إبراهيم: لا سمات على السوريين وإجراءاتنا استيضاحية وسنأخذ بالشكاوى المشنوق يقود «حملة رومية» لإقفال معسكر «أشرف» وتفكيك غرفة العمليات
كتب المحرر السياسي
اليوم الأمني اللبناني بين المصنع ورومية، بدأ فجراً بقيام وزير الداخلية نهاد المشنوق بقيادة حملة أمنية لاقتحام سجن رومية، والدخول إلى الأماكن التي سلّم من سبقه باعتبارها محرّمات، حيث تمّ تجريد المساجين المنتمين إلى «داعش» و«النصرة» من الهواتف النقالة التي كانت في حوزتهم ومعها بطاقات التعبئة وأجهزة الشحن والبطاقات الاحتياطية والبطاريات المشحونة احتياطاً لزوم غرفة عمليات كاملة، معها شبكة إنترنت خاصة، وهوائياتها وموزعوها، ومشتركوها، وأجهزة كومبيوتر وإدارة صفحات خاصة على شبكات التواصل.
مصدر أمني وصف القسم الذي يستولي عليه مساجين «القاعدة» بتفرّعاتها، بـ»معسكر أشرف» الذي كان يقيم فيه مقاتلو وضباط مجاهدي خلق الإيرانيين المعارضين الذين كانوا يتمتعون في ظلّ حكومات يُفترض أنها موالية لإيران أو صديقة لها بامتيازات تشبه تلك التي يحوزها قادة وكوادر «داعش» و«النصرة» في سجن رومية، وتساءل المصدر عما إذا كان وزير العدل أشرف ريفي الذي كان يعرف بكلّ هذه المعلومات خلال توليه مسؤولياته كمدير عام لقوى الأمن الداخلي، يقدم الغطاء لهذه التسهيلات في ظلّ العلاقات الخاصة التي بدا أنها تربطه بالعديد منهم ووصفه لهم مرة بـ»الثوار» ومرة أخرى بـ»شباب رؤوسهم حامية»، واعتبارهم ضحايا التطرف الذي يعود برأيه إلى قتال حزب الله في سورية، علماً أنّ أغلبهم موقوف قبل اندلاع الأزمة السورية ومعظمهم رفاق خلية الثلاثة عشر التي حققت معها قوى الأمن الداخلي في عهد ريفي وكانت متهمة بالشراكة في اغتيال الرئيس رفيق الحريري وسلّمت إلى الأمن السعودي ولم يبق للتحقيق من أثر.
وزير الداخلية لم يخفِ وهو يعلن إغلاق «معسكر أشرف» اللبناني للمجاهدين، أنّ أغلب إنْ لم يكن كلّ العمليات الإرهابية التي اجتاحت لبنان ونزفت بسببها دماء غزيرة، كان يجري التخطيط لها في رومية وتجري متابعتها من هناك.
أقفل «معسكر أشرف»، فهل يجري الإفراج عن المعلومات الخطيرة التي بحوزة المساجين بعد إعادتهم إلى التحقيق ومعهم حواسيبهم وهواتفهم وما سجلته أجهزة الأمن من شبكات الإنترنت التي استخدموها بعد الحصول على كلّ وسائط الدخول إليها؟ ومن كان يقدم لهم التغطية؟ وهل ستنكشف خيوط جرائم كثيرة كانت لا تزال ألغازاً، وسيسمح للحقيقة بالظهور؟
في اليوم الأمني المبكر كان مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم، يكسر قرار اللجنة الوزارية المعنية بقضية النازحين، الذي نصّ صراحة على اشتراط تطبيق مبدأ سمة الدخول على السوريين الوافدين إلى لبنان، ويعلن من نقطة المصنع الحدودية، أنّ الإطار القانوني الملزم للأمن العام اللبناني يحصر الأمر بإجراءات استيضاحية ووقائية، ولا مكان لـ«الفيزا» بين لبنان وسورية.
إبراهيم استمع إلى الكثير من الشكاوى القانونية في الأيام التي مضت، وحدّد عبر الدوائر القانونية للأمن العام ما يجب فعله ضمن المسؤوليات القانونية للجهاز الذي يترأسه، بجعل الإجراءات المطبّقة منسجمة مع الأطر القانونية التي يلزم الأمن العام بمطابقتها مع إجراءاته، والتي تربط الانتقال من صيغة التنقل المفتوح بين البلدين إلى التنقل بواسطة تأشيرة لتفاهم وتنسيق لم يقم وفقاً لقرار اللجنة الوزارية، فيأخذ الأمن العام طلبات اللجنة كإجراءات استيضاحية ووقائية من دون الأخذ بصيغة التأشيرة، إلا إذا صدرت أصولاً بمرسوم عن مجلس الوزراء، كما أوضحت لـ«البناء» مصادر متابعة للملف مغزى كلام إبراهيم، معتبرة أنّ ما قاله يلقى قبولاً لدى المعنيين ولا يشكل سبباً لخلاف أو تجاوزاً لصلاحية، ويلقى دعم رئيسي مجلس النواب والوزراء وعدم ممانعة من الوزراء المعنيّين.
