هل ارتكبت السعودية و«إسرائيل» الخطأ الاستراتيجي؟
سعد الله الخليل
رغم الخسارات المتتالية التي تلقتها السعودية في اليمن يبدو أنّ الاتفاق الذي توصلت إليه الأطراف اليمنية، وموافقة الرئيس عبد ربه منصور هادي والحراك الجنوبي والحوثيين كالصدمة الكبرى التي أصابت السعودية وخلطت أوراقها إقليمياً ودولياً.
فالسعودية التي طالما أبدت امتعاضها مما تصفه الدور الإيراني في المنطقة بعبارات وشعارات من المدّ الشيعي تارة ودعم الحركات المتمرّدة تارة أخرى، أدركت أنّ تلك المبرّرات والمسوغات ليست إلا نفخاً في قربة ممزقة لا تسمن ولا تغني من جوع، في محاولة عرقلة قافلة التفاهمات الإيرانية الغربية، والتي تسير بالتوازي مع تفاهم إيراني ـ أميركي، فاستنفرت طاقاتها لإفشال التوصل إلى اتفاق نووي، وما تحريك الساحة اليمنية سوى إحدى هذه المحاولات اعتقاداً بقدرتها على ضرب خاصرة إيرانية رخوة تثني طهران عن السير في الوصول إلى اتفاق يشرعن برنامجها النووي، ويغري واشنطن بعرقلة التفاهمات عبر تقديم تنازلات من بوابة ضرب سوق النفط بخفض الأسعار لكسر طهران وحلفائها.
رياح التطورات لم تسِر وفق ما تشتهيه سفن الرياض، فكرّس الاتفاق سيطرة الأنصار مقابل حياد الجيش على القرار الأمني والعسكري في اليمن قلب الخليج السكاني والجغرافي، وهذا إنْ دلّ على شيء إنما يدلّ على أنّ الحرب على «القاعدة» ستخرج من الازدواج الذي عاشه اليمن في حقبة صالح وعبد ربه السعودية الطابع، وهو ما تهتمّ به واشنطن في الملف اليمني، ما أفشل الخطة السعودية بتأزيم إيراني ـ أميركي، فكان الردّ إعلان واشنطن قرب التوصل إلى تفاهم نووي مع طهران، ورفض فرض عقوبات جديدة، فأصدرت بياناً غثاً في مجلس الأمن يؤيد الرئيس وشرعيته ولا يساوي قيمة الحبر الذي كتب فيه، وتجاهل أيّ موقف عملي عدائي للأنصار، ورمت وراء ظهرها الاستفزازات السعودية، فأمام التفاهمات الكبرى تسقط الأوراق، وتجارب الولايات المتحدة في المنطقة لم تغادر بعد الذاكرة القريبة، فزين الدين بن علي وحسني مبارك وحمد آل ثاني ما زالوا أحياء يذكرون الأوراق المائلة للإصفرار بمن سبقهم من السقوط.
تدرك الرياض أنّ ضرب طهران يستدعي اللعب على أكثر من جبهة، فكانت الغارة «الإسرائيلية» على الجولان في رسالة إلى واشنطن مفادها «أنّ من تفاوضونهم باتوا على حدود طفلكم المدلل فهل أنتم واعون لما تفعلون؟
مرّت الغارة وتبعتها مواقف وتصريحات عالية السقف من طهران وحزب الله ولم يصدر من واشنطن ما يوحي بتعليق المفاوضات أو السير باتجاه التجميد، رغم أنّ المبرّرات والذرائع موجودة إنْ رغبت بذلك، كدعم جماعات إرهابية بحسب الوصف الأميركي أو تهديد الأمن «الإسرائيلي» وغيرها من مبرّرات تجعل واشنطن في حلّ من أي تفاهمات مسبقة، إلا أنّ واشنطن أدارت ظهرها لما سبق وأبقت قاطرة المفاوضات على الطريق السليم.
الرهان على فك التفاهم الايراني ـ الاميركي كان وراء استفزاز الحوثيين في اليمن وحزب الله وايران في الجولان، تفاهم صنعاء منح الحوثيين اليد العليا في مستقبل اليمن، فهل ستكون حصيلة الغارة في القنيطرة تكريس خروج «النصرة» من الجبهة وتكريس اليد العليا لسورية والمقاومة عليها؟ وهل ستخسر «إسرائيل» الجولان كما خسرت السعودية اليمن… وهل ارتكبت السعودية و»إسرائيل» الخطأ الاستراتيجي؟ تساؤلات عدة برسم سير المفاضات والمُقبلات من الأيام.
«توب نيوز»