تقرير
نشرت صحيفة «نيزافيسيمايا غازيتا» الروسية موضوعاً في شأن القيم الحضارية والثقافية لدى الشعوب، تطرقت فيه إلى احداث باريس والنتائج التي قد تنتج عنها وكيفية مواجهتها.
وجاء في المقاله: يجري في العالم المعاصر الحديث باستمرار عن سيادة القانون والمساواة والشفافية، ولكن مع ذلك يلاحظ توسع الهوة والتناقضات بين هذه القيم. إذ تعتبر إهانة الإنسان جريمة، في حين تعتبر إهانة دين ما تحت شعار «حرية التعبير» أمراً عادياً. عملياً فقد تقوضت أسس تعايش الحضارات المختلفة في عصر العولمة، فبدلاً من احترام هذه الحضارات والثقافات والأديان، نرى أمثلة عدّة للاستهزاء بها.
لقد كشفت أحداث باريس، من جديد حدة هذه المسألة في العالم المعاصر. إذاً ما هي «حرية التعبير» سيئة الصيت وما هي قيمها، إذا كانت بهذه البساطة والسهولة تتمكن من اختراق حدود القيم المقدسة للمسلم؟
طبعاً لا يمكن لأيّ دين تبرير قتل محرّري مجلّة «شارلي إيبدو» لنشرهم كاريكاتوراً عن النبي محمد، خصوصاً الدين الإسلامي، لأن الإسلام دين السلام ويدين العنف.
ولكن لننظر إلى نتائج موجة الغضب القوية والرغبة في تحقيق العدالة التي ولدتها أحداث الأيام الأخيرة بين مسلمي أوروبا الذين غالبيتهم من الشباب، الطبقة الأكثر تعرّضاً للتأثير العاطفي. وكما هو معلوم، يكون الشباب أكثر نشاطاً، وربما لم يحصلوا بعد على التعليم المطلوب، أو أنهم لا يزالون يبحثون عن السعادة في الحياة. ونتيجة لذلك، فإنهم على استعداد للدفاع عن دينهم في وجه التهديدات المعاصرة. هنا نقول لقد عرف الاستفزازيون إلى أين يوجّهون ضربتهم.
عندما يرى المجتمع الردّ على هذه الاهانة بصورة عملية إرهابية، فإنه يعتبر كل مسلم إنساناً شرّيراً. والآن نلاحظ كيف أصبح هذا أمراً واقعاً، إذ يخلط الإسلام بالوحشية والهمجية، وسيحاكم البعض عن جريمتهم، ويبدأ قمع الملايين وتبدأ ملاحقتهم.
تتطلب هذه الظروف الصعبة الصبر والتكاتف والرغبة في معرفة الحقيقة عن سبب وقوع هذه الأحداث، وإن التضامن مع المسلمين خير وسيلة للوقاية من مثل هذه الاستفزازات. طبعاً هناك من يعتبر هذا ضعفاً وآخر سيعتبره تخاذلاً، ومع ذلك فهذه هي عين العقل.
إن المحافظة على الكرامة الدينية، لا يعني الردّ بالمثل الدم مقابل الدم والاهانة مقابل الاهانة. العنف يولّد العنف ويعطي العدو حرية التصرف والردّ بالمثل وبقوة. إنّ البحث عن إجابات سطحية لن يوصل إلى تسوية للمشكلة. وإن اختيار الطريق السهل لن يوصلنا إلى الهدف. لذلك يجب التفكير جيداً وتحليل الأمور بعمق لكي نكتشف اللاعبين الحقيقيين في هذا العرض لتكنولوجيا السياسة ونفهمهم، ومن المستفيد منها؟ وما هي نتائج هذه الأحداث؟ وكيف نواجه الاستفزازات اللاحقة.