نتنياهو والتأزّم غير المحسوب مع أوباما
سامر ديب
توتر العلاقات بين الرئيس الأميركي باراك أوباما ورئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو ليس وليد اللحظة، وإنما برز علانية منذ تولي أوباما مهمات ولايته الرئاسية الأولى. واستضاف الكونغرس منذئذ نتنياهو مرتين لإلقاء خطاب في جلستين مشتركتين، خصوصاً أنه يحظى بدعم الغالبية العظمى من أعضائه.
بدأ عدد من أعضاء الكونغرس الأميركي من الحزب الديمقراطي بتوزيع عريضة للتوقيع تطالب رئيس مجلس النواب جون باينر، بإلغاء الدعوة لنتنياهو لإلقاء خطاب في الكونغرس في الثالث من آذار القريب.
وبحسب تقرير لوكالة «بلومبيرغ»، جاء في العريضة الموجهة لباينر: «بصفتنا أعضاء كونغرس مؤيدين لـ «إسرائيل»، نحن نتشاطر القلق من كونك تستخدم رئيساً أجنبياً كأداة ضد الرئيس أوباما ».
وبدأ الثلاثة توزيع نصّ العريضة على 435 عضو مجلس النواب و100 عضو من مجلس الشيوخ. ولا يرد في العريضة تهديد بمقاطعة خطاب نتنياهو إذا لم تلغ الدعوة.
وكان المتحدث باسم باينر أكد في أعقاب الحديث عن إمكان تراجع نتنياهو عن الزيارة أنه «مصرّ على الدعوة»، وقال: «إن الخطاب سيجرى في موعده».
ولفتت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية في تقرير إلى أن ثلاثة من أعضاء الكونغرس أعلنوا أنهم سيقاطعون خطاب نتنياهو أمام الكونغرس.
وجاء أن الثلاثة هم ج. ك. باترفيلد، وإيرل بلومناور وجون لويس. واعتبر الأخير أن توجيه الدعوة لنتنياهو إهانة للرئيس الأميركي ولوزارة الخارجية. وانتفد باترفيلد رئيس مجلس النواب باعتبار أنه كان سبب هذه الأزمة، كما انتقد نتنياهو لقبوله الدعوة التي جعلت من زيارته الولايات المتحدة سياسية.
ونقل عن السيناتور رتيشارد دربين قوله إنه يدرس مقاطعة الخطاب، مشيراً إلى أن كثيرين من الحزب الديمقراطي في الكونغرس والشيوخ يريدون التغيّب عن الخطاب للتعبير عن دعمهم لأوباما، وإبداء معارضتهم للخطوة التي قام بها نتنياهو والجمهوريون.
وتناولت الصحف العبرية الصادرة اليوم تأكيد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الليلة الماضية اعتزامه التوجه إلى واشنطن في مطلع الشهر المقبل لمخاطبة مجلسي الكونغرس الأميركي حول القضية الإيرانية نافياً بذلك الأنباء التي تحدثت عن احتمال إلغاء هذا الخطاب أو تأجيل الزيارة.
واعتبر أوباما خلال مؤتمر صحافي عقده مع المستشارة الألمانية، أنغيلا ميركيل، أن زيارة نتنياهو «من شأنها فقط أن تعكر الأجواء في المحادثات بين الغرب وإيران». وأضاف: «لا حاجة لتعكير أجواء المفاوضات، بالذات في مراحلها النهائية».
وقالت مصادر إعلامية عبرية إن منظمات يهودية أميركية وعلى رأسها «إيباك» تنصّلت من زيارة نتنياهو «المثيرة للجدال» لواشنطن لإلقاء خطاب أمام الكونغرس من وراء ظهر البيت الأبيض وأنها أبلغت الإدارة الأميركية أن لا علاقة لها بترتيب الزيارة فيما رجّح معلقون «إسرائيليون» أن يبادر نتنياهو لإلغاء الزيارة.
وكان معلقون «إسرائيليون» توقعوا أن يقوم نتنياهو بإلغاء الزيارة لواشنطن تجنباً لتأجيج الأزمة مع البيت الأبيض ورجح العديد منهم أن يجد نتنياهو طريقاً ما للخروج من هذا المأزق من خلال إلغاء الزيارة لا سيما بعد إعلان نائب الرئيس جو بايدن مقاطعته خطابه.
نتنياهو على اعتقاد راسخ بأن الرئيس أوباما لم يعد يحسب له حساباً في رسم السياسة الخارجية للولايات المتحدة، ولا يعوّل البتة على تلطيف الأجواء مع البيت الأبيض قبل مغادرة الرئيس أوباما، ومن هنا باستطاعة المرء فك طلاسم تصرفات نتنياهو المتهورة تجاه البيت الأبيض، ومراهنته على نسج علاقة مباشرة مع مجلس الكونغرس. حقيقة الأمر أن نتنياهو يدرك أيضاً حدود الضغط الأميركي الذي قد يمارسه الرئيس ووزير خارجيته «لتلطيف» غلواء السياسة «الإسرائيلية».