عون بعد خطاب نصرالله: لن أعود صانعاً للملوك هل تنفذ الحكومة تهديد رئيسها بوقف التفاوض مع «النصرة»

كتب المحرر السياسي:

لا تزال الحرب التي وقعت من دون أن تقع، بين المقاومة وكيان الاحتلال ترسم معالم الشرق الأوسط الجديد، على إيقاع المعادلات التي صاغها قائد المقاومة السيد حسن نصرالله في خطاب يوم الجمعة الماضي.

التردّدات الأبرز في رسم ملامح الصورة الجديدة، كانت في التطور الذي جاء من اليمن بالإعلان عن مهلة ثلاثة أيام من المؤتمر الوطني، الذي يقوده الحراك الثوري، على القوى السياسية خلالها الوصول إلى صيغة لملء الفراغ الدستوري، الناتج من استقالة الرئيس وحكومته، أو يضطر المؤتمر للجوء إلى خيارات ثورية بديلة، شبّهتها مصادر يمنية قريبة من قيادة الحراك الثوري، بعملية «مزارع شبعا» سياسية تعكس موازين القوى الجديدة في المنطقة التي جاءت عملية المزارع للمقاومة تؤكدها وتثبت معادلاتها الإقليمية، ورجّحت أن تكون بصيغة حكومة موقتة تدير البلاد، وتضمّ شخصيات وطنية مشهود لها بالكفاءة والنزاهة وسعة التمثيل تتولى خلال سنة إعداد مسودة دستور جديد، يعرض للاستفتاء وتجري وفقاً له انتخابات نيابية ورئاسية جديدة.

على إيقاع رسم معالم الشرق الأوسط الجديد، كان الاحتلال، يسلم بتغيير قواعد الاشتباك، الذي استنكره الرئيس فؤاد السنيورة وفريقه، وصارت «جبهة النصرة»، التي تولّت مهمة الانتقام من بيئة المقاومة نيابة عن الاحتلال، موضوع سؤال حول جدوى التفاوض معها، من قبل حكومة يفترض أنها مسؤولة عن دماء مواطنيها، وتلتزم موقف رئيس الحكومة المعلن، لن نفاوض طالما استمرّ القتل، وها هو القتل مستمرّ، و»النصرة» تعلن مسؤوليتها عنه، فما عسى يكون موقف الحكومة؟ مناقشة كلام السيد نصرالله عن تغيير قواعد الاشتباك، أم الإعلان عن وقف التفاوض المباشر وغير المباشر مع «جبهة النصرة»؟

مصادر سياسية اعتبرت أنّ الامتحان الذي ينتظر الحكومة كما الحوار الذي سيجري غداً في حلقة جديدة منه بين تيار المستقبل وحزب الله، هو تحديد جدول أعمال من، ومن هو الذي يقود الحكومة وتيار المستقبل، السنيورة أم رئيس الحكومة تمام سلام والرئيس سعد الحريري؟

التردّد الداخلي الملفت للمعادلات الجديدة، كان اللغة التي استخدمها العماد ميشال عون عن مفهومه المبدئي لترشيحه لرئاسة الجمهورية، بتأكيد مضيّه بقوة بالترشيح ورفضه العودة إلى دور صانع الملوك الذي ارتضاه في مرحلة انتخاب العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية والتخلي عن ترشيح نفسه، والتجربة وفقاً لما قال تكفي للحكم عليها بالفشل.

تنقل مصادر زوار الجنرال ردّه على الذين يسألونه عن حساباته، للإصرار على ترشيحه، بالقول، الحق الثابت بأولوية تسلّم مسؤولية الرئاسة، وثبات حليف لا يساوم وفقاً لكلام نهائي قاله السيد نصرالله، وها هي المعادلات الجديدة لمن يريد أن يقرأ.

هي تردّدات أولى، لكن كما يبدو الحبل على الجرار والتردّدات ستتواصل.

