قائد بحجم العالم
رانيا مشوِّح
حاولوا تسييجه بسياج الخوف فوجدوه للخوف أماناً، زعموا الرجعية في أدائه فتقدّم بخطى ثابتة فوق توقعاتهم، هاجموه وأسقطوه في مخططاتهم وأفعالهم وأوهامهم فأجبرهم على الرضوخ لواقع اسمه القائد بشار حافظ الأسد… حاولوا وسلّحوا، قصفوا وهاجموا حتى عجزوا… وسقطوا عند سدّه المنيع، انطلقوا من عبارات الحرية والقمع والإسقاط والسلمية فغرقوا في دوامة إرهابهم وبقي هو ربان السفينة التي لن تنقذ سورية فحسب بل ستنقذ العالم بأسره وتحت قيادته هو، عادوا وخففوا اللهجات واستبعدوا عبارات الإسقاط والتنحي للبقاء بشروطهم فغاصوا في وحل نيران أشعلوها فطالت جمراتها عروشهم، وبقي بشروطه وبدعم شعبه.
لم تعد تصريحاتهم ذات أهمية ولا جدوى فرجعوا من حيث بدأوا وبدأ إعلامهم الذي سخّروه أربع سنوات للتهجّم على الرئيس بشار الأسد لثنائه ومدحه، فكلنا قرأ ما كتبته صحيفة «الاندبندنت» بعد أحداث فرنسا، والتي دعت إلى عدم التردّد في الإعلان عن نهاية الخصومة مع سورية ورئيسها، قائلة: دعوا الرئيس الأسد يتكفل بالحرب على الإرهاب، فهو سيد هذه الحرب، ويكفيكم شرفاً أن تساعدوا في مخرج لائق يبرّر لكم هذا التعاون، عبر الإسراع في مصالحة سورية. وفي مقال لـ«الغارديان» علّق على كلام قائد الجيش البريطاني السابق اللورد دانات الذي قال: إنه كان يجب علينا أن نكون أكثر إدراكاً لتاريخ سورية وجيوسياستها قبل عام، والآن علينا أن نتحدث إلى الأسد في السرّ والعلن حول المعركة المشتركة ضدّ «داعش».
أما المقال الأبرز الذي نشرته صحيفتا «واشنطن بوست» الأميركية و«إندبندنت» البريطانية فكان لمحلل الشؤون الخارجية الأميركي الهندي إسهان ثارور بعنوان «بوتين قد يكون محقاً حول سورية»، الكاتب ذكّر بما جاء في المقال الذي كتبه الرئيس الروسي في صحيفة «نيويورك تايمز» في أيلول من العام الماضي، والذي حذر من «مخاطر ضرب نظام الأسد كونه نظاماً علمانياً في مواجهة مجموعة من المرتزقة المتطرفين، ما سيؤثر على كامل قضايا المنطقة، هذا لا يجعل من فلاديمير بوتين قديساً ولكن يجعله أكثر حكمة من باراك أوباما وجون ماكين في ما يتعلق بالشرق الأوسط .
أما الياس غرول الذي تحدث في مجلة «فورين بوليسي» عن الوضع الغريب الذي يجد فيه أوباما نفسه الآن مع رجل سورية القوي الأسد وقد بات رفيقه في المعركة ذاتها. كما قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية ماري هارف لـ«فوكس نيوز»: كلا، لا نحن لسنا في الخندق نفسه مع النظام السوري لكن لدينا أهدافاً مشتركة معه في التخلص من داعش». و لعلّ ما ورد على لسان هنري كيسنجر يلخص الكثير عندما قال: اليوم تدهشني سورية بشار الأسد، فالشعب بغالبيته الساحقة يحبه ويقف معه».
طالت الأحداث الدامية كلّ شبر من أراضي الجمهورية العربية السورية فنأى من يتهاوون فوق المنابر بأنفسهم لخارج سورية يتباكون وينحبون على الشعب السوري لكن بقي هو يشارك شعبه في كلّ المناسبات، يحاور ويتنقل من المسجد إلى الساحات العامة، ويبدأ سنته الجديدة في أرض الميدان بين جنوده يقاسمهم الزاد على الرغم من بساطته التي عهدها أبناء شعبه، إلا أنه بقي لغزاً عجز عن حلّ أبجدياته كبار الخبراء في العالم، وصاروا كلما ذُكر اسمه يضعون عشرات إشارات الاستفهام والتعجّب… الأسد القوي، سيد الحروب، رجل سورية القوي، بات اليوم سيد العالم بأسره بذكاء وحنكة. كذبهم أوصلهم إلى ما هم فيه الآن من تخبّط، وطاولت مخططات تخريبهم عمق ديارهم فعادوا إلى الصادق الذي حذرهم من مغبة ما يفعلون، لعل ما سأقوله لن يرضي البعض لكنه وبوضوح لا يخفى على أحد جمع من صفات الأنبياء ما يكفيه وبات هو «المُخّلص الأمين»… بشار حافظ الأسد.