مقابلات السيد نصرالله عمليات عسكرية تستوجب الردّ؟
روزانا رمال
ليس مهماً بعد الذي جرى اعتبار انه جاء رداً على كلام امين عام حزب الله الأخير في مقابلته التلفزيونية التي عبّر فيها مباشرة عن قدرات حزب الله الفوق عادية، وعن الانتقال من مرحلة الدفاع الى مرحلة الهجوم على امتداد مساحة الأراضي المحتلة، والذي جرى لم يعد توقعاً أو استشرافاً، لأنه بالتأكيد أتى رداً على كلً خطير جاء في المقابلة.
المهم انّ واقعاً جديداً أظهرته هذه العملية «الاسرائيلية» في الجولان، والتي استهدفت قادة وعناصر من حزب الله، والتي لا بدّ من القول فيها بالنسبة لـ«الاسرائيليين» أنها «إنجاز هام أو أقله عملية موفقة من كلّ النواحي زماناً ومكاناً وتنفيذاً».
كشفت العملية أنّ الأرض هناك تحمل الكثير من الأسرار والألغاز التي لم يعد ممكناً التعامي عنها لدى الحديث عن اي مرحلة جديدة او تسويات او مفاوضات اقليمية، كما كشفت النوايا «الاسرائيلية» تجاه اي حرب على لبنان، او بالأحرى كشفت صدقية النوايا «الاسرائيلية» في الحرب على لبنان… وعليه:
اولاً: إذا كانت العملية قد أتت رداً على كلام امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله وجهوزية المقاومة لمواجهة «إسرائيل»، وبالتالي فإنها أتت كعملية لردع حزب الله عن القيام بأيّ مغامرة ضدّ «اسرائيل»، فالسؤال هو لماذا لم تذهب «إسرائيل» الى الردّ المباشر على حزب الله في الأراضي اللبنانية وليس في الأراضي السورية؟
أولاً: يبدو واضحاً أنّ «إسرائيل» اتجهت نحو إرسال الرسائل من على منبر الأراضي السورية حيث عبثت أكثر من مرة متوقعة تأجيل الردّ، كما في كلّ مرة، فاستهدفت عناصر حزب الله في الجولان حيث يمكن للقيادة العسكرية «الاسرائيلية» أن تتوقع سلفاً انه ربما لن يكون هناك ردّ من القيادة السورية لأنّ المستهدف حزب الله وليس موقعاً عسكرياً سورياً.
ثانياً: أكثر ما يلفت الانتباه بعد العملية ونوعيتها أنّ عناصر حزب الله المتواجدين في الجولان، وهي العملية التي كشفت أنّ «إسرائيل» مكشوفة الظهر، وأنّ حزب الله موجود في الجولان منذ زمن بعيد، والتنسيق والتدريب فيها واضح من مستوى وعدد المستهدفين عناصر حزب الله ومَن معهم من إيرانيين تحدثت عدة وكالات أنباء بشكل متعمّد عن وجودهم بين الضحايا، كما تؤكد العملية أنّ القيادة السورية فتحت فعلاً لا قولاً منذ فترة زمنية غير قليلة مجال التواجد في المنطقة ومجال مقاومة الاحتلال «الاسرائيلي» في الجولان كأول ردودها على غارات تل ابيب منذ بداية الأزمة.
ثالثاً: بكلّ عقلانية وتفكر يجب التوقف عند نجاح العملية للاستنتاج بأنّ الاستخبارات الاسرائيلية نجحت في تجنيد عملاء لها في تلك المنطقة، ومن المرجح أنهم ليسوا سوى جماعات تكفيرية وإرهابية، وهي نفسها الجماعات التي أكد الوزير الاسرائيلي موشيه يعالون عدم ممانعته دعمها وتعاونها مع «الاسرائيليين»، وأنهم يتبادلون الخدمات الطبية والأعتدة والمعلومات في ما بينهم، وهذا تصريح صريح ليعالون منذ أقلّ من شهرين.
رابعاً: الردّ آت لا محالة، هذا ما تتحدث عنه الأوساط «الاسرائيلية» في كيان العدو، من وسائل إعلام ومحللين، وبالتالي بات دفتر حساب الردّ على «إسرائيل» أكبر من اي وقت مضى، فـ»إسرائيل» على موعد مع ردّ على اغتيال الشهيد عماد مغنية والشهيد القيادي حسان اللقيس وصولاً الى انتظار الردّ السوري على عدد من غارات العدو في العمق السوري بذرائع مختلفة منذ بداية الأزمة السورية…
خامساً: ليس مصادفة أنّ عملية اغتيال القائد حسان اللقيس جاءت بعد انتهاء حلقة تلفزيونية لأمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله ايضاً، حتى فهل باتت إسرائيل ترى في كلّ مقابلة او خطاب للسيد نصرالله عملية عسكرية هجومية كاسحة وناجحة بحدّ ذاتها تستوجب التحرك السريع والردّ؟
لا شك انّ الجبهة الداخلية الاسرائيلية – وإنْ كثر الحديث عن انّ ضيق حال نتنياهو في الانتخابات أخذه نحو هذه العملية، وبعد المعادلة المزلزلة الجديدة التي وضعها السيد نصرالله بين أيدي المستوطنين، وخصوصاً اليهود المتشدّدين والمتطرفين الذين يعانون أصلاً من صعوبة استقطاب المزيد من اليهود من حول العالم، وذلك بعدما باتت المقاومة تشكل هاجساً كبيراً يعيق بقاءهم في «إسرائيل»، كانت تحتاج إلى أيّ عملية تعبّر عن انّ «إسرائيل» لم تأبه لتهديدات السيد نصرالله، وبأنّ «إسرائيل» تختار الزمان والمكان المناسبين دائماً وترتجل العمليات على حزب الله من دون أي تردّد.
هذه المرة «إسرائيل» التي نامت على وقع تهديدات السيد نصرالله بالدخول الى ما بعد الجليل ستبقى إلى وقت طويل تستشعر خطر الردّ العنيف لحزب الله هذه المرة، لأنّ الحساب أصبح كبيراً، ولأنه لا يمكن على الإطلاق توقع أيّ نوع أو شكل من ردود فعل المقاومة، وبالتالي لن يستطيع العدو تفادي دفع الثمن الباهظ.
«توب نيوز»