اليمن: هادي وأنصار الله… التعايش المستحيل
حميدي العبدالله
دارت اشتباكات عنيفة بين قوات حراسة دار الرئاسة وبين اللجان الشعبية المنتمية إلى حركة أنصار الله. وجاءت هذه المعارك بعد تحذيرات أطلقها رئيس حركة أنصار الله تفيد بأنّ صبر الحركة ينفذ إزاء ممارسات الرئيس اليمني الذي حمّلته الحركة مسؤولية تعطيل الاتفاقات الموقعة، وتعطيل الإصلاحات التي عرفت بمخرجات الحوار الوطني.
بمعزل عن الاتهامات المتبادلة حول تطبيق مخرجات الإصلاح، والالتزام بحرفية ما تمّ التوصل إليه من اتفاقات، فإنّ التعايش بين الرئيس اليمني وبين حركة أنصار الله هو تعايش مستحيل، فالرئيس اليمني هو ثمرة ما بات يُعرف في اليمن بالمبادرة الخليجية، وهذه المبادرة هي من تصميم الدول الغربية عبر مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، في حين أنّ حركة أنصار الله وقوى يمنية كثيرة ترفض المبادرة الخليجية لأنها ترى في هذه المبادرة شكلاً من أشكال الوصاية الخارجية على اليمن، عبر السعودية ووكلائها داخل النظام اليمني. فالرئيس اليمني هو جزء لا يتجزأ من النظام القديم الذي قامت الثورة ضدّه، سواء تحرّك حركة أنصار الله في صعدة التي تجسّدت بست جولات من المواجهة العسكرية، أو التي تجسّدت بالحراك الجنوبي، وجاءت الانتفاضة الشعبية في صنعاء ومدن أخرى ابتداءً من عام 2011 من أجل الإطاحة بالنظام بكامله وإجراء إصلاحات جذرية. لكن هذا المسار عطلته المبادرة الخليجية التي أصرّت على إبقاء القديم على قدمه والاكتفاء بإطاحة الرئيس علي عبدالله صالح فقط.
الثورة الشعبية في اليمن ليست بالسذاجة لكي تخدع عبر هكذا تغييرات شكلية، لذلك ومنذ البداية عارضت القوى الثورية، وعلى رأسها حركة أنصار الله، حصر مدّ الثورة بالإطاحة بالرئيس على عبدالله صالح، وأصرّت على أن يكون الإصلاح جذرياً وأن يطيح بالنظام القديم برمّته، وأن يزيل رموز الفساد، وأن يمنح الشعب اليمني بكلّ فئاته حق تقرير مصير اليمن بعيداً عن أيّ وصاية خارجية، وعندما لم تستجب الجهات المسؤولة عن المبادرة الخليجية لمطالب القوى الثورية، وفي مقدمتها حركة أنصار الله، جاء التحرك من قبل الحركة وحلفائها الذي أطاح ببعض رموز النظام القديم وأدوات الوصاية السعودية والغربية على اليمن، ولكن الرئيس اليمني الحالي لا يزال يعبّر عن هذه الوصاية التي تتعارض مع إرادة غالبية الشعب، كما أنها تمثل قيداً يحول دون تحقيق جميع المطالب التي كانت وراء تحرك القوى الثورية، سواء الحراك الجنوبي، أو حراك «أنصار الله» أو القوى الثورية الأخرى التي لا تقبل بأقلّ من إطاحة النظام القديم بكلّ رموزه ومؤسساته ورفع الوصاية الخارجية عن اليمن، ومن الصعب، بل المستحيل التوفيق بين مطالب غالبية الشعب اليمني، وبين ما تسعى إليه الحكومات الغربية وحكومة السعودية في اليمن ممثلة بالرئيس اليمني.