استمع اللواء إبراهيم إلى شكاوى المواطنين السوريين وبقي يتابع أغلبها لحلحلتها، ووعد بوضع لوائح تفسّر الإجراءات وتهوّنها، على المواطنين السوريين، وأعلن عن عقد المزيد من الاجتماعات مع الضباط المعنيين لتوضيح الصورة أكثر.
في الأمن كان يوماً طويلاً، وفي السياسة عاد مجلس الوزراء إلى حياته الطبيعية بعد انتصاره على خلافات النفايات والمطامر، وهذه المرة أيضاً لم يكن بدّ من «سلاح التمديد» لتحقيق الانتصار، فكانت تتمة إقرار دفاتر الشروط، التمديد لشركة «سوكلين» وللمطامر معها لثلاثة شهور يُخشى أن يلحقها تمديد جديد.
في خطوة مفاجئة و»سهلة» أنهت الدولة «إمارة رومية» بعد توافر القرار السياسي «المجهول الجهة». وجاءت هذه «النهاية» بعد إحكام القوى الأمنية السيطرة على السجناء المنقولين من المبنى «ب» إلى المبنى «د» ونزعت منهم كل وسائل التواصل مع الخارج. وأكدت مصادر مطلعة لـ»البناء» أن الخطة كانت ناجحة جداً، بحيث تم تجريد السجناء من كل الوسائل الممنوعة من دون تسجيل إصابات في صفوفهم»، مشيرة إلى «أن القوى الأمنية وضعت نظاماً جديداً للمواجهات يحول دون إدخال ممنوعات بديلة».
وأكد وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق أن ما حصل أمس «أنهى أسطورة سجن رومية»، ولفت إلى «أن كل الروايات من عام 2009 إلى اليوم عن غرفة عمليات في رومية تولّت عمليات إرهابية في لبنان وعلى اتصال بشبكات بكل قواعد الإرهاب في المنطقة، انتهت اليوم أمس ، بفضل هذا الجهد».
وأشار إلى «أن جزءاً من عملية تفجير جبل محسن تمت إدارته من داخل السجن، ولن أغوص في معلومات أمنية إضافية»، وقال: «من قاموا بالعملية في جبل محسن بحسب معلوماتنا هم من «داعش»، جازماً «أن لدى توافر القرار السياسي، القوى الأمنية قادرة على تنفيذه».
وأكدت مصادر أمنية لـ» البناء» «أن أجهزة الاتصالات التي استعملت للمساهمة في عملية تفجير جبل محسن، باتت في قبضة القوى الأمنية».
وتحدث مصادر عن «أن القرار السياسي الذي تحدث عنه الوزير المشنوق توافر مع بدء الحوار بين حزب الله وتيار المستقبل». وإذ أشارت إلى «أن حزب الله شأنه شأن كل الأفرقاء يريد ضبط الوضع الأمني في سجن رومية وطالب بذلك مراراً»، شددت المصادر على «أن تيار المستقبل هو من كان يمانع في السابق لاستغلال ورقة الإسلاميين». وأشارت إلى «أن الحوار اليوم أحدث جواً ملائماً للارتقاء بالوضع الأمني اللبناني إلى مستويات أفضل»، موضحة «أن الحكومة وجدت أن الارتقاء الآمن إلى مستوى أعلى، يبدأ بتنفيذ الخطة الأمنية لسجن رومية والتي كانت وضعت منذ عام 2009».
وردت «جبهة النصرة» على هذه الخطوة بواسطة مراسلها في القلمون، عبر موقعها على «تويتر» بإعلانها أن «على كافة الطوائف اللبنانية تحمّل نتائج وتبعات تصرفات الجيش اللبناني». وكان حساب مراسل القلمون نشر عبر «تويتر» أيضاً تهديداً للجبهة توعدت فيه بـ»مفاجآت» في مصير العسكريين المخطوفين، وجاء في التغريدة: «نتيجة التدهور الأمني في لبنان ستسمعون عن مفاجآت في مصير أسرى الحرب لدينا… انتظرونا». وبعد الظهر، بثت «الجبهة» شريطاً بعنوان «من سيدفع الثمن»، هددت فيه بتصفية عسكري جديد وقد ظهر العسكريون المخطوفون ممددين على الأرض وعلى رؤوسهم فوهات البنادق.
وفي السياق، أكد الشيخ وسام المصري لـ»البناء» «أن الدولة الإسلامية داعش أبلغته أمس أنها ملتزمة بما تعهدته في مسألة وقف القتل». أما بالنسبة إلى «جبهة النصرة»، فأشار المصري إلى «أنه ينتظر أن يبلغ من وزير الصحة وائل أبو فاعور موافقة الحكومة على ذهابه إلى جرود عرسال للتفاوض مع النصرة وتوقيف عملية القتل التي أعلنت عنها». وأشار إلى «أنه أبلغ من الوسيط مع «النصرة « أن الجبهة ستقتل رداً على العملية الأمنية في سجن رومية أكثر من عنصر من قوى الأمن الداخلي، على اعتبار أن الموقوفين في سجن – ب – ينتمون في غالبيتهم إلى النصرة».
