«مؤسّسة الشهيد» في اللاذقية… عمل دؤوب للنهوض مهنياً بذوي الشهداء
ياسمين كروم
ضمن الإطار العام الذي تعمل ضمنه «مؤسّسة الشهيد»، والقائم على تأهيل أسَر الشهداء وذويهم، ليتمكنوا من دخول سوق العمل بقوة وإمكانيات تجعلهم قادرين على كسب رزقهم بأنفسهم، على مبدأ «أعلّمه الصيد بدلاً من إطعامه سمكة كلّ يوم»، أطلق فرع المؤسّسة في اللاذقية أولى دوراته التدريبية المتخصّصة في علوم الحاسوب.
واستهدفت الدورة المواطنات والفتيات من ريف اللاذقية الشمالي اللواتي تعرّضن للخطف من قبل المجموعات الإرهابية المسلّحة، وحُرّرن على أيدي الجيش السوري، إضافة إلى عدد من أبناء الشهداء وذويهم، بحيث وصل عدد المتدربين إلى أكثر من 31 مشاركاً.
وأنجزت الدورة بالتعاون ما بين الهيئة السورية للسكان والأسرة ووزارة الزراعة ومعهد «تكنو هوم»، في اللاذقية، إذ تولى فرع «مؤسّسة الشهيد» الأمور التنظيمية والإدارية.
ويشير طارق ابراهيم مشرف فرع المؤسّسة في اللاذقية إلى أن المؤسّسة تعمل وفق معايير دقيقة تعتمد على مسح اجتماعي شامل أسَر الشهداء للوقوف بشكل حقيقي على مؤهلاتهم العلمية والمهنية ومحاولة إيجاد فرص تناسب إمكانياتهم وقدراتهم مع العمل على ترميم ما ينقصهم، ليكونوا جاهزين بشكل كامل لدخول سوق العمل.
ويقول لـ«سانا»: «اخترنا أن يكون نشاطنا الأول ضمن مجال الحاسوب باعتباره أصبح حاجة ملحّة للسوق، فكانت هذه الدورة التدريبية المكثفة التي استمرت لمدة شهر على ثلاث مراحل، وأجرينا اختبارات أولية للمشاركين لنعرف مقدراتهم ومدى ملاءمتهم لبرنامج الدورة التي سيحصلون في نهايتها على شهادة مصدّقة من مديرية التربية، تكون داعمة لهم أثناء البحث عن فرصة عمل. كما أن المستفيدين من الدورات المقبلة سيحصلون على فرصة عمل ضمن مشاريع المؤسّسة التي ستُطلَق مستقبلاً في اللاذقية».
وأكد مشرف الفرع أنّ المؤسّسة تسعى إلى إثبات نفسها عبر مشاريعها على الأرض. ولفت إلى ضرورة تأهيل هذه الشرائح، مبدياً جاهزية المؤسّسة للتعاون مع أيّ جهة أو هيئة أو جمعية لديها فكرة تتلاءم مع توجّه المؤسّسة أو ترغب بدعم مشاريعها التي تتوجه بها للشباب من ناحية تأهيلهم وتأمين فرص العمل لهم، وللمسنّين من خلال تأمين الخدمات الطبية اللازمة لهم.
وذكر ابراهيم أن توجّه المؤسّسة يقوم على إنشاء مشاريع رابحة مستدامة بإدارة صحيحة، وأن المركز الرئيس في حمص لديه عدد من التجارب في هذا المجال كإطلاق مشروع مشغل خياطة أثبت نجاحه بشكل كبير، وسيصار إلى تكرار هذه التجربة في عدة فروع في سورية بالتعاون والتنسيق مع الجهات المعنية التي ستستفيد أيضاً من قاعدة البيانات المتميزة التي تبنيها الجمعية.
من جهتها، قالت المهندسة رباب وردة، مديرية تنمية المرأة الريفية التابعة لمديرية زراعة اللاذقية، أنّ هذا التعاون يعتبر الأول من نوعه مع فرع «مؤسّسة الشهيد» في اللاذقية، ويندرج ضمن الاتفاقية الموقّعة ما بين وزارة الزراعة والهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان، إذ نُفّذ عدد من المِنح الإنتاجية المجانية لأسَر الشهداء.
وتوجهت مديرية تنمية المرأة الريفية خلال الأزمة إلى تمكين المرأة التي فقدت معيلها لتصبح قادرة على تلبية احتياجات أسرتها مع مساعدة النساء المهجرات للبدء بعمل جديد، ومن هنا تقاطعت رؤية المديرية مع رؤية «مؤسّسة الشهيد» وكانت هذه الدورة أولى ثمار التعاون بحسب وردة.
وأضافت: «سيكون هناك برنامج تدريبيّ للنساء، بحيث يصبحن قادرات على تأسيس مشاريع صغيرة خاصة بهن، وستحصل كل سيدة على مِنحة مجانية بقيمة 150 ألف ليرة في نهاية التدريب لتبدأ مشروعها. كما سنعمل على تأمين الدورات التي تتناسب مع حاجاتهن وفق برنامج زمنيّ يبدأ الشهر المقبل، ويستمر حتى انتهاء برنامج الدورات المحدّدة».
أما خضر الحاج، مدير معهد «تكنو هوم»، فأشار إلى أهمية مشاركة القطاع الخاص إلى جانب الجهات الحكومية لدعم المشاريع التي من شأنها مساعدة أسَر الشهداء، لا سيما في المجالين التعليمي والمهني.
ونوّه بالتعاون الذي أبداه المعهد مع «مؤسّسة الشهيد»، إذ استقبل المتدرّبين في قاعاته ومختبراته، إضافة إلى خدمات أخرى ساعدت في إنجاح المحاور السبعة التي شملتها الدورة.
وقال: «سنعمل خلال المراحل المقبلة على تقديم أفكار تتعلق بتدريب الشباب ضمن مجالات أخرى تشمل صيانة الأجهزة الخلوية. وسنحاول تخصيص أربعة مقاعد مجانية لذوي الشهداء، وسيتم المشروع أيضاً بالتعاون مع مؤسّسة الشهيد أو أي مؤسّسة أخرى لها علاقة بهذه الشريحة وترغب بالعمل معنا». مشيراً إلى أنّ للمعهد خطة لتأهيل مئة متدرّب في مجالات الحاسوب المختلفة كالصيانة والويب والتصميم الفني الإعلاني وبرمجيات الجافا. معتبراً أن نجاح الفكرة متعلق برغبة الفرد بأن يطوّر نفسه، إضافة إلى قدراته العلمية.
يذكر أن «مؤسّسة الشهيد» انطلقت في نهاية عام 2013، وتعمل في مجال الإغاثة والدعم النفسي وأنشطة الأطفال، ومركزها حمص حيث أسّست هناك مجمّعاً طبّياً وصيدلية، وعدداً من المرافق التي تقدّم الخدمات مجّاناً لأسَر الشهداء. وافتتحت لها فروعاً في كل من دمشق وريفها وطرطوس واللاذقية، ومؤخّراً في السويداء.