مدارات هل نجح «نداء تونس» باختيار الصيد رئيساً للحكومة؟
ناديا شحادة
الحبيب الصيد هو من مواليد عام 1949 من مدينة سوسة الساحلية حاصل على مجاز في العلوم الاقتصادية وعلى ماجستير في الاقتصاد الفلاحي من الولايات المتحدة الأميركية، شغل مناصب عديدة في الحكومة السابقة منها مدير مكتب وزراء الداخلية والفلاحة وكاتب دولة لدى وزير الفلاحة في الفترة من 1992 إلى 2000، وسبق له أن تولى حقيبة الداخلية بعد الثورة خلال حكومة السبسي، في عمر السادسة والستين، اختير لرئاسة الحكومة التونسية بعد الاجتماعات الماراثونية للكتل البرلمانية لحزب نداء تونس التي عقدتها نهاية الأسبوع وتوصلت أخيراً لاختيار الصيد رئيساً للحكومة بالتوافق مع الحزبين الداعمين للنداء وهما الاتحاد الوطني الحر وآفاق تونس، مصادر مقربة من حركة نداء تونس صرحت أن اختيار وزير الداخلية الأسبق الحبيب الصيد لتشكيل الحكومة الجديدة جرى في الربع ساعة الأخير من المفاوضات، وبحسب المصادر فإن الصيد طرح اسمه لتولي هذه المهمة منذ الأسبوع الماضي إلى جانب الطيب البكوش الأمين العام لحركة نداء تونس وكذلك وزير الدفاع الأسبق عبد الكريم الزبيدي، ويرجح أن يكون اختيار الكتلة البرلمانية لشخصية الحبيب الصيد جاءت بناء على رغبة السبسي في أن يكتفي الندائيون الذين انتخبوا بممارسة مهماتهم تحت قبة المجلس وألا يترشحوا لتقلد مهمات وزارية، لأن بقاءهم داخل البرلمان يشكل مسألة حيوية خلال المرحلة المقبلة.
الرئيس المنتخب الباجي قائد السبسي كلف الحبيب الصيد يوم الاثنين الماضي رسمياً بتشكيل الحكومة التونسية الجديدة التي ستقود البلاد خلال الفترة المقبلة، وبتسلم الصيد رسالة التكليف يكون أمامه 30 يوماً لاختيار أعضاء الفريق الحكومي الجديد وتقديمه إلى مجلس نواب الشعب من أجل الحصول على تصويت الثقة من قبل الغالبية المطلقة من أعضائه.
المراقب للشأن السياسي، يرى أن السبسي حاول تجنب اختيار شخصية يمكن أن تثير جدالاً أو اعتراضاً قوياً من قبل جزء واسع من الأحزاب، وبالذات حزب النهضة الذي يرفض جزء قوي داخل النداء التحالف معه ومشاركته في التشكيلة الحكومية المرتقبة، لكن الباجي قائد السبسي وآخرين في الحزب يميلون نحو البحث عن صيغة تدمج الحركة في الحكم من دون أن تكون لها القدرة على توجيه السياسات، تسلم الحبيب الصيد رئاسة الحكومة أثار جدالاً في الأوساط السياسية وتراوحت ردود الفعل بين الترحيب والرضا والقلق والتردد، فلم يتردد زياد الأخضر الأمين العام لحزب الوطنين الديمقراطيين والقيادي في الائتلاف الحزبي اليساري الجبهة الشعبية في القول إن تكليف الصيد بتشكيل الحكومة الجديدة يمثل جزء منه تجنباً لغضب حركة النهضة، على حد تعبيره. وأشار إلى أن حزبه سيتعامل بموضوعية مع هذا التكليف على رغم أن هذا التعيين قد يخلق بعض القلق، لافتاً إلى أن الحكم عليه سيكون من خلال برنامجه وتركيبة حكومته.
من جهة أخرى، عبر الناطق الرسمي باسم حركة النهضة زياد العذاري عن تلقي حركة النهضة خبر تعيين الحبيب الصيد لرئاسة الحكومة المقبلة بإيجابية نظراً إلى خصاله الشخصية والوطنية، وأضاف أن حركة النهضة تدعم رئيس الحكومة المكلف، وأعرب عن استعداد الحركة للتعاون والتشاور مع الصيد في ما يتعلق بنهج التوافق وتعزيز الوحدة الوطنية.
ويرى مراقبون أن السبسي حريص على الإبقاء على شعرة معاوية مع الشيخ راشد الغنوشي مسؤول النهضة الذي وضع كل ثقله حتى يبقى المجال مفتوحاً أمام إمكان التعاون مستقبلاً مع عدو الأمس. السبسي يعلم أن الغنوشي يواجه بسبب مواقفه الأخيرة المرنة صعوبات حقيقية داخل حركته، وكان من نتائجها أن خسر حمادي جبالي الذي أحدثت استقالته رجة قوية في صفوف عموم النهضويين، واليوم يهدد القيادي حبيب اللوز بإنشاء ما سماه حركة «دعوية ثقافية شاملة» وذلك إذا تحالفت النهضة مع النداء، وأنه من المستبعد أن يكون السبسي يعمل حالياً على تعميق التناقض في صفوف حركة النهضة من أجل إضعافها في هذه المرحلة، لأن باعتقاد السبسي أن هذا الأمر ليس مفيداً للبلاد ولحزب نداء تونس، وقد سبق أن أكد في الاجتماع الذي عقده بعد فوزه بالرئاسة مع الكوادر العليا لحزبه أن هناك ثلاثة أطراف سياسية تقوم عليها الحياة السياسة حالياً في تونس هي النهضة والجبهة الشعبية ونداء تونس، وإن لم يحسن الأخير إدارة شؤون الدولة ويحتل موقع الوسط فإنه سيحدث فراغاً سياسياً في البلاد.
ويبقى السؤال، هل نجح نداء تونس باختيار الصيد كرئيس للحكومة؟ الذي يصفه المراقبون للشأن السياسي بأنه رجل الصمت أو رجل الخفاء في مختلف مراحل حياته السياسية ويرون أنه قد نجح في مهماته السابقة، فهل يفلح في مقبل الأيام كرجل الظهور ورجل الإقناع؟ خصوصاً أن المرحلة المقبلة تتطلب منه الإفصاح عن كل خطواته وبالأخص في ما يتعلق منها بالجانبين الاقتصادي والأمني.