كلمة نصرالله وعملية «النصرة»

فبعد يومين على كلمة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الذي حذّر فيه «إسرائيل» من أي عدوان برد خارج أي قواعد اشتباك، استهدف تفجير إرهابي حافلة تقل زواراً لبنانيين إلى المقامات الدينية في سورية ما أسفر عن استشهاد ستة أشخاص وجرح أكثر من 15 آخرين في منطقة الكلاسة عند مدخل سوق الحميدية في العاصمة دمشق.

والشهداء هم: علي عباس بلوق، محمد أحمد المقداد، الشيخ مهدي يوسف المقداد، قاسم حاطوم، شادي حوماني ومحمد حسن أيوب.

وسارعت «جبهة النصرة» إلى تبني العملية وأعلنت على حساب قريب من «جبهة النصرة» عبر «تويتر» أنها نفذت بواسطة انتحاري يدعى أبو العز الأنصاري، فجر نفسه بحزام ناسف. في حين أفادت المصادر الرسمية السورية «أن إرهابيين فجروا عبوة ناسفة يقدر وزنها بـ 5 كلغ من المتفجرات وضعوها في مقدم الحافلة». وأضافت أن «عناصر الهندسة أبطلوا مفعول عبوة ناسفة ثانية يبلغ وزنها 5 كلغ من المتفجرات كانت موضوعة داخل حقيبة في منتصف الحافلة، قبل تفجيرها».

وفي المعلومات الأمنية، فإن عبوة لاصقة وضعت في مقدم الباص مزودة بصاعق موقت، في الأراضي السورية بعد زيارة مقام السيدة زينب، وفيما رجحت المصادر «أن تكون العبوة وضعت أثناء توقف الباص في أحد المرائب القريبة من دمشق»، أشارت مصادر أخرى إلى «أن هذا العمل يؤكد وجود عملاء لجبهة النصرة داخل دمشق قاموا بمراقبة الباص، وتتبع حركته إلى أن توقف وأخلي من الزوار حتى ألصقوا المتفجرة في مقدمه».

وإذ شجب حزب الله الجريمة رأى في بيان «أن ما يقوم به هؤلاء المجرمون في أنحاء العالم من تفجيرات وقطع للرؤوس وتدمير للمقدسات وانتهاك للحرمات، يجب أن يكون حافزاً لجميع القوى العاقلة والحية في الأمة وفي العالم لتركيز الجهود على محاربتهم والقضاء عليهم، بعدما أصبحوا أداة إجرامية في يد الكيان الصهيوني».

وندد رئيس مجلس الوزراء تمّام سلام بالاعتداء الذي تعرض له مدنيون لبنانيون في دمشق ووصفه بأنه «عمل همجيّ مدان».

وأكد أن الجريمة «هي عمل ساقط بكل المعايير الإنسانية والأخلاقية، ولا يمتّ بصلة إلى الدين الإسلامي الحنيف الذي يتستر الإرهابيون بردائه»، متوجهاً بالتعازي إلى عائلات الضحايا الأبرياء، وداعياً إلى تفويت الفرصة على الإرهابيين أصحاب العقول والمخططات الفتنويّة الخبيثة، عبر التعالي على الجراح وإظهار أعلى درجات التكاتف الوطني في التصدّي لموجة الإرهاب الأسود وتحصين أمن البلاد واستقرارها».

كما صدرت مواقف شاجبة للجريمة مشيرة إلى أنها تعبر عن عجز الإرهاب وفشله في مواقع القتال الفعلية بما يجعله يستسهل الغدر بالمدنيين الآمنين للتعويض المعنوي عن هزائمه العسكرية، مشددة على ضرورة استئصاله.

