مدارات
مدارات
خطاب السيد الحوثي عنوان واضح للمرحلة المقبلة
علي القحوم
أربع نقاط كانت على وشك التنفيذ، لكن إيعازاً خارجياً كان حائلاً بين التنفيذ والتطبيق، هنا يعلن هادي ورئيس حكومته في آن واحد استقالتهما وعبر قنوات خارجية… وهذا إنْ دلّ على شيء فإنما يدلّ على مؤامرة خارجية جديدة تقودها بعض القوى الإقليمية والدولية التي لم يرُق لها استتباب الأمن والاستقرار في اليمن، ومن لهم دور سيّئ في سورية والعراق وفلسطين… فكانت أبواقهم الإعلامية عنواناً لهذه المؤامرة، إذ حرّضت وحشدت وكذبت ورسمت سيناريوات مختلفة وقسّمت وأقلمت وجزأت وعملت كلّ شيء… لكن من دون جدوى، فلم يحسبوا حساب الوعي الشعبي الذي لم ينزلق إلى ما كانوا يريدونه أو يشيرون إليه… فالصمت من قبل «أنصار الله» كان تكتيكاً سياسياً لفضح أدوات المشروع ومن يقف خلفه… لتنجلي الصورة يوماً بعد يوم، ويتضح انّ ما قاموا به ذهب أدراج الرياح، حيث ظنوا أنّ البلاد ستدخل في فراغ سياسي كبير وتنقسم وتتفتت تلقائياً في حال إعلان الاستقالة، فكانت ورقة خاسرة حاولوا من خلالها حرف مسار العملية السياسية وجعل اليمن مضطرباً وغير مستقرّ.
في المقابل أطلق إعلامهم الحملات الكاذبة والمضللة، وحاول أن يدق على وتر إحياء النزاعات الطائفية والمناطقية والعرقية، وهنا تتجلى عظمة الإرادة الشعبية الصلبة التي لم تفتتها أعتى المؤامرات الدولية الخارجية، فظل الشعب صامداً كالجبال الرواسي، لم يخضع ولم يقبل بالوصاية والارتهان، ولم ينزلق إلى مستنقع الصراعات البينية، وها هو يعلن للعالم أجمع أنه سيصمد ويكمل المشوار حتى ترسيخ الأمن والاستقرار وبناء الدولة العادلة.
أمام كلّ هذه المؤامرات التي تحاك على البلد، كان لا بدّ من الإيضاح وبعث الرسائل إلى الداخل والخارج، إلى من يحاول أن يعبث بأمن واستقرار اليمن، فأطلّ السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي مساء أمس الثلاثاء ليضع النقاط على الحروف، وليعلن عن عنوان المرحلة المقبلة ويرسم خيوطها، لأنّ هذا القائد يمنحه الشعب كلّ الثقة، ويبادله القائد الشعور نفسه، ويتحرك من باب المسؤولية ليضع حداً لهذه المؤامرات.
فالعالم ينتظر توضيحاً لما يجري في اليمن، وكيف ستكون المرحلة المقبلة… ولهذا تحدّث قائد الثورة الشعبية ورسم الخيوط والمسارات وعنوان المرحلة المقبلة، وعندها ينتهي الكلام والجدال، ويدرك المتربصون بالبلد معنى كلام سيد الكلام، هنا فصل الخطاب، ومن هنا يكون ما قبل الخطاب غير ما بعد الخطاب، والواقع قد أثبت ذلك ومدى صدق وحرص تلك القيادة التي تعمل جاهدة من أجل الوطن، فليسمع من كان لا يسمع أنه بعد اليوم لا من مؤامرات ولا عبث بأمن واستقرار البلاد ولا تمزيق ولا تفتيت ولا تقسيم، وكلها خطوط حمر، فالحذر الحذر من تخطيها… ويجب استيعاب الرسائل الواضحة والمعلنة لأنها لم تأتِ في الخطاب لمجرّد المصادفة، بل هي واضحة ويجب أن تصل.
كشف السيد الحوثي في خطابه أمس عن المأزومين والمتآمرين الذين يريدون أن يجرّوا البلاد إلى الانهيار والتصدّع، وكانت رسائله الواضحة والمعلنة سواء إلى الداخل أو الخارج، وأشاد بالدور الشعبي الواعي الذي لا يقلق من هذه المؤامرات لأنه القادر على إخراج البلاد من براثن هذه المؤامرات.
استقالة هادي والحكومة لم تكن خطوة جادة، بل كانت مناورة ومراوغة، فهي خطوة شاذة وغير سلمية ولكن ربّ ضارة نافعة… ولهذا لا قلق ما دام الوعي الشعبي موجوداً واليقظة الأمنية والعسكرية واللجان الشعبية موجودة، فلا داعي للقلق… لأنّ الشعب لن يقبل بأيّ مؤامرة من شأنها أن تخلّ بالأمن والاستقرار، وسيتحرك الجميع بمسؤولية لإفشال هذه المؤامرات… فالرسالة هنا واضحة انه مهما عملتم أيها المأزومون والمتآمرون فلن تنزلق البلاد إلى مستنقع الصراعات… فالشعب حاضر في كلّ ساح وكذلك الجيش والأمن واللجان الشعبية فالجميع سينطلقون لإفشال مؤامراتكم.
على الصعيد السياسي كشف السيد الحوثي أنّ المشاورات لا تزال قائمة مع بقية المكوّنات السياسية برعاية أممية لوضع آلية لنقل السلطة بطريقة سلسة على أساس ومبدأ الشراكة.
ولمن يخشى من الحراك الشعبي والثورة الشعبية أن يطمئن لأنّ هذا الحراك وهذه الثورة لن يلغيا الشراكة ولن يستعديا احداً في المحيط العربي والإسلامي… ولهذا لا داعي للقلق والمفترض أن يسهموا في الدفع على أن يكون هناك استقرار في اليمن، على أن يتمّ انتقال سلمي وسلس للسلطة.
للمتآمرين على البلد أيضاً كان لهم نصيب في خطاب السيد الحوثي، حيث بعض القوى السياسية المتضرّرة من استتباب الأمن والاستقرار، تتحرك لافتعال أزمات وإشعال حروب ومشاكل هنا وهناك… ومحاولات استفزازية سواء في الجنوب مع الاحترام الكبير لأبناء الجنوب، وكذلك في مأرب لخلط الأوراق وافتعال أزمات، لأنها القوى المتضرّرة لا تعيش ولا تقتات إلا على الأزمات والحروب ولهذا من المصلحة الوطنية أن يكون هناك تضافر للجهود والتلاحم بدلاً من التصادم… ولهذا يقول لهم قائد الثورة أنّ هناك خطوطاً حمراً لا يمكن تعدّيها، ولأنّ الإضرار بالاقتصاد الوطني والعبث بأمن واستقرار البلاد وافتعال مشاكل في مأرب وفي الجنوب واستهداف معسكرات الجيش غير مقبول، ولن يقبله الشعب… فمهما كانت العناوين التي يتحرّك تحتها المأزومون لاختلاق المشاكل فإنها لن تحول دون تحقيق ما خرج له الشعب في ثورته الشعبية.
لم تخلُ رسائل السيد الحوثي إلى أبناء شعبنا من الإشادة بالتحرك الشعبي والوعي والبصيرة في إفشال المؤامرات… حيث وجه رسالة أخوة ومحبة إلى إخوتنا في الجنوب ومأرب وتعز وبقية أبناء شعبنا اليمني العظيم.
في المقابل شرح بالتفصيل ما حصل وكيف تنصّل الجانب الرسمي من تنفيذ الاستحقاقات التي نصّ عليها اتفاق السلم والشراكة ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني… وكيف كان دور اللجان الشعبية في إفشال المؤامرات الرامية إلى تفتيت البلاد… ولهذا كانت في اختتام الخطاب دعوة عامة لكلّ أحرار اليمن من جميع شرائح الشعب وأطيافه إلى اجتماع تاريخي يوم الجمعة الهدف منه مراجعة الوضع الداخلي والخروج بما يلزم أمام هذه التحديات.
alialsied gmail.com