وكأنّي به قد كتب
سماح مهدي
علّمنا مؤسّس الحزب السوري القومي الاجتماعي الزعيم أنطون سعاده، أنّ دم الشهيد حبر التاريخ. فتخيّلت للحظة ما يمكن أن يكتبه الشهيد محمد عوّاد بعد استشهاده .
بسلاسة، كان النصّ التالي:
«رفقائي الأعزّاء،
تحيّة سورية قومية اجتماعية لا أرضى تحيّة سواها .
قبل استشهادي التقيت بعددٍ منكم، وأبلغتهم أنّني لن أعود إليهم هذه المرّة إلّا شهيداً .
وأصارحكم بأنّه لم يخطر في بالي أنّ استشهادي سيكون له ذلك الأثر في نفوسكم، والذي ظهر جليّاً خلال عرس شهادتي. ففي ذلك الحين شعرت بعظمة الإيمان القومي الذي يملأ عقولكم وقلوبكم .
يكفيني ما سمعته من رفقاء السلاح من عتاب لأنّني سبقتهم إلى الشهادة. وقد أطربت سمعي تلك الزغاريد التي زفّتني، فحلّت محلّ البكاء والعويل. وكم زاد من سروري ، وحتى اللحظة الأخيرة من احتضان تراب سورية لجسدي، أنّ هتاف «يا أبناء الحياة» كان يملأ المكان، والزوابع الحمراء تحيط بي من كلّ جهة .
وصلت إلى مقام الشهداء، فكان في استقبالي من تعاقدت معه على أمر يساوي وجودي. نعم، كان في انتظاري من آمنت به هادياً وقائداً… حضرة الزعيم. أدّيت له التحية فردّها واحتضنني .
سألني عن أحوال الرفقاء، فأجبته: تأكد أنهم على العهد الذي تركتهم عليه. لقد حفظوا وصيتك، وصانوا دماءك، وما زالوا على نهجك. وما وجودي هنا إلا خير دليل على ذلك.
قال لي: لقد سبقك شهداء كثيرون، وسيلحق بنا غيرهم. أنا على يقين أنّ الفداء سيبقى في أمتي حتى الخلود. فقد آمنت بها أمة هادية لكلّ الأمم .
على رغم اشتياقي لـ«أبي صفية»، وهو الاسم الذي كنت أستعمله خلال القتال قاصداً به حضرة الزعيم ، إلا أنني كنت حريصاً على لقاء من سبقني من الشهداء.
استأذنت سعاده، فتلقفني الشهداء: بشار شاهين وصبحي العيد وفضل الله فارس الذين أبلغوني أنّ العادة جرت بأن يُسأل الشهيد لدى وصوله عن أمنية.
تراكم ما كانت تلك الأمنية؟
تمنّيت أن أوهب روحاً جديدة أعود بها إليكم، لكي أشكركم فرداً فرداً على ما فعلتموه من أجلي. وبعدئذٍ، أودّعكم من جديد، وأعود ثانيةً إلى ساحات الجهاد القومي، أدافع عن أمتي السورية وعن شعبي العظيم، فأستشهد مجدّداً في سبيلكم لأنكم تستحقون .
رفقائي،
وصيّتي لكم هي ذاتها وصية كل الشهداء الذين سبقوني: صونوا دماءنا، وتابعوا مسيرة البطولة التي اختطّها لنا حضرة الزعيم. لا تنتظروا جيلاً جديداً ليحقّق النصر، بل حقّقوه أنتم. وكلّي ثقة بأنكم ستفعلون .
دمتم مفعمين بكلّ حقّ وخير وجمال».