«سوريات جديرات بالحياة»… في معرض «أوغاريت المحبة»
بشرى سليمان
كما هو معتاد، تحفل مختلف الفعاليات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والأهلية بحضور لافت للمرأة السورية المبدعة، وهو ما يتجلى اليوم عبر مشاركة مجموعة «سوريات جديرات بالحياة» في فعاليات مهرجان أوغاريت الرابع المستمر حالياً في اللاذقية، وسط حشد واسع من الفاعليات النسائية الأخرى التي لا تقل شأناً وأهمية، وتتخذ المجموعة جناحاً واسعاً لها في معرض المنتجات اليدوية الذي يقام في إطار المهرجان لتسويق النتاج اليدوي لمجموعة كبيرة من النساء السوريات المتضررات، والتي سعت المجموعة منذ انطلاقتها إلى تدريبهن مجاناً على مختلف تقنيات العمل الحِرفي والأشغال اليدوية بهدف تمكينهن من مواجهة الظروف الحياتية الصعبة بالعمل والإنتاج.
هذا ما أكدته ازدهار درويش رئيسة المجموعة خلال حديث مع «نشرة سانا الشبابية» في ردهات المعرض، مشيرة إلى أن الجناح يعرض كافة النتاج اليدوي للنساء المتدربات في الجمعية وجلّهم من زوجات الشهداء والجرحى وبناتهم، إضافة إلى المهجّرات ممن لم يستسلمن لظرفهن الاقتصادي والمعيشي إنما قرّرن مواجهته بالتعلم والعمل، خصوصاً أنّ عدداً كبيراً منهن من الشابات الجامعيات اللواتي لم يحظين بفرصة عمل حتى الآن.
وذكرت درويش أن الجناح الحِرفي في المعرض يضم نتاج هؤلاء النساء من ذوات العزيمة والإرادة الصلبة، واللواتي تعلمن مختلف المهن اليدوية عبر دورات تدريبية متخصّصة أقامتها المجموعة لهن تحت إشراف متخصّصات في هذا المجال، فكانت النتيجة كوكبة من النساء المتميزات في فنون حياكة الصوف وشكّ الخرز وحياكة البسط والسجاد ومفارش الطاولات والأغطية والحقائب النسائية وصناعة الشمعدانات وعدد من الأكسسوارات النسائية والمنزلية وسواها.
وقالت درويش: «نحاول أن نوفر من خلال هذه المشاركات المتواصلة في الفعاليات المحلية منفذاً تسويقياً لهؤلاء الشابات لتتحول هذه المنتجات إلى مصدر رزق لهنّ، يواجهن من خلاله المتطلبات المعيشية المتزايدة».
ودرّبت المجموعة حتى اليوم أكثر من 56 شابة وسيدة على مختلف الحِرف اليدوية، وصارت كلّ واحدةٍ من الملتحقات بالتدريب قادرة اليوم على النهوض بمشروعها الخاص، إذ لفتت درويش إلى أن الفرصة متاحة أمام أيّ من الشابات للعمل بشكل منفرد، خصوصاً أنّ الغالبية العظمى منهنّ تتمتع بذوق جميل وحرفية عالية وقدرة على مجاراة التصاميم الحديثة والعصرية حتى يمكن التأكيد أنه أضحى لكل منهنّ بصمة حرفية خاصة بها يمكن تمييزها بيسر عن الأخرى.
إلى جانب ذلك أكدت درويش أن الإنتاج اليدوي الذي تقدّمه السيدات والشابات اليوم يعتبر منافساً لِما يعرض في الأسواق التجارية من ناحية الجودة والتصميم. فالقطع المصنوعة يدوياً معروفة بجودتها ومتانتها مقارنة بالمنتجات الاستهلاكية التي تتكرّر من ناحية الشكل واللون وتتراكم على واجهات المحال التجارية.
وتضمّن المعرض منتجات حيكت من مواد نسيجية تالفة، إذ تعمل درويش كما ذكرت على تعليم الشابات كيفية تدوير الأقمشة التالفة وبقايا الصوف والخيش وإعادة إنتاجها في قالب إبداعي جميل ولأغراض متعدّدة تستخدم لديكور المنازل وتزيين الغرف والردهات الداخلية كالشمعدانات والمزهريات واللوحات الفنية وسواها من المجسمات التزيينية.
وبيّنت درويش أن خطة العمل المقبلة للمجموعة تتضمّن مشروعاً جديداً سيتم فيه شراء مكابس النحاس لصناعة ورود الزينة التي تستخدم لتزيين الصالونات والمحال والمكاتب، كما سيتم تدريب الشابات في المرحلة المقبلة على تقنية الحرق على الخشب، لافتة إلى أن هذا المشروع يحتاج إلى أدوات ومعدات جديدة كالحراقات والقطع الخشبية ومواد خاصة للتلوين والبخّ، إذ يجري حالياً العمل على توفير الدعم المادي لتمويل المشروع.
بدورها، تحدثت غيثاء ابراهيم من قرية «بلوطة» في ريف اللاذقية الشمالي عن معروضاتها مشيرة إلى أنها تتقن جميع الحِرف اليدوية. فهي تصنع جزادين من خيوط الـ«دي إم سي»، وتصنع ألبسة صوفية لمختلف الأعمار، كما أنها تحوك البسط والسجاد بشكل سريع ومتقن وجميل وتصنع حقائب للحواسيب المحمولة من خيوط مختلفة وبألوان عصرية وشابة تواكب العصر وترضي أذواق الشباب، وهي تشارك في جميع المعارض التي تدعو إليها المجموعة لتسويق منتجاتها.
وعبّرت كل من سمر حلاوة وجنان صالح وهالة الوزّة من النساء المتضرّرات أنهن تمكنّ خلال ستة أشهر من تعلّم أكثر من حِرفة يدوية من الخياطة وشكّ الخرز والتطريز وشغل الصوف وحياكة السجاد، واستطعن من خلال عملهن تحسين وضعهنّ المعيشي.