«زينة» بعد انحسارها… أضرار في المزروعات وجليد يقفل طرقات!

لم يذب ثلج «زينة» بعد، حتّى يبان «مرجها» المتمثل بالأضرار. فهذه الأضرار واضحة للعيان خصوصاً في المزروعات. وإذا كانت التقارير الواردة من عكّار هي الأسرع، لا سيما الأضرار في الخيم البلاستيكية، فإن ما ستكشف عنه ثلوج «زينة» بقاعاً ربما يكون أعظم. ما يستدعي استنفاراً حكومياً لجهة الإغاثة، إذ يكفي المزارع اللبناني الفقير مآسٍ.

الطرق، لا سيما الجبلية والداخلية، ما زالت على قيد الإقفال أو الإقفال الجزئي، نظراً إلى الجليد الذي يتكوّن صباحاً وليلاً.

الأرصاد الجوية

توقّعت مصلحة الأرصاد الجوية في المديرية العامة للطيران المدني أن يكون الطقس في لبنان اليوم غائماً مع سحب مرتفعة ومتوسطة مع استمرار الارتفاع في درجات الحرارة، وتبقى الحرارة متدنية في الداخل وعلى المرتفعات، وحذّرت المصلحة من تكوّن الجليد على الطرق في فترتَيْ الليل والصباح. أما غداً الأربعاء، فيبدأ الطقس بالتقلب التدريجي بدءاً من بعد الظهر، إذ يتحوّل إلى غائم مع أمطار متفرّقة. وذلك بفعل طقس مستقر يسيطر على الحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسط حتى ظهر الأربعاء.

درجات الحرارة المتوقعة اليوم على السواحل من 7 إلى 19 درجة، فوق الجبال من درجتين إلى 10 درجات، في الأرز من 8 درجات تحت الصفر إلى درجة تحت الصفر، وفي الداخل من 5 درجات تحت الصفر إلى 4 درجات. الرياح السطحية شمالية ـ غربية نهاراً، سرعتها بين 10 و30 كيلومتراً في الساعة. الانقشاع متوسط ويسوء على المرتفعات ليلاً. الرطوبة النسبية على السواحل بين 50 و75 في المئة. البحر معتدل ارتفاع الموج وحرارة سطح الماء 19 درجة. أما الضغط الجوّي فيبلغ 773 ميلليمتراً زئبقاً.

زفاف في فنيدق يتحدّى العاصفة

تحدّى عروسان من بلدة فنيدق في عكار، العاصفة «زينة» وبردها القارس، واحتفلا بزفافهما في الهواء الطلق، فوق ثلوج تراوحت سمكاتها حوالى المتر.

فقد أبى المهندس ديب زهرمان وعروسه وأهاليهما، أن يمنعهم الطقس البارد والرياح، من إقامة عرس قروي يتضمن كل التقاليد العكارية الأصيلة، فتناغمت «الطرحة» البيضاء مع الثلوج الناصعة، وقصّ حلّاق البلدة شعر العريس أمام دارته وسط هيصات أصدقائه والهتافات التي تردد في مثل هذه المناسبة. كما حمل عدد من الحضور ثياب العريس على صينية من القش ورقصوا بها قبل أن يلبسوه بزّة الزفاف، فيما كان الشباب يتحلقون حوله بشكل دائري حتى لا يراه أحد وفق العادات.

ووفق العادات أيضاً، أقيمت مأدبة غداء عامرة، تنوّعت فيها الأطباق العكارية، وعقدت حلقات الدبكة. قبل أن يزفّ الحضور العروسين إلى دارتهما الجديدة على وقع الزغاريد ونثر الأرز. وشكّل هذا العرس فسحة فرح للأهالي، أنستهم قساوة العاصفة وتداعياتها.

الأضرار في عكار

عقد أصحاب البيوت البلاستيكية ومزارعو الخضار في قرى سهل عكار والمنية، لقاء في «قاعة سوق الخضار» في بلدة قبة شمرا ـ عكار، بحضور رئيس غرفة التجارة والصناعة في طرابلس والشمال توفيق دبوسي، ورئيس اتحاد بلديات وسط القيطع وساحله أحمد المير، ورؤساء بلديات وجمعيات تعاونية وزراعية في عكار والمنية، وبحثوا في تداعيات العاصفة الثلجية وموجة الصقيع وما رتبته من آثار سلبية على المزارعين ومحاصيلهم في قرى المنطقة.

بداية، تحدث توفيق دبوسي، فقال: «جئنا اليوم لنكون معكم وإلى جانبكم لإيجاد حلول لهذه الكارثة الزراعية التي لحقت بكم. فالقطاع الزراعي أساسي في التركيبة البشرية، لا في التركيبة الاقتصادية فقط، فعندما تتوقف الزراعة، تتوقف معها الصناعة الغذائية. لذلك نتابع دائماً النكبات التي تحل في هذا القطاع. ونحن معكم لوضع خطة مع بعضنا البعض لمتابعة الامور مع كل المعنيين في الدولة بهدف التعويض عليكم».