حوار على وقع خطاب نصرالله بحضور بري

في مجال آخر، وعلى وقع خطاب السيد حسن نصر الله يوم الجمعة الماضي والذي ووجه بانتقاد حاد من تيار «المستقبل»، تعقد الجلسة الخامسة من الحوار بين التيار وحزب الله غداً الثلثاء في عين التينة. وعلم أنه نظراً لحساسية الوضع سيحضر الجلسة رئيس المجلس النيابي نبيه بري كما يشارك فيها وزير المال علي حسن خليل.

وأكد النائب عمار حوري لـ«البناء» أن خطاب الأمين العام لحزب الله سيكون على طاولة النقاش»، مشيراً إلى «أن الخطاب عكس أجواء غير مريحة لجهة إعلانه عن تغيير قواعد الاشتباك».

وأكد «أن القرار 1701 يحمي لبنان، ولن نوافق على الخروج عنه». وقال: «نفهم أن السيد نصر الله أراد أن يحاكي جمهوره، ويحدث توازناً مع العدو، لكننا لا نفهم حديثه عن إلغاء قواعد الاشتباك، فهو لا يملك القرار وحده، فقرار الحرب والسلم هو بيد الدولة».

إلى ذلك توقفت مصادر مطلعة في «8 آذار» عند كلام رئيس كتلة المستقبل النائب فؤاد السنيورة وبعض نواب الكتلة، وأشارت إلى «أن هذا الكلام إما توزيع للأدوار بين من يحاور حزب الله، وبين من يرفع السقف ويطلق النار، أو أن هناك فعلاً انقساماً داخل «المستقبل»، وأن السنيورة يطرح نفسه بديلاً عن الرئيس سعد الحريري، كونه الرجل الأول عند الأميركيين».

ولفتت المصادر إلى «أن السنيورة يحاول تفشيل الحوار بأي ثمن لأنه أصلاً ضد الحوار، على رغم أن الأميركيين شجعوا هذا الحوار حماية للاستقرار ولتوفير التهدئة».

جيرو في بيروت اليوم وعون متمسك بترشحه

ووسط هذه الأجواء، يصل إلى بيروت مساء اليوم مدير دائرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في وزارة الخارجية الفرنسية والمكلف بملف الاستحقاق الرئاسي في لبنان جان فرنسوا جيرو. وسيبحث جيرو مع المسؤولين اللبنانيين في تطورات الاستحقاق المذكور في ضوء المحادثات التي أجراها في كل من إيران والسعودية في هذا الشأن.

وبالتوازي بدا أن رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون متمسكاً بترشحه إلى رئاسة الجمهورية في وقت تستمر فيه اللقاءات التمهيدية لاجتماعه مع رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع والذي سيكون موضوع الرئاسة الأولى أبرز بنوده.

فقد أكد عون أنه «لن يكون صانع للملوك مجدداً»، قائلاً: «جربناها مع الرئيس السابق ميشال سليمان وما رح تنعاد»…أنا مرشح طبيعي للرئاسة ولبنان لن يبقى بلا رأس».

وفي مجال آخر شدد عون على أنه كان واثقاً من أن رد المقاومة سيكون قبل يوم الجمعة الفائت، وكان واثقاً «من ذكاء وحكمة قيادة المقاومة التي اختارت مكاناً لا يمكن أن يشكّل ذريعة للحريصين على القرار 1701».

تلازم الدورين «الإسرائيلي» والتكفيري

إلى ذلك، أكد حزب الله على لسان قيادييه «أن «إسرائيل» لم تعد هي التي تصنع المعادلات، وتزرع الخوف، بل أصبحت هي التي تخاف، وستعد للمليون قبل التفكير بأي عدوان بعد عملية شبعا»، وشدد على «أن «إسرائيل» جزء من الاصطفاف لاستهداف سورية ودورها متلازم مع الدور التكفيري».

وأكد أن «الرد على الاعتداءات الإسرائيلية يبقى عبر أبطال المقاومة» ومعتبراً «أن دم العدو الصهيوني وجبهة النصرة أصبح واحداً في الاعتداء على الوطن والأمة».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى