بركة: كلام نصر الله يفتح الباب لإعادة ترميم العلاقة مع محور المقاومة والتواصل مع القيادة السورية

حاوره محمد حمية

بعد سنوات من الجمود في العلاقة بين حركة حماس من جهة وبين الجمهورية الإسلامية في إيران وحزب الله من جهة أخرى، على خلفية الأحداث الأمنية في سورية، تكونت قناعة لدى الطرفين بوجوب إعادة ترميم العلاقة وتعزيزها بعد الحرب الأخيرة على غزة كما أعلن ممثل حركة حماس في لبنان علي بركة.

بركة العائد أخيراًً من طهران التي زارها ضمن وفد حماس، يكشف أن «الحوار الاستراتيجي بين حماس وإيران وبين حماس وحزب الله تكثف في العام الماضي»، معلناً أن اتفاقاً حصل بين الطرفين على ألا يؤثر الخلاف حول الملف السوري على التفاهم على الملف الفلسطيني، «لأن المعركة الأساس مع العدو الصهيوني ولأن إيران دولة محورية في المنطقة وداعمة للمقاومة الفلسطينية».

الملف السوري الذي كان النقطة المركزية للتباعد سابقاً، يؤكد بركة اليوم حرص حماس على نجاح الحل السياسي في سورية، داعياً كل الدول العربية إلى دعم هذا الحل، وبقراءة موضوعية متأنية تعبر عن إعادة النظر في المواقف السابقة، يؤكد بركة أن «ما يحصل في سورية خسارة للجميع واستنزاف للشعب وللدولة وللجيش وبالتالي خسارة لفسطين».

وجدد بركة التأكيد أن «حماس ليست طرفاً في النزاع في سورية ولا في أي دول عربية ولا حتى في مصر»، ذلك لأن الحركة «حريصة على الأمن العربي، والاستقرار في سورية ومصر هو قوة للقضية الفلسطينية».

وأيد بركة كلام الأمين العام لحزب الله السيد نصر الله عن وجود قرار مركزي لدى حماس بترميم العلاقة مع حزب الله وإيران، مؤكداً أن «هناك معركة قادمة هي معركة التحرير وتحتاج الى تضافر كل الجهود».

ورأى في كلام السيد نصر الله انصافاً لحماس ما يفتح باباً لإعادة ترميم العلاقة بين حماس ومحور المقاومة والممانعة وللتواصل مع القيادة السورية.

وأوضح أن جهات استخبارية متعددة تقف وراء نشأة وأعمال تنظيم «داعش»، معتبراً أن هذا التنظيم مشروع فتنة يضعف الأمة.

وشدد بركة على أن «الفصائل الفلسطينية لن تسمح بأن تتحول المخيمات منطلقاً لضرب أمن لبنان أو بؤرة إرهابية لأن ذلك لا يخدم القضية الفلسطينية».

كلام بركة جاء خلال حوار مشترك بين صحيفة «البناء» وقناة «توب نيوز»، أكد في مستهله أن «العلاقة بين حركة حماس والجمهورية الاسلامية في إيران لم تنقطع على مدار الـ 4 سنوات الماضية، بل ربما تكون قد تراجعت قليلاً في عام 2003 لكن الزيارات واللقاءات كانت قائمة، وبعد الحرب الأخيرة على غزة تكونت قناعة لدى الطرفين بوجوب إعادة ترميم العلاقة وتعزيزها، فحماس هي حركة تحرر وطني ومقاومة وأثبتت أنها تقود المقاومة في فلسطين، وفي المقابل إيران تعتبر أن القضية الفلسطينية هي قضيتها المركزية وأن وجود المقاومة على أرض فلسطين يعتبر خط الدفاع الأول عن الأمة وبالتالي عن إيران، ويجب أن يكون هناك تحشيد لطاقات الأمة لمواجهة عدوها، خصوصاً أن العدو الصهيوني يستفيد من الخلافات الداخلية سواء في محور المقاومة أو ما يحصل في الدول العربية من أحداث داخلية أمنية إن في سورية أو في العراق واليمن وليبيا، لذلك كان لا بد من إجراء حوار استراتيجي مع الإخوة في إيران ومع حزب الله، وهذا بدأ عام 2014 وكانت تحصل جلسات للحوار بين الطرفين منها معلن ومنها غير معلن وفي طهران وأماكن أخرى».

