كلمة افتراضية لسيّد المقاومة في ذكرى الشهداء
كلمة افتراضية لسيّد المقاومة في ذكرى الشهداء
أيها اللبنانيون… أيها السوريون… أيها العرب… أيها المسلمون… يا جمهور المقاومة… يا أشرف الناس وأنبل الناس وأطهر الناس… أيها المقاومون.
ليست المرة الأولى التي تقدّم المقاومة شهداء من قادتها ورموزها. وليست المرّة الأولى التي تتعمّد طريق المقاومين بدماء عزيزة غالية لتشقّ طريق النصر، لكن الأمر هذه المرة يختلف، ولو تشابهت الجوانب الرئيسة في المشهد. فالعدو هو العدو، والمقاومة هي المقاومة، والحرب هي الحرب.
الاختلاف هذه المرة أن المقاومة الواثقة من أن المواجهة الدائرة على مساحة المنطقة تقترب من نهاياتها بمعادلات تبشّر بنصر إلهيّ أكيد، تكون فيه هي وحلفاؤها أصحاب اليد العليا في صناعة مصير منطقتها وأمتها. واجهت عملية عدوانية تريد أن تقول إنّ اللعبة لم تنته، وتريد «إسرائيل» من خلالها أن تقول إنّها قادرة على تغيير قواعد الاشتباك. وعملية الاستهداف التي طاولت رموزاً وقادة مقاومين أعزّاء، تخطّت مجرد كونها جزءاً من الحساب المفتوح، لتصير واحدة من مشاريع لّيْ ذراع محور المقاومة. وكذلك، فإن العدوان الجديد يتم في منطقة الجولان على خلفية الدعم «الإسرائيلي» المعلن والمكشوف للإرهابين الذين يسيطرون بدعم «إسرائيلي» على مواقع عدّة في المنطقة، ويريدها العدو حزاماً أمنياً شبيهاً بجيش العميل أنطوان لحد في جنوب لبنان قبل التحرير. كما يريدها نقطة انطلاق للإرهابيين نحو لبنان لاستعادة حلم شريط حدوديّ يحميه يتكون من تجميع بقايا الإرهاب الذي يهزم على يد الجيش السوري والمقاومة في مختلف أنحاء سورية. هذا إضافة إلى كون العملية العدوانية تتم في توقيت متسارع لكل الملفات المفتوحة في المنطقة، لتفرض «إسرائيل» التي خرجت من كل الحروب مهزومة وبانت مكانتها كدولة كسيحة لا مكان لها بين اللاعبين الكبار، مرة أخرى صاحبة يد عليها، علّها تستعيد لنفسها تلك المكانة المفقودة.
لهذه الاعتبارات كلّها، لا بدّ من أن تردّ المقاومة، عدا عن الاعتبار الحاسم لمكانة الدماء عندنا، ولا بدّ للردّ أن لا يتأخر عن التوقيت السياسيّ لا اللوجستي فقط، الذي يضمن حجمه ونوعه وفاعليته فقط، بل الذي يضمن أيضاً جدواه في إبطال الأهداف التي أراد أن يحققها «الإسرائيليون» من وراء العدوان.
لكن في المقابل، على الردّ ألّا يكون انفعالياً، وألّا يكون متسرّعاً بما يجعله تحت ضغط الوقت والحاجة، فيأتي دون المطلوب أو معرّضاً للفشل، أو عاجزاً عن تحقيق الأهداف المنشودة في إثبات أنّ اللعبة تنتهي، وأن المقاومة يدها هي العليا، وإثبات ألّا مكان لـ«إسرائيل» بين اللاعبين الكبار في المنطقة، وألّا فرص حياة لمشروع «إسرائيل» ببناء حزام أمنيّ وشريط حدوديّ، لا في منطقة الجولان ولا حكماً في البقاع الغربي وجنوب لبنان.
ولأن الردّ ذا طابع استراتيجيّ ومصيريّ في هذا الصراع المفتوح، لا بدّ من رؤية تبعاته التي قد تصل إلى حدّ إشعال حرب في المنطقة، لا نخشاها، لكننا لا نسعى إلى إشعالها، ولا نريد توريط شعوبنا ودولنا بها. نحن نريد ردّاً يفرح له السوريون واللبنانيون، ولا يرونه تمييزاً لشهداء المقاومة عن شهدائهم، بأخذ البلدين أو أحدهما نحو الحرب وما فيها من دمار وموت، لأن هناك شهداء منذورين للشهادة أصلاً، قد سقطوا حيث يجب أن يسقطوا، وحيث كانوا يتمنّون ليلاً ونهاراً أن يسقطوا، وباليد التي اغتالتهم لا بسواها، فيبدو كأن دماءهم أغلى من دماء الناس وسائر الشهداء.
نريد ردّاً يضع الأمور والحقائق والمعادلات في نصابها، ولا يعطي العدوّ ذريعة الذهاب إلى الحرب، لكنه يضعه أمام خيارها الصعب، إصابة مؤلمة تغيّر المعادلات وتبدّلها، وتقلّب الموازين والتوازنات وتشقلبها، تجبر العدو على أحد خيارين، إما تجرّع سمّ الهزيمة، أو الذهاب إلى حرب يصير حقّنا المشروع أن نواجهها، ومعنا شعوب الأمة كلّها وفي المقدّمة شعب لبنان وسورية والعراق وإيران وفلسطين.
