فضيحة السنيورة: استدراج المقاومة لكشف الغموض حول الـ1701 الأردن يشتعل غضباً لحرق الكساسبة ويسبق لبنان بإعدام المحكومين
كتب المحرر السياسي:
استقطب إحراق الطيار الأردني معاذ الكساسبة اهتمام العالم، واللبنانيون منهم، لوحشية الإعدام من جهة، ولجهة أخرى أضافها شعور اللبنانيين بالغيرة من الأردن، بعدما بدا أنّ اتجاه الغضب الشعبي والرسمي أنتج خطوات فورية تمثلت بالاتجاه إلى تنفيذ أحكام الإعدام المؤجلة بحق إرهابيين من «القاعدة»، يهمّ «داعش» أمرهم، لإنشاء توازن ردع يمنع «داعش» من الاستخفاف بالأرواح التي تقع رهائن بين أيديها، بينما اللبنانيون ينتظرون على جمر القلق مصير رهائنهم، وينتظر سكين الموت هؤلاء الرهائن، وربما يكون من تداعيات التأثر بالمشهد الأردني ما قاله أمس تلميحاً أحد آباء العسكريين المخطوفين عن نية الانتقال إلى أخذ رهائن من رعايا الدول المتورّطة برعاية الخاطفين، وبعض أهالي العسكريين يتساءل لماذا لا تضع الحكومة مجرّد التهديد بالتوقيع على أحكام الإعدام النافذة بحق الإرهابيين المحكومين، على الطاولة للمفاوضة لضمان حياة الرهائن اللبنانيين ريثما يتمّ التوصل إلى حلّ تفاوضي يؤدّي إلى الإفراج عنهم.
ولولا الحدث الأردني مساء أمس لبقيت أنظار اللبنانيين مشدودة فقط إلى ما يجري في الجلسة الخامسة للحوار بين تيار المستقبل وحزب الله، في ضوء ما بدا أنه خطة تصعيد يقودها الرئيس فؤاد السنيورة ضدّ مواقف حزب الله وأمينه العام، بالوقائع والمواقف التي نتجت من عملية مزارع شبعا.
جاء الموقف السعودي الذي عبّر عنه السفير علي عواض عسيري في صحيفة «الحياة»، والمساحة والسياق اللذان خصصتهما الصحيفة التي تُرسم سياساتها في الرياض لمقال عسيري، إضافة إلى الصلة المميّزة التي تربط عسيري بولي العهد الجديد الأمير مقرن بن عبد العزيز، ليقول إنّ كلام عسيري عن أهمية الحوار، رسالة شديدة اللهجة ضدّ من يسعون إلى نسفه، والمكان هنا ليس للتحليل، فيبدو أنّ السعودية استشعرت وجود خطة لنسف الحوار، وأرادت استدراكها برفع الصوت سريعاً، ونفض يدها من المتورّطين، ومنعهم من الإيحاء أنهم ينقلون غضبها أو عتبها.
الموقف السعودي الساعي لحماية الحوار بين «المستقبل» وحزب الله، كجسر عبور للحوار بالإيجابية المنتظرة منه، ودوره في تخفيف الاحتقان المذهبي، وصولاً إلى اللحظة المناسبة للحوار بين الرياض وطهران، تلاقى في منتصف الطريق مع مساعي رئيس مجلس النواب نبيه بري لحماية الحوار من التخريب، فنجت الجلسة الخامسة من لغم السنيورة.