وكشف بركة أن هذا الحوار الإستراتيجي بين حماس وايران وبين حماس وحزب الله تكثف في العام الماضي، قائلاً: «اتفقنا على أنه إذا كنا مختلفين في الملف السوري فيجب ألاّ نفترق في الملف الفلسطيني، لأن المعركة الأساس مع العدو الصهيوني، وإيران دولة محورية في المنطقة وداعمة للمقاومة الفلسطينية، ولأن الأولوية للصراع مع الكيان الصهيوني اتفقنا على ترميم العلاقة بمعزل عن الإختلاف في ملفات أخرى».

وعما إذا تم الاتفاق بين الطرفين على فصل الملف الفلسطيني عن الملف السوري، أوضح بركة أن «حماس لم تأخذ موقفاً سلبياً من القيادة السورية بل نأت بنفسها عن الصراع وخرجت قياداتها من دمشق لكنها لم تقم بعمل سلبي في سورية، وصحيح أنه حصل تطور سلبي في العلاقة لكننا حريصون على نجاح الحل السياسي»، داعياً كل الدول العربية إلى دعم هذا الحل «لأن ما يحصل في سورية خسارة للجميع واستنزاف للشعب وللدولة وللجيش وبالتالي خسارة لفلسطين».

وأضاف: «عدم وجود قراءة واحدة للملف السوري لا يجوز أن يؤثر على العلاقات الأخرى، خصوصاً بوجود مشتركات كثيرة على صعيد الصراع مع العدو الصهيوني، وحماس لم تتخلَ عن المقاومة بل هي التي قادت المقاومة في الفترات السابقة».

وأكد بركة أن «حماس ليست طرفاً في النزاع بسورية ولا أي دول عربية ولا حتى في مصر ولا تتدخل بل حريصة على الأمن العربي، والاستقرار في كل من سورية ومصر هو قوة للقضية الفلسطينية».

وشدد على أن «حماس رأس حربة الأمة في مشروع المقاومة في فلسطين، وإيران أهم دولة إسلامية داعمة لفسطين ومن الطبيعي أن نلتقي معها في جبهة واحدة ضد العدو الصهيوني».

ونفى بركة أن تكون حماس قد دفعت ثمناً ما أو فرض عليها أي شروط مقابل ترميم العلاقة مع إيران أو مع حزب الله، موضحاً أن «ما حصل هو حوار معمّق واستراتيجي بين هذه الأطراف لطي صفحة التباينات الماضية لدعم قضية فلسطين والاتفاق على توسيع جبهة الداعمين للمقاومة وتحشيد طاقات الأمة».

وأكد أن ترميم هذه العلاقات لا يسبب إحراجاً مع أي دولة أخرى، وقال: «يهمنا موقف الدول من القضية الفلسطينة. من يكون مع فلسطين نحن معه ومن هو ضدها لسنا معه. فإيران وحزب الله يدعمان القضية الفلسطينية، ونحن دخلنا معهما لنشكل جبهة ضد العدو «الإسرائيلي» والباب مفتوح أمام أي دولة اخرى»، موضحاً أن «علاقة حماس مع إيران ليست على حساب علاقتها مع أي دولة عربية، ولسنا مع محور ضد محور آخر».

وأيد بركة كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الأخيرعن وجود قرار مركزي لدى حماس بترميم العلاقة مع حزب الله وإيران، مشيراً إلى أن «خيار حماس واضح وهو المقاومة وهو خيار استراتيحي لتحرير كل فلسطين».

وعما قاله السيد نصر الله عن البعد الاستراتيجي في العلاقة مع المقاومة الفلسطينية في قتال العدو الصهيوني سوياً على أرض فلسطين قال بركة: «لا شك في أننا متجهون إلى ذلك، وما دام هناك احتلال هناك معركة آتية وهي معركة التحرير وهذا يحتاج إلى تضافر كل الجهود من المقاومة اللبنانية إلى مصر وسورية وإيران وتركيا، لأن فلسطين تعني الجميع ونحن أمام معركة واسعة للتحرير».

وما اذا كان كلام السيد نصر الله عن عدم وجود دليل على تورط حماس في قتال الدولة السورية يشكل مخرجاً للحركة لإعادة العلاقة مع سورية، أجاب «حماس تعرضت لهجوم سياسي من الإعلام السوري وحلفائه في السابق، وكلام السيد نصر الله أنصف حماس وهذا يفتح باباً لإعادة ترميم العلاقة بين حماس وكل محور المقاومة والممانعة، إيران وسورية وحزب الله، لذلك نعتبر أن إنصاف السيد نصر الله حماس يساعد ويفتح باباً للتواصل مع سورية».

