مدارات تهديدات «الحرب الثالثة» على لبنان «إسرائيل» الضعيفة تهدّد ولا تحارب

ناديا شحادة

هناك كلام كثير هذه الإيام عن ان «إسرائيل» قد تشن قريباً حرباً ثالثة كبيرة على لبنان بهدف انزال هزيمة حاسمة بحزب الله، وتتواصل التهديدات «الإسرائيلية» بهذا الخصوص وآخرها تهديد وزير الخارجية افيغدور ليبرمان الذي اعتبر انه لا مفر من حرب ثالثة على لبنان، لافتاً إلى ان حزب الله قام بفرض قواعد لعبة جديدة. وفي حديث الى صحيفة «يديعوت احرونوت» رأى ليبرمان ان حزب الله هو أكثر جرأة وتصميماً واستنفزازية وكشف انه تم اختراق قوة الردع «الاسرائيلية» بعد هجوم حزب الله في مزارع شبعا، معتبراً ان الرد «الإسرائيلي» على هذه العملية لم يكن كافياً وان قواعد اللعبة تغيرت، مشيراً الى ان حزب الله هو الذي اجبرنا على ذلك.

وكان وزير الدفاع «الإسرائيلي» موشيه يعالون هدد سابقاً بأن «إسرائيل» ستضرب أي دولة أو منظمة تعتدي عليها وستجعله يدفع ثمناً باهظاً وان الجيش «الإسرائيلي» عزز قواته في الجبهة الشمالية تحسباً لأي تهديد محتمل…

والمتابع للشأن السياسي يرى ان «إسرائيل» ان شنت حرباً على لبنان فلن تسلم لأنه من المؤكد ان حزب الله سيفي بوعوده بالثائر لأي هجوم «إسرائيلي» على لبنان وان نيران الصواريخ المدمرة المنصبة على شمال «إسرائيل» ستؤدي الى تهجير مليون «إسرائيلي» أو أكثر بالاضافة الى ان رجال حزب الله سيشنون حرب عصابات ضدها هذا ما حدث اثناء حرب لبنان الاولى عام 1982 والتي انتهت عام 2000 بعد ان سلمت «إسرائيل» بأنها لم تستطع هزيمة حزب الله وسحبت قواتها من لبنان، وليس مستغرباً ان «إسرائيل» لم تشن هجوماً برياً ضخماً على جنوب لبنان اثناء حربها الثانية عام 2006 فلقد خاف جيشها ان يشتبك مع حزب الله على الارض لانه كان يعرف انه لن يستطيع الفوز وانه قد ينتهي على الارجح عالقاً في مستنقع من الاوحال شبيه بذاك الذي علق فيه ثمانية عشر عاماً اثناء الحرب الاولى 1982- 2000. وقد أكد الباحثون ومراكز البحوث في تقديم أدلة قاطعة على ان «إسرائيل» لا تستطيع ان تراهن الآن على حسم أي حرب لصالحها، والادلة التي ساقوها كثيرة: حرب 2006 في لبنان وحرب أواخر عام 2008 في قطاع غزة ثم حرب 2012 «عمود الدخان» في غزة وحملة «الجرف الصلب» في صيف 2014.

والنتيجة المهمة التي توصل اليها هؤلاء الخبراء ان القيادة السياسية والعسكرية «الإسرائيلية» تتغافل عن رؤية واقع جديد طرأ على المشهد الاستراتيجي في المنطقة هذا الواقع يتمثل في دور حركات المقاومة اللبنانية والفلسطينية في الصراع والتوازن العسكري وان الحروب مع هذه الحركات استمرت لأسابيع عدة ويمكن ان تستمر لأشهر عدة، واعترف هؤلاء ان «إسرائيل» اخفقت في تحقيق أي نصر على حزب الله والفصائل الفلسطينية في الماضي، أما المستقبل فقد يتحول الفشل في تلك الحروب الى هزيمة عسكرية كبيرة.

ويرى مراقبون انه على رغم عجرفة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والمحيطين به في اليمين كأفيغدرو ليبرمان والجنرال موشي يعالون وزير الحرب، واطلاقهم لتهديدات بشن حرب ثالثة على لبنان تعيدها الى الوراء لعشرات السنين ما هي إلا تصعيد اعلامي «إسرائيلي» وصريخ انتخابي. وهناك قيادات عسكرية وأمنية «إسرائيلية» تصدت لهذه العجرفة من بين هؤلاء جنرال الاحتياط ايغيورا ايلان مستشار الامن القومي الاسبق والجنرال يعقوب عميد رور رئيس مجلس الامن القومي الاسبق وميئير دوغان رئيس الموساد السابق وقد اختزلوا الرد في نصيحة أسداها هؤلاء لنتنياهو بأن الحرب ليست هواية يمارسها هاوٍ مهووس مثل نتنياهو وان هذا الاخير لم يتعلم دروساً من ايهود باراك الذي هزم في لبنان ولا من أيهود أولمرت الذي هزم مرتين مرة في لبنان ومرة في قطاع غزة كما ان نتنياهو فشل في استخلاص أي درس من حرب ضد قطاع غزة عام 2014.

وبالنظر الى جميع المؤشرات يبقى السؤال هل «إسرائيل» ستقدم على عدوان جديد على لبنان أم أن التهديدات التي زادت وتيرتها في الآونة الاخيرة انما تأتي في حراك انتخابي مع اقتراب انتخابات الكنيست العشرين التي ستجري في 17 آذار المقبل، وفي سياق اعلامي هدفه تحذير حزب الله من اقدامه على أي عمل عدائي تجاه «إسرائيل» ولا سيما بعدما تواترت معلومات عن أن الترسانة العسكرية لحزب الله تضاعفت عما كانت عليه سابقاً.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى