نقاط على الحروف
نقاط على الحروف
جنبلاط فيلتمان: رسائل بكل اتجاه
ناصر قنديل
– في الخامس من الشهر الماضي نشر النائب وليد جنبلاط تغريدة على حسابه على «تويتر» قال فيها: «التقيت السفير الأميركي السابق في لبنان جيفري فيلتمان عندما كنت في لندن، وهو صديق عظيم على رغم معرفتي بأنّ كثراً من اللبنانيين يكرهونه… فالصديق صديق». وأضاف: «تناولت العشاء مع فيلتمان في مطعم هندي، وكان طبق الطعام حاراً جداً وهذه المرة الأخيرة التي أقصد فيها «Bombay Brasserie». وتابع: «تحدثنا عن كلّ شيء ولا شيء في الوقت نفسه، على أمل أن ألتقي به في نيويورك المرة المقبلة، طبق اللحمة هو ألذّ من الأكل الحار». وختم: «سأعود في اليومين المقبلين، لا أستطيع أن أكشف متى من أجل أخذ الحيطة والحذر».
– كلام جنبلاط تبعه بعد قرابة الأربعين يوماً انتشار لرواية نشرتها صحف ومواقع معروف قرب بعضها من جنبلاط، وفي الرواية كلام منسوب إلى جيفري فيلتمان بصيغة نصائح موجهة لجنبلاط، وانتشرت الرواية نفسها في الصالونات السياسة اللبنانية على ألسنة أصدقاء لجنبلاط نقلوها عنه، وعلى رغم الانتشار الإعلامي الواسع لم يصدر أيّ نفي عن جنبلاط أو توضيح من فيلتمان، واللافت هو أنّ النص المتداول هو نفسه بلا أيّ فارق في كلّ الوسائل الإعلامية.
– في الحدّ الأدنى من الحسّ السياسي والمهني نستطيع أن نعلم أنّ النشر تمّ بقرار من جنبلاط وبطلب من فيلتمان أو عدم ممانعة منه على الأقلّ، ونعلم أنّ التوقيت مقصود أيضاً في الإفراج عن النصائح وتعميمها، والمقصود إما أن يصل الكلام إلى الذين امتدحهم فيلتمان ضمناً، كرسالة تؤكد صدقية المساعي التي يقوم بها تجاههم، وربما يكون جنبلاط أوصل لهم الرسالة مباشرة أو عبر وسطاء، وجاء النشر بموافقة فيلتمان أو بطلب منه لمزيد من الصدقية، أو أنّ الهدف هو وصول الكلام إلى أصدقاء فيلتمان وإدارته في لبنان والمنطقة، الذين لا يعجبهم هذا الكلام، بمثابة التحذير الأخير من مغبة وتداعيات مواصلة العناد، والرهان على تغيير سلبي في السياسة الأميركية، تجاه إيران وسورية ورئيسها وحزب الله، الذين تضمّن كلام فيلتمان لجنبلاط تقييماً مخالفاً لتقييم أصدقاء واشنطن في لبنان والمنطقة تجاه أدوارهم وقدراتهم، أو أنّ هدف التعميم أن يصل الكلام إلى الفريقين معاً، الذين يرضيهم والذين يزعجهم الكلام، ليصير رسماً لتوجهات ليست سراً ولا هي كلام تحت الطاولة.
– يقول فيلتمان لجنبلاط وفقاً للرواية المنقولة والمكرّرة نصاً «الاتفاق مع إيران أُنجِز بنسبة كبيرة وتأخير التوقيع هدفه إعطاء بعض الوقت لتسويقه في السعودية وتركيا و«إسرائيل»، نحن نحتاج إلى العلاقة مع إيران بالمقدار نفسه الذي تحتاجها إيران إذا لم يكن أكثر، لم تعد أولوية واشنطن إسقاط الرئيس السوري بشار الأسد، لذلك هو باق الآن، واشنطن ترى في «حزب الله» عامل استقرار في لبنان والمحيط إذا قرّر ذلك، وسنتعامل معه على هذا الأساس وسنشجّعه في هذا الاتجاه، لا تصغِ كثيراً إلى بعض «فلاسفة 14 آذار»، فهذا الفريق مشرذم وممزّق وحالم في بعض الأحيان، وبالتالي نصيحتي أن تستمرّ في سياستك الواقعية».
– نصيحة فيلتمان لجنبلاط المتداولة شفهياً هي أسرع بترتيب أمورك مع الرئيس السوري وجواب جنبلاط المشفوع بابتسامة جنبلاطية، ضاعت الفرصة، ولذلك أسارع إلى تسليم نجلي تيمور مقاليد الأمور.
– الهدف من التعميم هو لمن لم تضع فرصته في ترتيب الأمور مع الرئيس السوري أن يغتنمها، سواء من حكومات أو أطراف سياسية، ومن لم يرتب علاقته بإيران أن يسارع، ومن لم يسارع بعد إلى التعاون مع حزب الله أن يبحث عن طريق لذلك.
– وصلت الرسالة إلى من يلزم، لكن في المنطقة ولبنان من يصفهم فيلتمان بفلاسفة الرابع عشر من آذار، وقد يكون قصده بعض المسؤولين العرب وليس فقط أمناء عامين وخاصين لبنانيين للرابع عشر من آذار، فلاسفة لا يزالون يعيشون وهْم وغرور القوة الأميركية ويراهنون على تغيير الحقائق والسياسات، وهُم كما يقول فيلتمان في الرابع عشر من آذار اللبناني والإقليمي، فريق مشرذم وممزّق وحالم في بعض الأحيان، ويمكننا أن نضيف يصحّ هذا في تركيا و«إسرائيل» والسعودية، بعضهم لأن لا فرص لديه لترتيب علاقته مع سورية وإيران وحزب الله، كحال «إسرائيل»، وبعضهم لأنه حالم ويعيش أوهامه.
– سيصل أوباما قريباً إلى السعودية، ويترجم كلامه الذي قاله من نيودلهي، إنّ إدارته تسعى إلى حلّ سياسي في اليمن تريد من الخليج أن يعمل عليه وفقاً لأولوية الحرب على «القاعدة»، وليس على الحوثيين، يعني وليس النزاع مع إيران بل التفاهم معها، وفي لبنان للخليج وللبنانيين ليس النزاع مع حزب الله بل التفاهم معه، وعن سورية للخليج وللمعارضة السورية المعتدلة إنْ وجدت، التعاون مع الرئيس السوري وليس التصادم معه.
– ذكر إنْ تنفع الذكرى…