تحت التهديد: السعودية تتقدّم نحو إيران قريباً…
روزانا رمّال
افتتحت السعودية عام 2015 بهجوم إرهابي على حدودها مع العراق، ولا شكّ أنّ هذا العام لن يمرّ على الرياض كسابقيه. ليس لأنّ الإرهاب ضرب السعودية، وهي التي واجهته منذ عقود، إنّما بسبب توقيته ومكانه. فهذا الإرهاب الآتي من العراق يسعى إلى التسلل إلى المملكة، مهما كلف الثمن والعملية أشدّ دليل على ذلك، ما يطرح تساؤلات عديدة حول كلّ ما جرى، خصوصاً أنّ هذه العملية تعتبر مؤلمة بالنسبة إلى الأمن السعودي نظراً إلى الخسائر التي أوقعتها.
إذا كانت محاولة دخول الإرهابيين إلى المملكة قد فشلت هذه المرّة، رغم أنها أسفرت عن مقتل عميد في الجيش السعودي وهو قائد حرس الحدود في المنطقة الشمالية، إلا أنّ هذا لا يعني على الإطلاق أنّه يمكن السيطرة على الخطر الداهم في تلك المنطقة أو التصدي له، لأنّ هذه العملية تؤكد أنّ هناك من خطط و نفذ بإحكام وأنّ هناك من يسعى إلى دخول السعودية بشتى الطرق بزعزعة الحدود تحديداً، لتكون بوابة عبور أو مقدمة إليها، وبالتأكيد فإنّ هذه هي ليست المحاولة الأولى و لن تكون الأخيرة.
تعرف السعودية جيداً خطورة ما جرى، والمخاوف التي يمكن أن تجتاحها لا تختلف عن تلك التي تجتاح كلّ جيرانها الذين عانوا من الإرهاب وأبرزهم العراق. فما الذي يمنع مثلاً، أن يتسلل «داعش» إلى صفوف الجيش السعودي أو أن يخطف عسكريين، كما خطف في لبنان؟ وما الذي يمنع مثلاً، أن تحصل انشقاقات في الجيش السعودي، طالما أنها حصلت في صفوف الجيشين العراقي والسوري، واللذين يُفترض أنهما الأكثر انتماءً وثباتاً؟ فكيف سيكون الحال مع جيش قد لا يكون قادراً على التماسك في وجه أي رياح وسط تغلغل «الوهّابية» والتطرف في الشارع السعودي، وهو الإرهاب المستعدّ في أي لحظة لاقتناص الفرصة والانقضاض؟
تعرف السعودية جيداً أنّ هناك عدداً كبيراً من الخلايا الإرهابية النائمة فيها، حتى إشعار آخر، وبدأت تدرك قبل غيرها ممن رحَّب بفوضى «الربيع العربي» أنه يجب وضع حدّ لهذه الظاهرة في أسرع وقت، لمعرفتها أنّ الإرهاب بات في عقر دارها، ولأنّ التقارير الأمنية والاستخبارية السعودية والغربية تؤكد أنّ عدداً هائلاً من الإرهابيين الذين يحاربون في سورية والعراق، يحمل الجنسية السعودية، و قد سبق وسارعت السعودية إلى إصدار قرار تتبع لمن ينتسب إلى التنظيمات الإرهابية، لكشف كلّ منتسب سعودي إلى «داعش» أوالقاعدة وغيرهما، واتخاذ إجراءات مشدّدة على الداخلين إلى البلاد .
كان هذا الإجراء حينها تحسُّباً لما هو أعظم، ويخشى المراقبون اليوم أن تتطور الأمور أكثر بعد عملية الحدود الشمالية السعودية بعد إحكام الخناق على «داعش» في أكثر من جبهة وأبرزها السورية والعراقية اللتين باتتا مقيدتان أكثر من أي وقت مضى، وبالتأكيد هناك من سيخرج ليقول أنّ السعودية استهدفت بنار الإرهاب، تماماً مثلما تمّ خطف الطيار الأردني بسبب مشاركة السعودية والأردن في التحالف الدولي، وهذا لا صحة فيه على الإطلاق، فالسعودية تعرف ذلك جيداً، كما تعرف أنها بيئة جاذبة للإرهاب منذ سنين، وقد واجهته حين لم يكن منتشراً في المنطقة بهذه الخطورة، وأنه بات عليها الحسم.
إذاً، إذا كان هذا الإرهاب قد استهدف السعودية، وهو هجوم لـ«داعش»، بحسب السلطات العراقية، فإنّ هذا الامر يتطلب تعاوناً عسكرياً وأمنياً سعودياً عراقياً أسرع من أي وقت مضى. وإذا كانت السعودية اليوم لا تدرك هذه الضرورة، فهي بالتأكيد تدرك أنّ الإرهاب الذي دعمته في سورية، خرج اليوم عن نطاق السيطرة وأنّ الأمور والحسابات السابقة لم تعد مجدية وأنّ انعطافةً ما في السياسة الدفاعية والعسكرية والخارجية، يجب أن تسلك الطريق.
لا مهرب إذاً، عند السعودية من التعاون مع إيران من أجل مكافحة الإرهاب عبر تنسيق عسكري مع حلفاء الأخيرة. ولا مهرب من مجاراة الأميركي الذي سبقها إلى الحديث مع إيران فاتحاً الطريق، علّ القناعة تزداد بأنّ الإرهاب خطر لا يوفر أحداً وأنه حان الوقت لتعاون إيراني سعودي في المنطقة، من دونه لن يبقي الإرهاب باقية في المنطقة.
السعودية المهدّدة من «داعش» رسمياً، تتقدم نحو إيران قريباً، على وقع التهديد…
«توب نيوز»