ثم شرح عدد من المزارعين معاناتهم وحجم الخسائر التي لحقت بالقطاع الزراعي في سهل عكار والمنية، وجرى عرض عددٍ من الصور التي توثق حجم الكارثة.

بعدئذٍ، خرج المجتمعون إلى ساحة سوق الخضار، ونفّذوا اعتصاماً رمزياً، وتحدث بِاسم المزارعين رئيس «جمعية مزارعي البيوت المحمية في عكار» عمر صوفان، فطالب بعقد لقاء بين المزارعين ورئيس الحكومة تمام سلام لشرح حجم الكارثة التي لحقت بالمزارعين، كما طالب الهيئة العليا للإغاثة بمسح الأضرار خلال 24 ساعة، مناشداً قائد الجيش العماد جان قهوجي التدخل لتسريع ذلك، لافتاً إلى أنّ في عكار 150 ألف خيمة بيوت بلاستيكية ، وحوالى 120 ألف خيمة قُضي عليها بسبب موجة الصقيع، ما تسبب بتدمير مصدر العيش الاساس لغالبية المزارعين ويهدّد بكارثة إنسانية واجتماعية حقيقية.

وطالب أحمد المير الدولة بالاسراع في مسح الأضرار والتعويض على المزارعين، وتقديم الدعم لهم كما تفعل هي وشركة «إيدال» في دعم الزراعة البديلة كالشمندر السكري والقمح في مناطق أخرى، آملاً ألا تجعل من مناطق عكار مناطق لبؤر الشيطان من خلال التغاضي عن مطالب أبنائها، وفي مقدّمهم المزارعون الذين ينكبون كل سنة ولا من يسأل عنهم.

… وفي جبيل

زار وفد من مزارعي منطقتَيْ الحروف ومستيتا في قضاء جبيل، القائمقام نجوى سويدان فرح في مكتبها في السراي، وعرض الأضرار التي تسببت بها العاصفة على صعيد إتلاف الخيم البلاستيكية من حيث الانشاءات والمنتجات، وناشدها إجراء الاتصالات لدى الجهات المختصة لتأمين التعويضات التي تكلّف المزارعين الكثير من المال والوقت لبنائها وإعدادها، في انتظار موسم جديد، إضافة إلى ما نتج من موجة الجليد التي خلفتها العاصفة والتي قضت على ما تبقى من مزروعات صالحة، حتى ضمن خيم النايلون التي لم تتأثر بشكل كبير من العاصفة، وهو ما جعل الخسائر كبيرة جداً على المزارعين الذين لا يستطيعون تحمّلها.

وأكدت سويدان متابعة الموضوع ومساعدة المزارعين، «إيماناً بما لهذا القطاع من أهمية وطنية»، ولفتت إلى أنّها رفعت تقريراً في وقت سابق إلى السلطات الادارية عن الأضرار الناجمة عن العاصفة لإجراء المقتضى، معربة عن اهتمام محافظ جبل لبنان بهذه المسألة ومتابعته الحثيثة لحماية القطاع الزراعي.

وبحسب بيان صادر عن مكتبه، اتصل النائب سيمون أبي رميا برئيس الحكومة تمام سلام ناقلاً إليه الوضع المأسوي الذي يعيشه مزارعو قضاء جبيل بسبب الأضرار التي لحقت بالمزروعات نتيجة العاصفة التي ضربت لبنان. مطالبا بأن تكلَّف الهيئة العليا للإغاثة بالقيام بمسح سريع للأضرار من أجل تعويض المزارعين.

كما اتصل أبي رميا بوزير الزراعة أكرم شهيّب شارحاً له الواقع نفسه وطلب منه طرح هذا الموضوع على مجلس الوزراء في اجتماعه أمس، من أجل الإسراع في بتّ الحاجات الضرورية لمساعدة المزارعين في معاناتهم.

وكان أبي رميا قد اجتمع برئيس الهيئة العليا للإغاثة اللواء محمد خير للغاية نفسها، واتُّفق على متابعة هذا الملف مع سلام.

الإمارات العربية تغيث

أعلنت «مؤسّسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية» أنها وبالتعاون مع سفارة دولة الإمارات العربية المتحدة، بدأت بإغاثة أكثر من 20 ألف أسرة تضرّرت من العاصفة في لبنان، وذلك «تنفيذاً لتوجيهات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة بالبدء الفوري في إنشاء جسر جوي لنقل مواد الإغاثة العاجلة لآلاف اللاجئين في لبنان والأردن والمتضررين في غزّة وباقي الأراضي الفلسطينية لمساعدتهم في تجاوز العاصفة الثلجية التي تضرب بلاد الشام».

وأوضحت المؤسّسة أنّه جرى توزيع المساعدات في مناطق الإقليم والشمال والبقاع، وشملت مواداً غذائية وسلعاً ضرورية أخرى مثل مواد التنظيف إضافة إلى الخيم والفرش والبطانيات والمخدات والدفايات والمازوت والأحذية والملابس الشتوية لجميع الأعمار، مع الإشارة إلى أن هذه الحملة الإغاثية مستمرة لتشمل مناطق لبنانية أخرى تضرّرت من العاصفة.

ولفتت المؤسّسة إلى أنّ المستفيدين من هذه المساعدات عبّروا عن شكرهم للشيخ خليفة بن زايد آل نهيان على هذه الخطوة الإنسانية التي تساعدهم في تخطّي تداعيات العاصفة.

الطرق

زار رئيس اتحاد بلديات جرد القيطع عبد الله زكريا وزير الأشغال العامة غازي زعيتر، وكان بحث في تداعيات العاصفة الثلجية والسبل الكفيلة بالاسراع في فتح الطرقات الجبلية، لا سيما في بلدات منطقة جرد القيطع.

وأعلن زكريا أنّ الوزير زعيتر أبدى كل التجاوب، إذ أمر بنقل جرافة من مركز القبيات إلى منطقة جرد القيطع، وبدأ العمل بها فور وصولها إلى المنطقة منذ الصباح. كما تمّ التداول في تفعيل مركز جرف الثلوج، مبدياً استعداده لفتح مركز جديد وفعال لمنطقة جرد القيطع وتزويده بجرّافات حديثة.

ولا تزال طرقات منطقة الجومة من ارتفاع 700 متر وما فوق مقطوعة بسبب الجليد الكثيف الذي يغطيها، على رغم تحسّن حالة الطقس وارتفاع درجات الحرارة.

وعلى محور عكار العتيقة توقفت عشرات السيارت عند بلدة عيات. وللانتقال إلى أعمالهم أو منازلهم، أجبر المواطنون على السير لمسافة تصل إلى خمسة كيلومترات للوصول إلى عكار العتيقة والدورة والشقدوف العالي.

واعتبر رئيس بلدية عكار العتيقة خالد بحري أنّ هناك إهمالاً متعمداً في حق عكار العيتقة من قبل الوزارة والمتعهدين، واستنسابية في التعامل مع هذه المنطقة، مشيراً إلى أنه على رغم المراجعات خلال العاصفة، أرسلت الوزارة جرّافة إلى محور عكار العتيقة لكنها تعطلت في بلدة البرج. ما اضطر البلدية إلى استئجار جرافة كبيرة وستّ جرافات بوكلين وتسع «بطات»، عملت على فتح الطرقات، إضافة إلى «بطة» للدفاع المدني، لكن المشكلة تكمن في كمية الجليد التي أدّت إلى توقف حرك السير نهائياً. كما أمّنت البلدية الجنازير والمازوت للآليات.

أما بالنسبة إلى محور تاشع ـ ممنع، فأفاد الدفاع المدني أن الطريق إلى بلدة ممنع يمكن الوصول إليها بسيارات مجهزة بسلاسل معدنية، في حين أنّ الطريق إلى تاشع لا يزال العبور عبرها صعباً والسير متوقف كلياً.

وتشهد بعض الطرق في منطقة مرجعيون جليداً يعيق جزئياً حركة المواطنين، ويؤدّي إلى بعض الانزلاقات خصوصاً في بلدة جديدة مرجعيون. وتسبب الجليد بأعطال جديدة في بعض قساطل المياه، كما أدّى إلى إقفال المدارس الخاصة والرسمية.

ولا تزال الطرقات الرئيسية والداخلية في شبعا مقفلة بسبب الجليد، وتقوم البلدية برشّ الملح على الطرق خوفاً من الانزلاقات. ويعاني أهالي البلدة والنازحون السوريون نقصاً في المازوت والخبز نتيجة عزل البلدة عن محيطها وعدم التمكن من الوصول إليها.

أما الطرق في منطقة جرد عاليه والمتن الأعلى، فأصبحت كلّها مفتوحة أمام السيارات والشاحنات اعتباراً من الساعة العاشرة من صباح أمس، وذلك بمساهمة من ورش عمل وزارة الاشغال في مركز جرافات الثلوج في المديرج التي عملت فجر أمس على رشّ أكثر من عشرة أطنان من الملح على الطرق الرئيسية في ضهر البيدر ـ المدريج ـ صوفر وصولاً إلى مدخل عاليه، وكذلك طريق جرد عاليه من صوفر إلى شارون وحتى منطقة الصفا وكذلك طريق المتن الأعلى من بلدة كفرسلوان حتى قرنايل ـ بزبدين، وكذلك حمانا ـ المديرج، حمانا ـ قبيع، محطة بحمدون وبعلشميه.

وعبرت الشاحنات المحملة بالمواد الغذائية والمشتفات النفطية الطريق الدولية باتجاه البقاع، وكذلك توجهت إلى المتن الاعلى وجرد عاليه بعدما كانت هذه المناطق تعاني نقصاً في هذه المواد بسبب العاصفة الثلجية.

وأفادت معلومات أنّ زحمة سير خانقة بالاتجاهين وسير شبه متوقف، شهدهما طريق بيروت ـ البقاع من جسر النملية وصولاً إلى شتورا. وأعلنت قوى الامن الداخلي، أنّ طريق ضهـر البيـدر سالكة فقط للسيارات رباعية الدفع.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى