تقرير إخباري السبسي «يعقلن» خطاب الثورة
تضمّن خطاب الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي لمناسبة الذكرى الرابعة لثورة 14 كانون الثاني عدداً من الرسائل المهمة، وفي مقدمها الدعوة إلى عقلنة الثورة وخطابها والتعريف بها في إطارها التاريخي والمجتمعي والحضاري، من دون العمل على احتكارها من أية جهة، ومن دون تحويل وجهتها إلى صراع حضاري وثقافي بين الفرقاء السياسيين والفئات المجتمعية والمناطق والجهات.
وعمل السبسي على تقديم ما حدث منذ أربعة أعوام على أنه حلقة من حلقات التاريخ، لا تعني الانفصال عمّا سبقها من تطورات وأحداث من خلال تذكير التونسيين بثورة التحرير الوطني التي انطلقت في 18 كانون الثاني 1952، مؤكداً أنها «حررت تونس فأعطتها سيادتها واستقلالها». وقارنها بالثورة الثانية وهي ثورة بناء الدولة «التي حررت قوى المجتمع من خلال الرقيّ بحقوق المرأة وتعميم التعليم والخدمات الصحية وتثبيت دعائم الدولة الوطنية العصرية بعد عقود الاستعمار وقرون التأخر».
والنتيجة كما أوضحها السبسي برزت في أواخر 2010 «عندما كان المجتمع التونسي بشكل عام وشبابه بشكل خاص، قد بلغا حدّاً لم يعودا فيه يقبلان بتواصل البطالة والظلم وغياب الحريّة وتفاقم نسبة الفقر». وأضاف: «هكذا اندلعت ثورة الكرامة بشكل عفوي ومن دون قيادة سياسيّة أو توجّهات إيديولوجيّة، فكانت ثورة مجتمع بكامله وبدرجاتِ مُشاركةٍ مختلفة، بهدف مواصلة مسيرة الرقي الوطني مع القطع مع السلبيات السياسية والاقتصاديّة والاجتماعيّة التي تراكمت أمام مجتمع تزايدت حاجاته وكبرت طموحاته. مجتمع حطّم أغلاله حتّى تتحرّر أيديه للبناء ولحلّ المعضلات التي تمنعه من تحقيق قفزة التقدّم الثانية».
وكان واضحاً من خلال هذا الخطاب أن السبسي سعى إلى توضيح أن الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بنظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي لم تكن ثورة ضد الدولة الوطنية التي أسسها الحبيب بورقيبة ولا ضد مشروعها الحداثي وثوابتها الحضارية ولا ضد القيم الثقافية التي بنيت عليها، وإنما ضد بعض الظواهر السلبية التي اتسمت بها المرحلة الأخيرة من حكم بن علي.
ومن هذا المنطلق، أراد السبسي أن يؤكد أن ثورة 14 يناير 2011 لم يقدها الإسلاميون الذين عملوا على الاستفادة منها واحتكارها لفائدتهم، ولا اليساريون ولا النقابات ولا أي طرف آخر، ولم تكن في إطار صراع على الهوية أو لفرض قيم دينية وقومية.