ميركل تكرر رفضها تسليح أوكرانيا وتفضل التهديد بالعقوبات
قال ألكسندر فيرشبو نائب الأمين العام لحلف شمال الأطلسي إنه يتعين على الغرب أن يعد نفسه لمواجهة طويلة مع روسيا بشأن أوكرانيا وألا يستأنف العلاقات معها بسرعة كما فعل بعد الحرب في جورجيا.
وأشار فيرشبو في كلمة أمام مؤتمر لينغكولن للسياسات الخارجية في العاصمة النروجية أوسلو إلى أنه «يجب أن يتخلل استراتيجيتنا الصبر والمثابرة. تتوقع روسيا منا أن نتخلى عن العقوبات ونعود إلى العلاقات الطبيعية من دون تغيير سلوكها».
وأضاف فيرشبو، وهو ثاني أهم مسؤول مدني في الحلف والسفير الأميركي السابق لدى موسكو: «هذا بالأساس ما فعلناه بعد الحرب في جورجيا عام 2008 لكن هذه المرة علينا أن نلزم المسار الذي اخترناه».
وشدد مسؤول حلف «الناتو» من جهة أخرى على أن الحلف لا يسعى إلى المواجهة مع روسيا ولا يتطلع إلى تغيير نظامها، مضيفاً: «ما نريده حقاً هو أن تغير موسكو سلوكها وتستعيد روح التعاون. ربما سيمر وقت طويل قبل أن يتحقق هذا الأمر وسندعو إلى التحلي بالصبر الاستراتيجي لكن لا أعتقد أننا نملك أي خيار آخر».
وقال فيرشبو إن روسيا تطمح إلى إعادة تثبيت موقعها بين محيطها والسعي إلى بناء تحالفات بديلة من الغرب، مشيراً إلى أن موسكو مصممة على ما وصفه بـ «المفاجأة والصدمة والترهيب»، مع اعتمادها مبدأ التدريبات العسكرية المفاجئة مثل تلك التي تجرى حالياً في منطقة كالينينغراد.
جاء ذلك في وقت كررت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل أمس قولها بأن ألمانيا لن تسلح أوكرانيا لمحاربة «الانفصاليين» الموالين لروسيا وإنما تفضل الحلول الدبلوماسية مثل التهديد بتشديد العقوبات إذا ساء الوضع.
وقالت ميركل في مؤتمر صحافي «كما قلت أمس، لن ترسل ألمانيا لأوكرانيا أي أسلحة فتاكة»، وأضافت: «نركز على الحل الدبلوماسي وأوضح وزراء الخارجية إنه إذا ساء الوضع فسيكون من الضروري العمل على مزيد من العقوبات».
وفي السياق، قال وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير بأن تزويد أوكرانيا بالأسلحة الأميركية في حال حدوثه لن يسهم إلا في ارتفاع حصيلة ضحايا النزاع.
وعبّر شتاينماير خلال مؤتمر إقليمي لحزب ألمانيا الاجتماعي الديمقراطي في نورنبيرغ عن قناعته بأن هذا النزاع «لا يمكن حله بالطرق العسكرية»، لافتاً إلى أن أصدقاءه الأميركيين الذين يبحثون مسألة تزويد أوكرانيا بالأسلحة يشاطرونه هذا الرأي أيضاً.
وشدد رئيس الدبلوماسية الألمانية على ضرورة محاولة تسوية النزاع في أوكرانيا فقط عن طريق المفاوضات، مضيفاً بأن «القرارات السياسية الحقيقية تتجسد على أرض الواقع من خلال الجلوس إلى طاولة المفاوضات، لا بواسطة التهديد بالسلاح مطلقاً».
من جهة أخرى، قالت واشنطن على لسان نائب مستشار الأمن القومي الأميركي بن رودس بأنها لا ترى أن الرد على الأزمة في أوكرانيا يتمثل في إرسال مزيد من الأسلحة إلى هناك.
وقال رودس: «ما زلنا نعتقد أن أفضل سبيل للتأثير في حسابات روسيا يتأتى من خلال العقوبات الاقتصادية التي تؤثر بشدة في الاقتصاد الروسي».
وأعلنت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية جين بساكي، أن واشنطن لم تتخذ بعد قراراً بشأن تزويد كييف بالأسلحة، إلا أنها لا تستبعد أي سيناريوهات.
مع ذلك، أكدت بساكي أن الحل السلمي للنزاع الأوكراني يعد أولوية لواشنطن، مشيرة إلى أن بلادها لا تريد خوض حرب غير مباشرة مع روسيا من خلال مساعدتها لأوكرانيا.
في الوقت ذاته اعتبرت بساكي أن تزويد واشنطن لكييف بالأسلحة لن يمثل خرقاً لاتفاقات مينسك، كون الولايات المتحدة لم توقع على هذه الوثيقة.
وفي السياق ذاته، نقلت وكالة «أسوشيتد برس» عن مصدر في الإدارة الأميركية، أن الرئيس باراك أوباما يدرك التبعات السلبية المترتبة على دعم كييف بالسلاح، ومن بينها احتمال اندلاع حرب غير مباشرة مع روسيا، إلى جانب عدم إمكان اتقان العسكريين الأوكرانيين استخدام الأسلحة الأميركية في وقت قصير.
جاء ذلك في وقت قدم الرئيس أوباما موازنة عام ألفين وستة عشر، والتي خصص جزءاً منها لما سماه الاعتداءات الروسية ودعم كييف.
واقترح أوباما تخصيص جزء من الموازنة للسنة المالية 2016 لدعم أوكرانيا ومواجهة ما وصفه بالتحديات الروسية.
أعلن جوش إرنست، المتحدث باسم البيت الأبيض أن الولايات المتحدة ستواصل نهجها لعزل روسيا. وقال إن «الرئيس لا يزال يعتبر أنه يجب على إدارته دائماً دراسة استراتيجية الاستمرار بعزل نظام بوتين في روسيا، لإقناعه بإعادة النظر في الاستراتيجية المتبعة إزاء أوكرانيا».
واعتبر المتحدث أن «استراتيجية البيت الأبيض بحق روسيا أثبتت نجاعتها في تطبيق نظام العقوبات ضد الاقتصاد الروسي، وانخفاض قيمة العملة، وخفض تصنيف السوق الروسية الائتمانية».
وتفاخر إرنست قائلاً إنه بفضل العقوبات ظهرت توقعات بانكماش الاقتصاد الروسي «وأي تقييم يمكن أن يظهر أن الاقتصاد الروسي تعرض لضربة كبيرة بسبب القرارات الاستراتيجية التي اتخذها الرئيس بوتين بحق أوكرانيا».
وأضاف أن الإدارة الأميركية ليست لديها حالياً أية قرارات جديدة حول توريد السلاح لأوكرانيا، بحسب ما يدعو عدد من الخبراء المحليين والجنرالات المؤثرين، لافتاً في الوقت نفسه إلى أن أوباما يدرس «الخيارات كافة» بهذا الصدد.
ميدانياً، أعلنت جمهورية دونيتسك الشعبية مقتل 5 وإصابة 13 من سكان المدينة نتيجة تبادل القصف في الـ24 ساعة الأخيرة.
وقالت السلطات أمس إن القصف ألحق أضراراً بمحطة كهرباء كانت تغذي أربع محطات فرعية قوية في المدينة.
من جهة أخرى، أعلن فياتشيسلاف أبروسكين، مدير الشرطة الأوكرانية لمقاطعة دونيتسك مقتل 6 مدنيين في المدن والقرى التي تسيطر عليها سلطات كييف. وقال: «قتل 6 مواطنين مسالمين، بينهم طفلة من مواليد 2003، ففي أفدييفكا قتلت القذائف امرأة، فيما قُتل ثلاثة أشخاص في ديبالتسيفو. وقتلت طفلة في مدينة ميرونوفسكي بعد إصابتها بشظايا».
وكان إدوارد باسورين، نائب قائد أركان دونيتسك قد أكد في وقت سابق أن قوات الدفاع الشعبية لا تحاول اقتحام ديبالتسيفو «لتجنب سقوط سكان أبرياء»، مشيراً إلى سيطرة القوات على 16 بلدة مجاورة.
ومن جانب القوات الأوكرانية سقط خلال اليوم الأخير في دونباس 6 قتلى و27 جريحاً، وفق ما أعلن المتحدث باسم العملية شرق أوكرانيا أندريه ليسينكو.
وعرض مقر قوات الدفاع الشعبي في جمهورية دونيتسك أجزاء لصواريخ تستخدم في قوات دول حلف «الناتو» حصراً. وقال باسورين إن «هذه القذائف مخصصة للقوات المسلحة لدول الناتو، وأحدها مزود بصاعق خاص يفجر القذيفة عند الاصطدام بالحائط، والجيش الأوكراني لا يملك تسليحاً بمثل هذه القذائف».
يذكر أن القوات الشعبية أعلنت في كانون الثاني الماضي عثورها في مطار دونيتسك حيث كانت تجري معارك مع القوات الأوكرانية، على أسلحة أميركية الإنتاج.
في غضون ذلك، دمرت قوات الدفاع الشعبي بطاريتي صاروخ تابعتين للقوات الأوكرانية في الشرق من دونيتسك. وأكد مقر القوات الشعبية أن «نار مدفعيتنا دمرت ليل اليوم موقعين كانت القوات الأوكرانية تقصف منهما مناطق دونيتسك الغربية».