هبط سقف السنيورة مع الموقف السعودي من السعي إلى نسف الحوار، ورفع منسوب التوتر، إلى سقف آخر هو محاولة إحراج حزب الله لاستصدار موقف ينهي سرّ الغموض الذي أراده السيد حسن نصرالله تجاه القرار 1701، الذي تجاهله كلياً في خطابه لدى الحديث عن سقوط قواعد الاشتباك، وصارت خطة السنيورة أن يلاحق ممثلوه في الاجتماع ممثلي حزب الله بالقول نريد أن نسمع جواباً على سؤال محدّد، هل أنتم مع القرار 1701 أم تعتبرونه قد سقط مع الإعلان عن سقوط قواعد الاشتباك، وانتهى الاجتماع بتأكيد إدانة إطلاق النار ابتهاجاً وحزناً في المناسبات وتأييد الخطط الأمنية ونزع الملصقات من بيروت وسائر المناطق من دون أن يروي السنيورة غليله بالجواب المنتظر لينقله إلى من طلبه منه، حيث القلق أميركي بامتياز على «إسرائيل»، والسنيورة يجاهر بأنّ أميركا الصديق الوفي للبنان، والأميركي لن يبخل على «إسرائيل» بالجواب، سواء كان نعم سقط القرار فتعلن الحرب السياسية والإعلامية على المقاومة ويقودها السنيورة بتهمة عبث المقاومة بالاستقرار، أو جاء الجواب لا لم يسقط القرار فتطمئن واشنطن لتطمئن تل أبيب، ويعرف نواب «المستقبل» ورئيس كتلتهم أنّ الحكومة اللبنانية هي الجهة المطلوب منها موقف واضح من القرار، وهي قامت بواجبها وأعلنت مجدداً تمسّكها به وفيها ممثلون عن حزب الله لم يعترضوا، فلماذا الإصرار على حرمان المقاومة من غموض موقفها خارج الحكومة ولو كان في هذا ما يريح «إسرائيل»؟
بقي القلقان الأميركي و«الإسرائيلي»، واستمرّ الحوار، وفشل السنيورة، واستمرّ الغموض، وصار السؤال لماذا لا تسأل الحكومة عن الخروقات «الإسرائيلية» للقرار 1701 وهي بالآلاف، ولماذا تسأل المقاومة التي يجمع العالم على أنها بعمليتها الأخيرة لم تصب بشعرة القرار 1701، وتطابقت مع كلّ معاييره وضوابطه، لكن هل المطلوب إذا ارتكبت «إسرائيل» أي حماقة عدوانية مؤلمة أن تتعهّد المقاومة بأنها لن تستعمل ترسانتها الصاروخية من الأراضي اللبنانية لتمطر منشآت العدو ومستوطناته بالصواريخ، عبر القول إنها متمسكة بالقرار 1701، وهل يجب أن تعلن تمسكها به ليطمئن السنيورة أنّ بمستطاعه مساءلتها عن كيفية جلب المزيد من السلاح والقرار ينص على منع دخول السلاح؟
نجح الحوار في تخطي العتبة الصعبة، ونجحت المقاومة بالبقاء على غموض مفهومها لسقوط قواعد الاشتباك وبقيت مفاعيل نصر شبعا ومعادلات خطاب قائد المقاومة ترسم المشهد وتتصدّره.
بالتوازي مع انعقاد الجلسة الخامسة من الحوار بين «حزب الله» و«تيار المستقبل»، صعّدت الكتلة النيابية للأخير مواقفها ضدّ الحزب، لكن ذلك لم يمنع الجانبان من الجلوس إلى طاولة واحدة.
فقد عقدت أمس جلسة الحوار الخامسة بين «حزب الله» و«تيار المستقبل» في مقرّ الرئاسة الثانية في عين التينة، بحضور المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله حسين الخليل، والوزير حسين الحاج حسن، والنائب حسن فضل الله عن الحزب، ومدير مكتب الرئيس سعد الحريري نادر الحريري والوزير نهاد المشنوق والنائب سمير الجسر عن تيار المستقبل. كما حضر الجلسة الوزير علي حسن خليل.
وبعد الجلسة صدر البيان التالي: «استكمل المجتمعون النقاش حول عدد من النقاط بصراحة ومسؤولية، ورحّبوا بالخطوات التنفيذية لإزالة الصور والملصقات في بيروت وغيرها من المناطق. وتابعوا التحضيرات المتعلقة باستكمال الخطة الأمنية.
من جهة أخرى أكد المجتمعون رفضهم إطلاق النار في المناسبات كافة وعلى كلّ الأراضي اللبنانية أياً كان مبرره».
تصعيد «المستقبل»
وفي مقابل الأجواء الهادئة للمناقشات، شنّت كتلة «المستقبل» النيابية بعد اجتماعها برئاسة النائب فؤاد السنيورة معتبرة أنّ «المهمة الأساسية لأيّ قوة سياسية هي النظر بحكمة وموضوعية إلى مصلحة الوطن والمواطن وحمايتهما وليس اتباع سياسات وممارسات متهوّرة تتسبّب بزيادة حدة التطرف المؤدّي إلى العنف بما يعرّض الأمن والاستقرار في البلاد إلى الخطر».
ودانت إطلاق النار عند إطلالات الأمين العام للحزب متهمة الحزب بـ«ترهيب المواطنين اللبنانيين ! ».
ورأت الكتلة أنّ الكلام الذي صدر عن السيد حسن نصرالله، «الذي اعتبر فيه أنّ قواعد الاشتباك مع العدو الإسرائيلي قد سقطت، يعبّر عن موقف متفرّد ومتسرّع، وهو بذلك قد تجاوز إرادة الشعب اللبناني ونقاط إجماعه السياسية، وهو ما يعتبر تخلياً وفي شكل أحادي ومن دون تفويض عن قرارات دولية وتحديداً القرار 1701 والتي سبق للبنان أن التزم بها».
وأشارت إلى أنها «لا تقبل في هذا المجال كلام السيد حسن نصرالله»، معتبرة أنه إقحام للبنان في مخاطر كبيرة.
كما اتهمت إيران «بتحويل لبنان إلى ساحة مواجهة مع إسرائيل لأغراض إيرانية لا تمتّ بصلة إلى المصلحة اللبنانية العليا ولا إلى المصلحة الفلسطينية أو العربية».
في غضون ذلك، وبناء على إحالة كلّ من وزير العدل اللواء أشرف ريفي والنائب العام التمييزي القاضي سمير حمّود، سطر مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر، استنابات قضائية إلى كلّ من المدير العام لقوى الأمن الداخلي وإلى مديرية المخابرات في الجيش اللبناني للتحري عن الأشخاص الذين أطلقوا الرصاص في الهواء في 30 كانون الثاني الماضي والبحث عنهم وتوقيفهم وسوقهم إلى دائرته.
على صعيد الاستحقاق الرئاسي، جال مدير دائرة الشرق الأوسط وأفريقيا في وزارة الخارجية الفرنسية فرانسوا جيرو على عدد من المسؤولين اللبنانيين، للبحث في تطورات هذا الملف من دون تحقيق أي خرق في هذا المجال.
المتهمون بتفجيري ضهر البيدر والطيونة
أمنياً، واصل الجيش التصدي لمحاولات تسلّل الإرهابيين من جرود عرسال ورأس بعلبك إلى مراكزه موقِعاً في صفوفهم خسائر بشرية. فيما أصدر
قاضي التحقيق العسكري الأول رياض أبو غيدا قراره الاتهامي في حادثة تفجيري ضهر البيدر والطيونة، فاتهم كلاً من الموقوف محمود أبو عباس والفارين من العدالة: حسين زهران، أحمد حميد وسراج الدين زريقات، بجناية الانتماء إلى تنظيم إرهابي مسلح والقيام بأعمال إرهابية وإدخال سيارات مفخخة إلى لبنان.
وتبيّن أنّ الانتحاري الذي فجر نفسه في ضهر البيدر هو أحمد حيدر.
كما سطر أبو غيدا مذكرة تحرّ دائم، توصّلاً إلى معرفة الهوية الكاملة لرضوان خروب، حمد بكري، محمود ياسين، خالد جلول، الدرعاوي وعلي. وأحال المتهمين أمام المحكمة العسكرية الدائمة للمحاكمة.
تعليق إضراب الشاحنات في المرفأ
في الشؤون المطلبية، علقت نقابة مالكي الشاحنات العمومية في مرفأ بيروت إضرابها المفتوح أمس، من دون تحديد مهلة للتعليق، «في خطوة إيجابية منها»، كما أعلن رئيسها نعيم صوايا بعد سلسلة من المشاورات بين أعضاء النقابة وأصحاب المصالح المعنيين.
وانضم رئيس النقابة نعيم صوايا وعدد من الأعضاء إلى الاجتماع الذي عُقد قبل ظهر أمس في بكركي في حضور المطران بولس صياح ووزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب المكلف من رئيس الحكومة متابعة الملف، ونقابات مرفأ بيروت وممثلي الأحزاب المسيحية للبحث في ملف الحوض الرابع.
وأوضح بو صعب أنه جرى إطلاع المجتمعين على أجواء الاجتماع مع سلام
الذي وصفه بـ«الإيجابي جداً … . ومن هنا تمنينا على المعنيين والنقابة وأصحاب المصالح في مرفأ بيروت تعليق الإضراب إفساحاً في المجال أمام رئيس الحكومة كي يقوم بالمسعى المطلوب وينقل الهواجس إلى المعنيين في المرفأ لكي يتمكن من اتخاذ القرار المناسب».
إلى ذلك يعقد مجلس الوزراء اليوم جلسة في السراي الحكومية برئاسة سلام للبحث في جدول أعمال عادي، وأبرز ما سيبحثه موضوع الزواج المدني الذي سيطرحه وزير الداخلية نهاد المشنوق.