الإرهاب في فرنسا وأوروبا: «إسرائيل» متّهمة أيضاً

جاك خزمو

ما حدث في فرنسا من اعتداءات إرهابية، وخاصة على مجلة «شارلي إيبدو» كان متوقعاً، إذ أنّ السياسة الخارجية لفرنسا دعمت الإرهاب في الشرق الأوسط، وفي شمال أفريقيا، وظنت أنّه سيظلُّ بعيداً عنها ولن يطالها.

لكنّ من يزرع الإرهاب يحصده، وها هي فرنسا تحصد اليوم نتيجة وقوفها إلى جانب الإرهابيين الذين ساندتهم ووفرت لهم الدعم من دون أن تُفكر في ارتدادات هذا الدعم وهذه المساندة غير الأخلاقية عليها.

ومن الطبيعي أن يسأل أي محلل سياسي: من هو المستفيد من الاعتداءات الإرهابية؟ ما هي أهدافها؟ ولماذا وقعت في هذا التوقيت؟ وإذا توفرت الإجابة عن هذه التساؤلات، يمكن الاستنتاج أو الوصول إلى المُتهم الرئيسي الذي يقف وراء هذه الأعمال الإرهابية. وانطلاقاً من ذلك، يمكن ملاحظة أنّ التوقيت جاء بعد أن صوتت فرنسا لصالح مشروع القرار الفلسطيني في مجلس الأمن، وجاء أيضاً بعد أن ظهرت أجواء حلحلة في الملف النووي الإيراني، وبعد أن بدأ العالم يقف في وجه الإرهاب ويشعر بخطورة دعمه ونتائجه السلبية على السلم العالمي، وبعد أن اعترف أغلب قادة العالم بضرورة حلّ الأزمة السورية، سياسياً.

أما بالنسبة إلى الأهداف، فيبدو أنّ جهة ما في العالم لا تريد أن تُحل القضية الفلسطينية وأن يُعترف بالدولة وأن ينتهي الاحتلال «الإسرائيلي»، وهي لا تريد أيضاً حلّ الملفات الدولية العالقة، لذلك أوعزت تلك الجهة إلى إرهابيين للقيام بمثل هذه الجرائم التي لن تتوقف ما دام العالم يتفرج عليها، ولا يُطبق أياً من القرارات الدولية ضدّ الإرهاب، وخاصة قراري مجلس الأمن 2170 و2178، وهذه الجهة هي المستفيدة من مثل هذه الأعمال، وأصابع الاتهام يُمكن أن تُوجه إليها وبكل سهولة.

إنّ الجهة المستفيدة من انتشار الإرهاب في العالم، وخصوصاً في الشرق الأوسط، هي الحركة الصهيونية لأنها تريد التحفيز على الهجرة إلى «إسرائيل» بعد أن تراجعت في السنوات الماضية، تحت ذريعة أنّ يهود أوروبا في خطر، وعليهم الهجرة إلى «دولة إسرائيل» فهي «الحامية» لهم. فدولة العدو تريد أن يبقى العالم العربي مُنقسماً على نفسه منشغلاً بالأزمات والاقتتال الداخلي المدمِّر، ما يعرض وحدته وسيادة أراضيه للخطر. كما أنها تريد الإساءة إلى الدين الإسلامي وتبذل في سبيل ذلك كلّ الجهد، عبر بثّ روح المعاداة للدين الإسلامي في العالم بذريعة أنّ الإرهابيين مسلمون، مع أنّ الإرهاب لا دين له. وما يؤكد أنّ الاعتداء على مجلة «شارلي إيبدو» رفع أسهم الصهيونية في الشارع الفرنسي، هو أنّ المجلة تنوي طباعة عددها الجديد وتوزيع مليون نسخة منه بعد أن كانت توزع ستين ألف نسخة فقط. وهذه المجلة تستهزىء بالإسلام وبالأديان السماوية الأخرى، لكنّ الاعتداء على العاملين فيها انحرف نحو معاداة الإسلام وتحريض الشارع على هذا الدين، وبالتالي فإنّ الفرنسيين المسلمين، سواء كانوا من أصول عربية أو غير عربية، سيعانون نتيجة هذه الأحداث والاعتداءات الإرهابية.

إضافة إلى ما ذُكر، ورغم التظاهرة المليونية ضدّ الإرهاب التي شهدتها باريس، لن تُغير فرنسا سياستها تجاه الإرهاب في سورية ولا في ليبيا، بل تستغل الحدث لتلبية رغبات ومساعي الحركة الصهيونية في إثارة العالم ضدّ الإرهاب «الإسلامي» المموَّل من الحركة الصهيونية ومن الغرب نفسه، ما يعني أنّ السياسة الخارجية الفرنسية ستبقى على ما هي عليه تدعم الإرهاب في الشرق الأوسط، مستغلةً وموظفة ارتداداته لتحقيق أهداف أعداء الإسلام والعروبة والسلام في العالم.

رئيس تحرير «البيادر» ـ القدس المحتلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى