من اليمن إلى القنيطرة… وما كتب قد كتب
ناصر قنديل
– منع الرئيس اليمني من قبل السعودية من وضع اتفاق الشراكة خلال ثلاثة شهور قيد التنفيذ، وفرض عليه أن يصدر مسودة للدستور تناقض الاتفاق، كي ينتفض الحوثيون وينزلوا مجدداً إلى الشوارع، والرهان أن ينزل في وجههم رجال قبائل ومعارضون لهم موّلتهم السعودية خلال شهور مضت لتنظيم احتجاجات تناهضهم وتدعوهم إلى إخلاء العاصمة خلال شهور، حدث نصف المتوقع سعودياً، فنزل الحوثيون واللجان الشعبية اليمنية مطالبة بالإسراع في تطبيق الاتفاق وإدراج مضامينه في تعديلات على مسودة الدستور، لكن لم ينزل الذين وعد السعوديون الرئيس منصور هادي بأنهم سيشكلون القوة الموازية للحراك الثوري، وبقي الحوثيون وحدهم في الشارع والرئيس اليمني ينتظر، حتى فرغت يداه فوقّع التفاهم مع الحوثيين، وكان الغضب السعودي بدعوة منصور هادي إلى الاستقالة لإشهار سلاح الفراغ في وجه الحوثيين وجعلهم يرثون حكماً تائهاً بلا مرجعيات، حيث لا برلمان ولا حكومة ولا رئاسة جمهورية، عسى الفوضى تأكل الثورة.
– جوهر الحركة السعودية هو دفع اليمن إلى المزيد من التأزم لاستدراج ردود فعل أميركية، لا تطاول اليمن بل إيران، بحيث يبدو أن إيران التي تفاوض أميركا والغرب على ملفها النووي وتتجه لتكون القوة الأعظم في المنطقة، يجب أن تظهر كقوة تخريب للاستقرار، وقوة مسؤولة عن الفوضى، عسى الموقف الأميركي خصوصاً والغربي عموماً، المرتبط مباشرة وبصورة حيوية بمصالحه النفطية، ينتفض بوجه إيران فيعلق التفاوض أو يمارس الضغوط لمنح السعودية ما تريده بالحفاظ على وصايتها التي تمارسها على مستقبل اليمن.
– تزامنت النقلة السعودية المدروسة استخبارياً، مع نقلة مشابهة استخباريا قامت بها «إسرائيل» في جنوب سورية، وهي خلافاً لإدعاءاتها بعدم المعرفة بوجود جنرال إيراني بين الذين استهدفتهم غارة القنيطرة، كانت لأنها تعلم ذلك قد قررت الغارة لتقول لواشنطن والغرب، ها هي إيران التي تفاوضونها وتمكنونها من تولي المركز الأول بين دول المنطقة، تتحمل مسؤولية زعزعة الاستقرار في جبهات هشة لنزاعات المنطقة، وتعبث بالتوازن الذي رعت واشنطن قيامه على هذه الجبهة قبل أربعين عاماً.
– كشفت الصحافة البريطانية عن علاقة تنسيق استخبارية بين «إسرائيل» والسعودية نظراً لدقة المرحلة، كما تحدثت عن ضيق سعودي «إسرائيلي» من تسارع التفاهم مع إيران، وكشفت المعلومات التي نشرتها الصحافة الأميركية عن لوبي في الكونغرس ترعاه «إسرائيل» وتموله السعودية للضغط على الإدارة منعاً للتفاهم مع إيران وتحذيراً من مخاطره، خصوصاً أن المسرح قد أعد عبر أحداث اليمن المتسارعة، وعملية القنيطرة، ليقدم الأسباب اللازمة لتحرك داخلي أميركي في الوقت المتبقي ما قبل اللحظات الأخيرة في التفاهم.
– المعلومات الأميركية والبريطانية، وكما يبدو «الإسرائيلية» والسعودية، تقول إن الاتفاق الأميركي الإيراني بات وشيكاً، وبالتالي سنشهد هيستيريا لمحاولات تغيير الوقائع القاسية على من اعتادوا أن الكلمة العليا لهم في المنطقة، لكن يبدو أن ما كتب قد كتب.