ورد بركة على من يقول إن انفتاح حماس على إيران جاء بعد سقوط مشروع الإخوان المسلمين في معظم الدول العربية وانكفاء تركيا وعودة قطر إلى حضن مجلس التعاون الخليجي، معتبراً أن «تحسن علاقة حماس مع إيران ليس موجهاً إلى دولة أخرى بل علينا أن نصلح بين هذه الدول جميعاً ونرحب بتحسن العلاقة بين إيران والسعودية لأن ذلك يؤدي إلى وحدة الأمة وقوة للقضية الفلسطينية».

وفي ما يخص تغيير النظام في مصر وعلاقة حماس فيه وكيف سيؤثر على القضية الفلسطينية، قال: «النظام المصري الحالي أخذ موقفاً سلبياً من حماس واعتبرها امتداداً للإخوان المسلمين في مصر، لكن سبق وتعاملنا مع نظام الرئيس حسني مبارك وكان يعلم أن حماس جزء من الإخوان وكانت العلاقة جيدة ومعبر رفح كان مفتوحاً، لكن للأسف في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي أغلقت كل الانفاق والآن يشدد الحصار ويبني منطقة عازلة على حدود غزة وهذا لا يخدم العلاقة الفلسطينية – المصرية»، نافياً أي علاقة لحماس بأحداث سيناء، ومبدياً استعداد الحركة للمثول أمام لجنة تحقيق تشكل من الجامعة العربية وتأتي إلى غزة وسيناء وتحقق في هذا الأمر».

وإذ أعرب عن اعتراض حماس على أداء النظام المصري الحالي، أبدى بركة في المقابل استعداد الحركة لـ«الانفتاح على هذا النظام بما يحقق مصلحة الشعب الفلسطيني لأن غزة هي خط الدفاع الأول عن مصر ولا تستطيع أن تعيش بلا مصر ومحيطها العربي، ونحن حريصون على أمن واستقرار مصر العمق القومي لفلسطين ولغزة والرئة والمعبر الوحيد في العالم لغزة»، داعياً مصر إلى إعادة النظر في موقفها من حماس وقطاع غزة وترفع الحصار لأن صمود غزة يحمي مصر من العدو الصهيوني.

وعن حجم الضرر الذي خلفته الأحداث في عدد من الدول العربية على القضية الفلسطينة، لفت بركة إلى أن «الربيع العربي لم تكن نتائجه واحدة في كل الدول، بل هناك فرق بين دولة وأخرى، وما حصل هو ثورات مضادة وفي بعض الدول نعم أثّر سلباً على القضية الفلسطينية، وما حصل في سورية استنزفنا جميعاً وكان خسارة للمقاومة ولسورية وللشعب السوري والمستفيد كان العدو الصهيوني، فهناك دول كان التغيير فيها لمصلحة فلسطين وفي دول أخرى عمت الفوضى التي أضرت بالقضية الفلسطينية لأن الاستقرار هو الذي يخدم هذه القضية».

وعن موقف حماس من التنظيمات الارهابية في المنطقة، ولا سيما في سورية والعراق وإعلانها ما يسمى «الخلافة الاسلامية»، شجب بركة بشدة الأعمال الارهابية التي تقوم بها هذه التنظيمات مجدداً موقف الحركة منها بأنها «امتداد لفرقة الخوارج التي نشأت في صدر الاسلام، وهم لا يقبلون أحداً وبات واضحاً أن جهات استخبارية متعددة تقف وراء نشأتهم، وما يقومون به من أعمال تشويه للإسلام ويكفّرون الجميع بمن فيهم حماس ويعلنون انهم سيتوجهون الى غزة لقتال حماس وليس «إسرائيل»، وهذا مشروع فتنة يضعف الأمة، والكثير من الشباب المسلم انبهر بهذا المشروع وذهب الى ما يسمى دولة الاسلام ظناً انها هي الخلافة التي تحدث عنها الرسول، وهنا تقع المسؤولية على العلماء بتوعية جيل الشباب بأن هذا ليس النموذج الإسلامي الذي أراده الرسول الذي أرسل رحمةً للعالمين».

