بين مغنية الأب والابن واشنطن وتل أبيب تنسّقان وتغتالان مرة ثانية
روزانا رمّال
اقتربت ذكرى اغتيال الشهيد عماد مغنية القائد الفذ، وصانع انتصارات حزب الله ومحطاته العسكرية الكبرى، والتي تتزامن مع اغتيال نجله أيضاً في عملية القنيطرة التي استهدفت «إسرائيل» من خلالها قادة وعناصر مقاومين، معهم عميد إيراني، في عملية اغتيال مدروسة ومنظمة وفق الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله لدى تأبينه شهداء العملية وشرحه تفاصيل الردّ عليها في مزارع شبعا وظروفها.
مع اقتراب الذكرى برز حدثان اساسيان لا يصنفان بعد تأكيدات السيد نصرالله انّ عملية القنيطرة هي اغتيال مدروس، وتشبيهه إياها بعملية اغتيال الأمين العام السابق لحزب الله السيد عباس الموسوي وزوجته و طفلهما سوى انهما مصادفات متعمّدة اذا صحّ التعبير.
الحدث الاول: اغتيال جهاد مغنية ابن الشهيد عماد مغنية في نفس الوقت تقريباً، ايّ مع استحضار ذكرى عماد مغنية بشكل أكيد لدى جمهور ورجال حزب الله، ومع هذه الذكرى تستنفر «إسرائيل» دائماً وتنعش ذاكرتها التي لم يغب عنها ان هناك حسابا مفتوحا في هذا الشأن مع حزب الله، فالردّ على اغتيال عماد مغنية لم يتمّ حتى الساعة.
التدقيق قليلاً في اغتيال جهاد مغنية يشير الى انّ «الاسرائيليين» يجدون انه كلما تذكروا عماد مغنية، أو كلّ ما ومن يمتّ إليه بصلة أو ذكرى او خطة او درس او فكرة او وحي او خيال او ماض او مستقبل يصيبهم بالتوتر والرعب.
«إسرائيل» التي تعيش على المعنويات والتي تبني حروباً على كلمة او جملة او عبارة يطلقها السيد نصرالله كعبارة «اوهن من بيت العنكبوت» التي أطلقها في بنت جبيل وكانت سبباً لقصف مدينة بنت جبيل ودخولها، وبالتحديد الى مكان إلقاء الخطاب للإيحاء بأنه نصر بذاته، تعرف ان المستقبل… يعني «جهاد مغنية»، وأنّ هالة الاسم بالنسبة إلى «الإسرائيليين» تعني الكثير، وهي استثمرت الاسم فقط وتعرف أنه من باب التأثير على الرأي العام «الإسرائيلي» من باب المعنويات وما تركه اسم عماد مغنية من ذكريات في المخيّلة، فاستهدفت رجال حزب الله عن قصد وبينهم جهاد مغنية وصورة عماد مغنية حاضرة في مخيّلة قادة الجيش «الاسرائيلي» و«الموساد» و«الشاباك» وكلّ من عاصره، وعليه فإنّ ذكرى مغنية تحمل في كلّ عام ما يخضّ الكيان من تحليلات، وربما أتت عملية القنيطرة لتحكي الكثير عن هذا الأمر وعن كلّ ما يدور في بال «الإسرائيليين» في هذا الإطار، وفي هذا لعب واضح على نبض الشارع «الاسرائيلي» ومحاولة لكسب تأييده من خلال استغلاله برمزية استهداف ابن مغنية.
الحدث الثاني: هو انّ ذكرى اغتيال مغنية هذه السنة تحمل معها كشفاً يصحّ فيه القول إعلاناً منسّقاً من صحيفة «واشنطن بوست» عن تفاصيل عملية اغتيال عماد مغنية بعد سبع سنوات عليها، وفيه كشف عن ان العملية تمّت بتنسيق بين الاميركيين و«الاسرائيليين».
يعني انّ اميركا و«إسرائيل» اغتالتا عماد مغنية، وهذا يؤخذ على انه اعتراف، فصحيفة كـ»واشنطن بوست» بالتأكيد لم تحصل على المعلومات هذه من دون مساعدة او من دون إذن رسمي من الجهات الأمنية المختصة في واشنطن وتل ابيب، لتوضع في إطار التداول، فالصحيفة لم تنشر المعلومات ارتجالاً بل بقرار متفق عليه، بل ومطلوب ان ينجز في هذا التوقيت بالذات، ليظهر التنسيق الأمني الكبير بين اميركا و«اسرائيل» في القضايا الاستراتيجية الكبرى.
اما لماذا الاعلان اليوم؟ فلا شك انّ حساباته خاصة تبدأ برسائل موجهة من إيران الى سورية ومن غير المعروف إذا ما كانت ستنتهي بجواب واضح في هذا الإطار وبنجاعة الإعلان عن التفاصيل.
و طالما انّ الاستنتاجات مفتوحة أمام هذا الإعلان انطلاقاً من التنسيق المهمّ بين البلدين لأجل اغتيال مغنية الأب، فإنّ هذا لا يمنع من انّ نفس السيناريو قد تكرّر في القنيطرة اليوم، وأنّ التنسيق بين الولايات المتحدة الاميركية و«اسرائيل» في تنفيذ العملية واستهداف من كان فيها هو قرار منسق بامتياز يتوجه إلى كلّ من ايران وسورية وحزب الله برسائل مفادها «الاستخبارات بين الحلفين المتقابلين على أشدّها».
«توب نيوز»