لكلّ هذا ينكبّ أخوتكم القادة في غرف عمليات المقاومة على دراسة الخيارات من بين عشرات، لا بل مئات السيناريوات الجاهزة والاحتمالات العديدة والفرضيات الممكنة، ليختاروا أكثرها اقتراباً من هذه المعايير، وقبالة أعينهم شهداء عظام أرادوا أن تتحقق بدمائهم أهداف نبيلة وسامية لأمتهم وأوطانهم، ترفع شأنها وتقترب بها من ساعة النصر الموعود، وتختصر المسافات والتضحيات لتحقيق هذا النصر، باجتثاث الإرهاب وتطهير الأرض وتأكيد موازين الردع.
أما لـ«الإسرائيليين» فأقول… لقادتهم وأولاً لحكومتهم وعلى رأسها نتنياهو، أردتم دماء شهدائنا أوراق اعتماد للعودة إلى مسرح عمليات المنطقة وموائد رسم الخرائط فيها، فسنريكم كيف تكون دماء شهدائنا رصيداً في حساب مفتوح لن تروا منه إلّا الهزائم والخذلان. وأردتم دماء شهدائنا رصيداً في حملاتكم الانتخابية فسنريكم كيف تكون دماء الشهداء بيان نعي مشاريعكم الانتخابية ووصفتكم للسقوط المدوّي.
أيها «الإسرائيليون»،
أمّا أنتم في المستوطنات والمهاجر، والمقيمون في المدن والبلدات المحتلة، في أماكن العمل والأسواق، وأيها الآتون بتجارة أو سياحة أو هجرة إلى أرضنا المغتصبة في فلسطين، أقول لكم إن شيئاً كبيراً مزلزلاً سيحدث وقريباً، لكن كيف ومتى وأين لا أعلم، وبالتأكيد ستعلمون يوم يحدث قبل أن أعلمكم به، لكن ثقوا أنه سيحدث، وأن الوقت من اليوم إلى ما بعد أشهر، هو التوقيت المفتوح أمامنا، ليحدث ما قرّرنا أن يحدث، أو بالأحرى ما قرّرت قيادتكم الغبية أن تفرض علينا أن نجعله يحدث.
نصيحتي لكم،
مَن يريد أن يبعد الكأس المرّة فليبدأ حملة مضادة لنتنياهو ورموز الحرب في الانتخابات المقبلة. فكلما جاءت استطلاعات الرأي تشير إلى سقوطهم في انتخاباتكم المقبلة حيّدنا المنشآت السكنية والمهنية عن بنك أهدافنا، وبدأنا نتصرّف على أنّ هناك مدنيين يجب تحييدهم في الحرب. وكلما زادت أسهم التطرّف ورموز الحكومة والحرب، كلّما سقطت عنكم صفة المدنيين وصرتم أهدافاً مشروعة لضربات مجاهدينا. لا تشاركوا في حملاتهم الانتخابية ودعوها تظهر خالية من المشاركين، تحصلون على تحييدنا لكم، وشاركوا بكثافة تصيرون أكياس رمل لهم لا بدّ من جعلها تدفع الثمن معهم.
نصيحتي لكم،
من اليوم وحتى أشهر مقبلة، يوم تصحون على النبأ العظيم، بأن ما وعدتكم أنه سيحدث قد حدث، من منكم خارج الأرض المحتلة من الذين ينوون الهجرة للكيان فليصرف النظر عن ذلك ضنّاً بروحه وماله وأرواح أفراد عائلته. ومن هو في الخارج لسياحة أو عمل فليبق حيث هو، ومن يملك طريقاً للخروج والسفر لعمل أو سياحة أو هجرة عند أقارب أو أصدقاء فليفعل اليوم قبل الغد.
نصيحتي لكم،
من لديه سفن أو طائرات قادمة من الشركات العالمية إلى الكيان المحتل فليوقف رحلاتها كي لا تصير في مهبّ الريح. ومن لديه رحلات سياحية فليلغِها كي لا يتحمّل مسؤولية زهق الأرواح، وتصاب تجارته بالكساد وسمعته بالسوء. ومَن لديه بضائع يستوردها أو يصدّرها من الكيان وإليه، فليحفظ ماله من الضياع.
نصيحتي لكم،
المشتغلون في المؤسسات الحكومية العسكرية والأمنية من غير العسكريين والأمنيين، لا تذهبوا إلى أماكن أعمالكم. والذين يشتغلون في أسواق الأسهم لا تضيّعوا ثرواتكم، وللمتاجرين بالعقارات ليس وقت التجارة. فمن لديه عقار فليبعه، اليوم يكون السعر أفضل، والأسهم اليوم بقروش وغداً بأوراق بالية لا قيمة لها وتعادل قيمة ورقها. العاملون في المطارات ومحطات القطار ووسائل النقل الحكومية لستم مضطرين للذهاب إلى المخاطر. والعاملون في «ديمونا» ومنشآت حيفا الكيماوية، لماذا تذهبون إلى موت أكيد.
نصيحتي لكم،
ابقوا على أقرب مسافة من الملاجئ وجهّزوا فيها حاجاتكم فلستم أهدافنا لموت مجانيّ، بقدر ما تلتزمون التعليمات. وكلما كنتم أشدّ تعبيراً عن الالتزام، كنتم أشدّ استحقاقاً للتحييد من بنوك الأهداف.
أقول للعالم أخيراً،
نحن لسنا طلّاب حرب، لكننا لا نخشاها إن فرضت علينا. فنحن لها وها هو العدو الأحمق الغبيّ يأخذ الأمور في هذا الاتجاه. فمن لا يريد لنار الحرب أن تشتعل، عليه من الآن أن يمارس الضغط اللازم على كيان الاحتلال، ليتلقّى ردّنا الحازم والساحق ويصمت!