الشاعر الأميركيّ دونالد هول: القصيدة فعلٌ جسديّ

نشرت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية حواراً مع الشاعر دونالد هول الذي تجاوزت مؤلفاته خمسة عشر ديواناً ومجموعتين قصصيتين وثلاث مسرحيات وما يزيد على عشرة كتب للأطفال، وغيرها.

هول شاعر أميركي من مواليد 1928، بدأ الكتابة باكراً في الشعر والقصة والمسرحية والمقالة وأدب الأطفال، والتقى الشاعر الأمريكي الكبير روبرت فروست وكان في السادسة عشرة ، ونشر في العام نفسه ديوانه الأول «حالات نفي وزواج». هنا وقائع الحوار معه:

يشعر المرء وهو يقرأ مقالات كتابك الأخير «مقالات بعد الثمانين» أنه جليسك في دردشة إلى كأس نبيذ؟

ـ كتبتها بحب ووجدت فيها تسلية وشغلاً للوقت. تركني الشعر بعد ستين عاماً، ولست آسفاً. لكن عليَّ أن أعمل ولم أدر ما الذي يمكن أن أعمله، حتى نظرت ذات يوم من النافذة، وبدأت أكتب عن كوني عجوزاً ينظر من النافذة إلى سنة منسربة، وكان كل شيء إيجابياً، حتى ذهبت إلى الغاليري الوطني فإذا بحارس هناك يسخر مني! لكنني أشكر له سخريته، ففي كل كتابة، سواء كانت قصة قصيرة أو قصيدة، لا بد من وجود مشاعر مضادة. لا يمكن أن يظل كل شيء في اتجاه واحد. بغتةً ظهر لي ذاك التعالي على العجائز وافتراض الضعف العقلي لديهم. ذاك بالتأكيد ما كنت أشعر به أنا نفسي حيال العجائز قبل عشرين عاماً، وإن لم أوجه لأحد قط أي سخرية، لكنني متأكد من أنني كنت أنظر إلى العجائز بتعال.

هل يكفيك النثر؟ ألا تحن إلى كتابة الشعر؟

ـ لا أستطيع قول ذلك. أعتقد أن أفضل كتبي كان في الستين من عمري تقريباً. كلا، في العشرين. كنت أنشر منذ سنّ العشرينيات، وبعض قصائدي القديمة لا يزال يعجبني، وقليل من قصائدي بعد الستين والسبعين لا يزال يعجبني، لكنها أقل. رأيت الشعر ينزلق من بين يدي كما لو أنه انقطع فجأة. ربما كنت لأشعر بالخسارة، لكن الحمد لله، بقيت لدي القدرة على كتابة النثر. بعض هذه المقالات استلزم مني ثمانين مسودة! ومعظمها استلزم ثلاثين. أنا بطيء دائماً، ولم أضق قط بإنفاق الوقت والمزيد من الوقت في الكتابة. أسمع عن كتاب يكرهون الكتابة، أما أنا فلا، أحب ممارستها.

في قصيدة لك عنوانها «تأكيدات» تقول إن «الشيخوخة هي خسارة كل شيء»؟

كان ذلك يوم كنت في السبعين، مقترباً من الشيخوخة. بل كنت أعتقد في واقع الأمر أنني بلغتها. أتذكر وأنا أكتب هذه القصيدة وأرسلها إلى «نيويوركر»، ثم أظن أنها تسير في اتجاه واحد، بلا حركة معارضة، بيد أنهم قبلوها على الفور ونشروها وتلقيت رسائل من كل مكان علقها الناس على أبواب ثلاجاتهم وأدركت أنها قصيدة معقدة وليست بالبساطة التي توهمتها فيها. الأمر أنني لم أر ذلك في نفسي، وكثيراً ما حدث أن كتبت شيئاً، فلما نشر عرفت ما قلته فيه تماماً، والقصائد بالنسبة إليّ ليست قولاً، بل هي فعل. القصيدة فعل جسديّ. يوم كنت في العشرينيات من عمري كانت لدي فكرة سخيفة وتصور سخيف بأنني قبل أن أكتب قصيدة أو أنهيها لا بد من أن أفهم مقولتها. تجاوزت ذلك.

هل تزداد حكمة؟

ـ بلى، أعتقد ذلك. أشعر في الواقع بأنني أفضل وأكثر طاقة راهناً، وأشد إيجابية في السادسة والثمانين مما كنت في السادسة والسبعين. يبدو هذا غريباً جداً في نظري. أزداد ثقة في نفسي وقدرة على التركيز. كيف؟ أعتقد أن ذلك سوف يذوي بمرور الوقت، وسوف أموت، وجميع الناس كذلك.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى