مقاومة
بلال شرارة
يشبه الوضع الذي كان قائماً على الحدود الفلسطينية مع لبنان حرباً باردة محكومة على الجانب اللبناني بالقرار 1701، وعلى حدود الجولان المحتلّ والمحرّر محكوماً بفضّ الاشتباك وبالقرار 442 وقبله 338، حتى لو انسحبت قوات المراقبة الدولية من الجانب السوري مخلّفة وراءها مسلحين تابعين لـ«النصرة» على مرأى ومسمع من «إسرائيل» التي سمحت لـ«المعارضة السورية المسلحة» بالتمدّد، مثلما كسرت اتفاق فض الاشتباك من خلال غاراتها على الداخل السوري، على الخبر عام 2007، والغارات في شباط وأيار وتشرين الثاني عام 2013، وفي 15 آذار و22 حزيران عام 2014 على الجولان، والغارة الأخيرة في 7 كانون الأول 2014.
الآن دخلت المنطقة أجواء من القلق بعد إقدام مروحيات «إسرائيلية» على قصف موكب لحزب الله، ما أسفر عن استشهاد ستة بينهم: القائد العسكري محمد عيسى وجهاد مغنية نجل الشهيد عماد مغنية، وترافق ذلك مع إعلان الحرس الثوري عن استشهاد العميد محمد عليّ الله دادي الذي وصفته وسائل إعلام بأنه ظلّ للجنرال سليماني قائد لواء القدس.
يذكر أنّ «إسرائيل» اغتالت بالطريقة نفسها وبواسطة مروحية الأمين العام السابق لحزب الله السيد عباس الموسوي لدى مغادرته بلدة جبشيت في 16 شباط 1992، ولم تستطع ليّ ذراع المقاومة التي تمكنت من تحرير معظم المنطقة الحدودية عام 2000، وحكمت بأقسى أنواع الفشل الاستراتيجي في تحقيق أهداف عدوان «إسرائيل» عام 2006، لكن اليوم لا تبدو العملية «بريئة» ومجرّد عملية أمنية بوسائل عسكرية إذ تستدعي قراءة أهداف العدو في المكان والزمان على خلفية تحذير لم يستمع اليه أحد من رئيس مجلس النواب نبيه بري حول الانتباه الى الدور «الإسرائيلي» في المسألة السورية وإمرار السلاح والمسلحين عبر حدود فضّ الاشتباك خاصة «جبهة النصرة» الى الجولان المحرّر، وبالتالي تهديد خاصرة لبنان من مزارع شبعا والعرقوب.
البعد اللبناني للجريمة «الإسرائيلية» هو في محاولة تخريب الحوار اللبناني، سواء بين حزب الله وتيار المستقبل، أو بين التيار الوطني و«القوات». وتأتي الجريمة لتضغط على لبنان بالقلق ومحاولة إبقائه مهدّداً بالحرب وبالتالي مشوّه حرب.
جريمة الاغتيال «الإسرائيلية» بواسطة مروحية عسكرية تمّت بموازاة طلب المدعية العامة لمحكمة الجنايات الدولية إجراء فحص أولي حول شبهات بارتكاب «إسرائيل» جرائم حرب في فلسطين وحصلت جريمة الاغتيال بالتزامن مع إطلاق السباق لانتخابات الكنيست «الإسرائيلي» ومحاولة تدارك موقع نتنياهو المهزوز في رئاسة الحكومة بعد أكثر من فشل سياسي، كما مرّت «الجريمة» بعد فشل المعارضة السورية المعروفة والمدعومة «إسرائيلياً» في إخضاع بقية الجولان المحتل ووضع دمشق في منظار التصويت.
مما لا شك فيه أنّ المقاومة ستردّ على العملية الأمنية -العسكرية «الإسرائيلية» التي استهدفتها مثلما استهدفت الدور الإيراني وسورية أيضاً بعملية أمنية عسكرية، لكن أين؟ وفي أي وقت؟ لا أحد يعرف إلاّ المقاومة.
ما نستطيع قوله إنّ الجريمة «الإسرائيلية» المترافقة مع جريمة الشرطة «الإسرائيلية» واغتيال شباب المدينة العربية الرهط، واستمرار المحاولات لتهويد القدس تجعل جبهة المقاومة مفتوحة من غزة إلى النقب فالقدس فالجولان والجنوب.
نجزم، وعلى وقع اعتراف السلطة الفلسطينية أيضاً، بأنّ العلاقة بين السلطة و«إسرائيل» وصلت الى نقطة اللاعودة وأنّ الجميع باتوا معنيين بإعادة الاعتبار الى سلاح المقاومة والمقاومة الشعبية.