مؤشرات
نظام مارديني
لا يمكن قراءة الواقع الإقتصادي اللبناني بمعزل عن التحولات الإقليمية والدولية المتأزمة، وبحسب الخبراء فإن اقتصاد لبنان سيواجه 3 تحديات في عام 2015، العجز في الموازنة وأزمة النازحين السوريين والحفاظ على استقرار الليرة اللبنانية، مشيرين إلى أن إيجاد حلول عاجلة لها يتطلب تضافر جهود القطاع الحكومي مع القطاع الخاص حتى لا تتفاقم هذه التحديات وتشكل أزمة للإقتصاد الوطني على المدى البعيد. فمع اقتراب عام 2015 من بدايته، يواجه صناع القرار السياسي في العالم اختيارات أساسية، السعي إلى تحقيق النمو الإقتصادي أو قبول الركود، وتحسين الإستقرار أو المجازفة بالاستسلام للهشاشة، والتعاون أو العمل الأحادي، وذلك بعدما ظل في عام 2014، اقتصاد العالم عالقاً في الروتين نفسه الذي لم يتخل عنه منذ خروجه من الأزمة المالية العالمية في عام 2008. بطبيعة الحال، إن الجغرافيا الإقتصادية للعالم تتغير، فمنطقة اليورو تواجه شبح جولة أخرى من الركود، واليابان انزلقت إلى الركود بالفعل، والولايات المتحدة في أدائها المهتز نسبياً في القسم الأخير من هذا العام – تسببت بإثارة المخاوف في مختلف أنحاء العالم بخروجها من برنامج التيسير الكمي، في حين استمرت الإقتصادات الناشئة على أدائها الطيب، فسجلت الهند نمواً تجاوز 5 في المئة سنوياً، وفي الصين أكثر من 7 في المئة. في حين تواجه روسيا قلقاً بسبب العقوبات الغربية عليها ما أدى إلى انخفاض العملة الروسية إلى مستويات غير مسبوقة في اختبار لقدرة الرئيس فلاديمير بوتين على احتواء العاصفة الاقتصادية. أما في لبنان فقدر صندوق النقد الدولي أن يبلغ العجز في الموازنة في لبنان نسبة 11.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2014، و10.2 في المئة من الناتج المحلي في عام 2015، وهي توقعات مبنية على أساس موازنة أكثر تقشّفاً في عام 2015. في النتيجة، تشير المؤشرات إلى أنّ الحل الوحيد سيكون من خلال اعتماد ضرائب جديدة ستطاول في شكل أساسي ذوي الدخل المحدود، وستتراجع القدرات الشرائية للناس، بما يعني عملياً ارتفاع منسوب الفقر، واضمحلالاً إضافياً للطبقة الوسطى في البلد. ولا ننسى بطبيعة الحال أن لبنان في حاجة إلى 2.5 مليار دولار لمواجهة أعباء استقبال نحو مليون ونصف المليون نازح سوري، وإلاّ فإن الاقتصاد «سيبدأ بالانهيار» إذا استمرت الأوضاع الراهنة بحسب قول وزير الإقتصاد والتجارة اللبناني آلان حكيم. وفي حفل اقتصادي أشار حاكم مصرف لبنان رياض سلامة إلى أن أبرز التحديات الاقتصادية التي يواجهها لبنان والليرة اللبنانية في 2015 هي انخفاض سعر النفط الذي قد يؤثر في حركة الإقتصاد في دول مجلس التعاون الخليجي، مشيراً إلى أن تحويلات اللبنانيين المقيمين في دول مجلس التعاون تشكل 60 في المئة من مجمل تحويلات اللبنانيين في الخارج التي تصل إلى ثمانية مليارات دولار. وشدد سلامة على أن «الثقة هي الأساس للاستقرار النقدي في لبنان أو في أي دولة في العالم»، لافتاً إلى أن «المركزي استطاع المحافظة على الثقة بسبب الودائع في القطاع المصرفي التي تمثل 3 مرات حجم الاقتصاد وبسبب تطور موجودات مصرف لبنان بالعملات الأجنبية». موضحاً أن «المركزي يتخذ باستمرار تدابير للمحافظة على سلامة القطاع المصرفي، ومنها المطالبة بأن تكون الملاءة 12 في المئة وفقاً لـ «بازل 3» علما أنها بلغت 10 في المئة، إضافة إلى تكوين مؤونات عامة واحتياطات احترازاً وليس لوجود أزمة وقرارات تتعلق بقروض الاستهلاك». إن الإصلاحات الضرورية، هي في أن يكون هناك تفاهم واضح ورؤية إقتصادية واحدة، بين القطاعين العام والخاص، لمواجهة هذه التحديات رغم بارقة الأمل التي شكلتها حملات «سلامة الغذاء» التي يقودها الوزير وائل أبو فاعور ضد فساد مصنعي ومستوردي وموزعي المواد الغذائية.