وتجدر الإشارة إلى أن الإسلاميين في سجن رومية طالبوا رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط بتكليف وزير الصحة وائل أبو فاعور الوساطة بينهم وبين الدولة.
وبعد تهديد «جبهة النصرة» سارع أهالي العسكريين المخطوفين إلى قطع طريق شارع المصارف وسط بيروت.
مواصلة التحقيق في تفجيري جبل محسن
في غضون ذلك، تواصلت التحقيقات والتشديدات الأمنية حول موقع التفجير في جبل محسن والذي لا يزال مغلقاً أمام الأهالي. وينتظر القضاء العسكري انتهاء التحقيقات الأولية في التفجيرين الانتحاريين لمعرفة ما إذا كان هناك محرضون ومتدخلون وشركاء للانتحاريَين اللذين باتا معروفين ليصار إلى الادعاء على من توصل إليهم التحقيق.
وأفادت المعلومات «أن عدد الموقوفين على ذمة التحقيق في جريمة التفجير الانتحاري المزدوج في جبل محسن ارتفع إلى خمسة حيث يتم الاستماع إليهم في شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي»، لافتة إلى «أن التحقيقات والإفادات الأولية لثلاثة موقوفين من آل خير الدين وأفيوني وشمسين أظهرت أنهم كانوا على تواصل مع الانتحاريَين طه الخيال وبلال المرعيان، كما كانت لهم اتصالات مع موقوفين إسلاميين في سجن رومية يؤيدون تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام داعش»، إضافة إلى اتصالات بمنطقة الرقة السورية حيث يسيطر هذا التنظيم». كما تحدثت المعلومات عن «أن الانتحاريَين تواجدا في لبنان وتحديداً في طرابلس قبل تنفيذ العملية بنحو أسبوع». وأشارت المعلومات إلى أن الجيش كان قد أوقف الانتحاري الخيال قبل نحو 8 أشهر على خلفية الحوادث في طرابلس. وبعد التحقيق معه تمّ الإفراج عنه.
إقرار خطة النفايات معدلة
على خط آخر، أقر مجلس الوزراء خطة النفايات معدلة لكنه قرر أيضاً الاستمرار بالخطة الحالية 3 أشهر أي التمديد لشركة سوكلين وبالتالي لمطمر الناعمة قبل ثلاثة أيام من موعد إقفاله.
ولفت وزير الإعلام رمزي جريج بعد الجلسة أمس إلى أن «المجلس أقر تعديل قرار رقم 46 على الوجه التالي: أولاً القواعد الرئيسة المتعلقة بالخطة الشاملة للنفايات الصلبة وتحديد المناطق الخدماتية، كما قرر المجلس تحديد قواعد التلزيم للكنس والجمع والطمر وحصر التلزيم بمتعهد واحد في منطقتين خدماتيتين على حد أكثر على أن تكون مدة العقود 7 سنوات قابلة للتمديد».
كما قرر المجلس تكليف وزارتي البيئة والمالية إطلاق المناقصات اللازمة بعد عرض دفتر الشروط على مجلس الوزراء خلال فترة أقصاها شهرين.
خطة عربية لمواجهة الإرهاب
وسط هذه الأجواء تلقى لبنان رسالة دعم عربية في مواجهته للإرهاب ولأزمة النازحين السوريين نقلها وفد عربي ضمّ نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الكويتي صباح الخالد الحمد صباح، الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، وزير خارجية موريتانيا أحمد ولد تكدي، في إطار زيارة رسمية للقاء المسؤولين والبحث معهم في التطورات على الساحة العربية.
والتقى الوفد رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة تمام سلام ووزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل.
وقال الصباح: «نقلنا رسالة دعم وتأييد من أعضاء الدول العربية إلى لبنان انطلاقاً من قرارات القمة العربية في الكويت وقرارات المجلس الوزاري العربي، للجهود اللبنانية للأمن والاستقرار في لبنان ولمواجهة أيضاً الأعباء الثقيلة تجاه النزوح للأعداد الكبيرة من الأشقاء السوريين إلى لبنان». وأضاف: «تشاورنا مع الرئيسين بري وسلام في ما هو مطلوب من الدول العربية لمساعدة أشقائنا في لبنان في تعزيز الأمن والاستقرار السياسي وكذلك الإنساني والخدمات العامة المثقلة بأعداد كبيرة من أشقائنا السوريين في لبنان».
وأشار إلى «أننا نتطلع في الدول العربية إلى أن يكون الرئيس اللبناني إن شاء الله حاضراً مع أشقائه من القادة العرب في 28 آذار المقبل في القاهرة لحضور القمة العربية».
وأعلن العربي في مؤتمر صحافي مشترك مع باسيل إلى أنه تم الاتفاق مع السلطات اللبنانية على خطة ليست فقط عسكرية إنما اجتماعية فكرية دينية علمية ثقافية لمواجهة الإرهاب، مشيراً إلى أنه ليس على الدول سوى التنفيذ.