معرض لجمعة الناشف في قصر الأونيسكو
جمال المحسن
احتضنت صالة المعارض الفنية في قصر الأونيسكو في بيروت لوحات الفنان التشكيلي السوري جمعة الناشف الملقب بـ«الفراتي» وتحدّيه الواضح للإرهاب عبر معرض «ست الحنان» الذي أقامه وفاءً وتحيةً الى روح ابنته الشابة فاطمة الملقبة بـ«ست الحنان»، والتي استشهدت بقذيفة هاون أطلقها إرهابيون على ساحة الأمويين في دمشق، تموز الفائت.
على مدى يومين شهد المعرض حضوراً حاشداً من الفنانين والمهتمّين بالشأن الثقافي، ويؤكد الفنان الفراتي من خلال معرضه تحدّيه للإرهاب الأسود الذي استهدف سورية ولم يؤثر في رسوخ القيم الحضارية السورية، مشدّداً الى أنّ ابنته الشهيدة فاطمة ستبقى ملهمةً لأعماله الفنية إذ تركت ذكراها شوقاً وحنيناً وإبداعاً.
يقول الفنان الفراتي إنّ الفن والإبداع والثقافة لا توقفها أيادي الغدر والمؤامرات الكونية والأعمال الإرهابية، فسورية أمّ التاريخ والحضارات وبلد الفسيفساء والعيش الواحد، مستمرة في عطائها الحضاري المتدفق، داعياً جميع السوريين الى الالتفاف حول وطنهم ودولتهم وقائدهم الرئيس بشار الأسد، والى أصالتهم الحضارية التي تتجلى في الحروف الأبجدية المسمارية التي انطلقت من حضارة أوغاريت، والتي يزيّن بها لوحاته، لافتاً الى أنه استحضر في لوحاته ومنحوتاته الرمزية والتعبيرية مختلف الجماليات في الأرض السورية والتاريخ السوري العريق.
المسرحيّ القدير رفيق علي أحمد قال لدى زيارته المعرض للمرة الثانية إنّ الفنان جمعة الناشف ذو ذاكرة وانتماء وارتباط بالأرض والإنسان، ومن هنا إصراره على تسمية نفسه بـ«الفراتي»، وهذا يظهر في لوحاته ومنحوتاته، وأصالته المتجذرة تبدو بوضوح في مواضيعه وتشكيلاته الفنية، ونظرة سريعة إلى الوجوه التي يرسمها الناشف تهبنا إحساساً بأنها وجوه خارجة من خصب الأرض بغزارة نهر الفرات وألوانه وبألوان ترابية مستمدة من ألوان ترابها. ويضيف أحمد أنه قد لا تخلو لوحة من لوحات الناشف من السماكة اللونية، متجذراً بذاكرته المنبعثة في نهر الفرات ومحيط هذه الأرض، معتبراً أنّ ميزة المواضيع التراثية التي يتناولها الفنان هي تقديمها بجمالية فنية متميّزة، فهو يحفر في الذاكرة متطلعاً الى المستقبل، ففي أعماله حافز على الارتباط بالأرض.
من ناحيته قال المخرج المسرحي والممثل اللبناني حسام الصباح: «لقد عوّدنا جمعة الناشف على تحدّي الأزمات الاجتماعية والسياسية والفنية، فهو يروي في لوحاته ومنحوتاته حكايات الفرات وعمق هذه المنطقة العريقة وذات الرموز التي لا يعرفها سوى المتعمّق في تاريخها، وجميع اللوحات والمنحوتات المتجذرة في التاريخ حاضرة في يومياتنا وحياتنا الراهنة».
ناشر موقع «حرمون» الالكتروني هاني الحلبي قال: «يختتم الفراتي جمعة الناشف عام 2014 بفاطماه الباقية أيقونات فن وجمال ولوحات خصب لن تزول من أرضنا السورية الباقية أبد الدهر، فهذه الروح البناءة هي الحياة التي نحتاج إليها لقهر القتل والموت والحرب الإرهابية التي تشن علينا».
تضمن المعرض 52 لوحة و17 منحوتة من الصخر والبرونز تعبّر عن إرادة الحياة والأمل في تجاوز المحنة السورية ومحنة الفنان الشخصية بفقدان ابنته.
الفنان الناشف من مواليد الرقة عام 1969، عضو اتحاد الفنانين التشكيليين السوريين، حائز عدة جوائز في مجال النحت والرسم بينها جائزة في مهرجان بصرى عام 1985. له العديد من المشاركات في المعارض الفردية والجماعية في النحت والرسم، وبينها معرض أقامه في بيروت عام 2011 تحت عنوان «تحية حب ووفاء لسورية الحبيبة»، ومعرض في قصر الأونيسكو في بيروت عام 2013 تحت عنوان «وجه أمي» ويرمز فيه الى سورية أمّنا.