مهزلة الحداد الوطني
لا يتعلّق الأمر بموقف خاص من وفاة ملك السعودية، ولا من السعودية نفسها التي لا تعرف معنى الإنسانية لا بل تجهلها تماماً. الموقف من الدولة اللبنانية التي سارعت بعد إعلان خبر وفاة الملك إلى إعلان الحداد لمدّة ثلاثة أيام كاملة.
هذا الأمر يستوقفنا ويثير فينا وجعاً كبيراً على كلّ لبنانيّ مات أو استشهد في هذا الوطن ولم ينل حقّه حتى بالحداد عليه ولو لبضع ساعات فقط. خبر الحداد شكّل ثورة من قبل الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي الذين تساءلوا عن مهزلة الحداد في بلد يودّع شهيداً جديداً كلّ يوم.
فرنسوا الحاج، جنرال في الجيش اللبناني اغتالته العصابات الإرهابية بعد تحقيقه انتصاراً في معركة نهر البارد على «فتح الإسلام»، ولم تكلّف الدولة اللبنانية نفسها عناء الحداد عليه، ومن بعده المئات من الضبّاط والعسكريين الذين استشهدوا في معارك ضدّ الإرهاب في جبل محسن والتبانة، في عبرا وعرسال، في بيروت وفي كلّ شارع من شوارع لبنان. وحتى اليوم لم تعلن الدولة اللبنانية ساعة واحدة حداداً على أرواحهم.
علي البزال، عباس مدلج، بيار بشعلاني، داني خير الله، أحمد الحاج حسن وغيرهم من الأسماء التي أبكت اللبنانيين، أضحت منسية لدى معظم سياسيينا، والسبب أنهم شهداء الوطن ومن مؤسسة الشعب ولا يملكون مالاً ولا يستطيعون تقديم هبات لوجهاء الدولة، لذا، لن يعلنوا عليهم الحداد.