وعلى صعيد آخر، عزا بركة اعتراف بعض الدول الأوروبية بدولة فسلطين إلى تراجع القبضة «الاسرائيلية»- الأميركية عن الاتحاد الأوروبي، واصفاً ذلك بالأمر الجيد، داعياً إياها إلى مواصلة الطريق.

ونفى وجود أموال إيرانية مجمدة لحماس، معتبراً أن «إيران تدعم حماس وغير حماس في فلسطين، وفي مرحلة من المراحل تراجعت هذه الأموال، ولكن بعد الحوار الذي جرى والحرب الأخيرة على غزة هناك وعود من إيران بمواصلة الدعم لفسطين وزيادته».

ونفى بركة أي اتصالات أميركية رسمية مع حماس، كاشفاً عن اتصالات أميركية في شكلٍ غير مباشر لا سيما من الرئيس السابق جيمي كارتر ومسؤولين سابقين في الكونغرس وبعض الصحافيين.

ورحب بركة بإلغاء محكمة أوروبية حركة حماس من لائحة المنظمات الإرهابية، نافياً أن يكون لهذا الأمر أي علاقة بالمفاوضات مع الاحتلال، شارحاً ذلك بأنه «تصحيح لقرار سابق ظالم من المحكمة الأوروبية استجابة للضغط الصهيوني من دون أدلة حقيقية، بل بناء على بعض تقارير إعلامية، ونحن منذ 4 سنوات كلفنا فريق محاماة في فرنسا لرفع دعوى ونجح في الحصول على هذا القرار، وهو قرار قضائي قد يستأنف، وإذا لم تستأنف أي دولة يصبح خلال 3 أشهر نافذاً لكن علمنا ان هناك دولاً قدمت استئنافاً».

وتطرق إلى موضوع المصالحة الداخلية معتبراً أن «المصالحة في حاجة الى طرفين ونحن من جهتنا وقعنا اتفاق المصالحة الأخير في نيسان 2014 والرئيس محمود عباس طبق جزءاً من الاتفاق وجمد الباقي فهو من يتحمل المسؤولية عن تعثر المصالحة وتجميد ملفها».

وفي حديثه عن المخيمات الفلسطينة في لبنان، نفى بركة أن تكون المخيمات بيئة حاضنة للارهاب، قائلاً: «إذا كانت لوزير الداخلية نهاد المشنوق معطيات حول تورط احد الأشخاص في التفجيرات فلتسلم الى القيادة السياسية الفلسطينة وهناك لجنة أمنية موحدة وهي تنسق مع استخبارات الجيش وقوى الأمن الداخلي، ونحن لا نقبل ان يقوم ارهابيون بضرب استقرار لبنان»، مشدداً على أننا «جاهزون للتعاون لمنع أي عمل إرهابي يخرج من المخيمات أو أي إرهابي يدخل إليها، ولن نسمح بأن تتحول المخيمات منطلقاً لضرب أمن لبنان أو ساحة لتصفية حسابات أو بؤرة إرهابية لأن ذلك لا يخدم قضيتنا، والمخيمات هي محطات نضالية على طريق العودة الى فلسطين».

ولم يسقط بركة إمكان شن حرب «إسرائيلية» على قطاع غزة، لكنه استبعدها في الوقت الراهن بسبب ذهاب الكيان الصهيوني إلى انتخابات تشريعية في آذار المقبل والى تشكيل حكومة جديدة، «خصوصاً أن كل المؤشرات تدل على أن الكيان ذاهب إلى اليمين المتطرف ما يعني أن هناك حرباً بعد الانتخابات، والمقاومة إن في لبنان أو في فلسطين علينا الاستعداد لها ما دام هناك كيان صهيوني قائم والحرب لن تنتهي الا بزوال الكيان».

وأضاف: «منذ الحرب الأخيرة في آب الماضي استأنفنا الاستعداد للحرب المقبلة كما يستعد العدو للحرب، وحزب الله يستعد أيضاً لأنه يعتبر نفسه مقاومة وكلام السيد نصر الله عن الصواريخ التي ستصل إلى أي بقعة في فلسطين وعن دخول مقاتلي الحزب إلى الجليل يرفع من معنويات الشعب والمقاومة في فلسطين».

يبث هذا الحوار كاملاً اليوم الساعة الخامسة مساءً ويعاد بثه الحادية عشرة ليلاً على قناة «توب نيوز» على التردد 12034.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى