».
إلا أن حركة الاحتجاج على هذه الإجراءات استمرت من قبل بعض الشبان العرساليين، فيما أشاع رئيس البلدية أن قيادة الجيش تراجعت عن قرارها بضرورة استحصال كل مواطن ينوي الانتقال إلى الجرود على تصريح من مديرية المخابرات، علماً بأن القيادة لم تصدر بياناً رسمياً عن هذا التراجع.
وشككت مصادر مطلعة لـ«البناء» في الحديث عن تراجع الجيش عن قرار التشدد اتجاه جرد عرسال، مشيرة إلى أن هذه الإجراءات تحمي أهالي عرسال وتريح المنطقة المحيطة، وتشكل نوعاً من أوراق القوة في المفاوضات بخصوص العسكريين الأسرى. وأشارت المعلومات إلى «أن تخفيف الإجراءات في حال حصل، سيتناول فقط المواطنين الذين لديهم مؤسسات خارج الطوق الأمني».
اشتباك بين الجيش ومتسللين في شبعا
إلى ذلك، استمرت محاولات الجماعات الإرهابية التسلل إلى الأراضي اللبنانية. وفي هذا السياق، أطلق الجيش النار على مجموعة مسلحة مؤلفة من 4 سوريين حاولت الدخول إلى بلدة شبعا ولم تمتثل لأوامره، ما أدى إلى إصابة مسلح نقل على الأثر إلى المستشفى واعتقل آخر، أما السوريان الآخران فقد فرا إلى جهة مجهولة.
من جهة أخرى، واصلت الأجهزة الأمنية ملاحقة الإرهابيين وتوقيفهم. وأمس، أوقف الجيش المدعو يوسف الغمراوي الذي شارك باعتداءات على الجيش بحوادث طرابلس الأخيرة وضبط كمية من الأسلحة.
وأوقفت شعبة المعلومات في الأمن العام في الشمال، فلسطينياً من آل الرفاعي، متهماً بنقل متفجرات إلى مخيم عين الحلوة. كما أوقفت شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي، بين أنفه وشكا، اللبناني ش.م. وهو من التبانة في طرابلس، بتهمة نقله أسلحة وذخيرة.