هل غيّرت السعودية موقفها من مصر؟

حميدي العبدالله

يتساءل كثير من المحللين والمتابعين للعلاقات المصرية السعودية، عما إذا كان هناك تغيير في مواقف المملكة من مصر بعد رحيل العاهل السعودي عبدالله بن عبد العزيز. التساؤل لم يأت من فراغ، بل ثمة مؤشرات سياسية عديدة هي التي أوحت به، من بين هذه المؤشرات، إقدام قناة «العربية» على حذف برنامجين مخصّصين لمصر، كانت مواد هذين البرنامجين مكرّسة للدفاع عن نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وشنّ هجمات ضدّ جماعة «الإخوان المسلمين» وحلفائها. ومعروف أنّ هذا التغيير في سياسة «العربية»، جاء إثر تغيير في إدارتها حيث حلّ تركي الدخيل محلّ المسؤول السابق عن القناة. ومن بين هذه المؤشرات عودة قطر إلى السياسة المعادية لمصر على النحو الذي كانت عليه قبل المصالحة السعودية القطرية التي مهّدت لهدنة بين مصر ودولة قطر، وعادت قناة «الجزيرة» إلى شنّ حملات مكثفة وقوية ضدّ مصر، إضافةً إلى تكثيف حضور المعارضين المصريين وأعضاء جماعة «الإخوان» على شاشتها، إضافةً إلى بث تسريبات منسوبة إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي، تزعم بأنه يحتقر الحكومات الخليجية، علماً أنّ الشريط المسرّب فيه انتقاد واضح لدولة قطر، ولكنه لم يتعرّض لبقية الدول الخليجية، وموقف مصر الرسمي من قطر معروف، ولكن تجرّؤ قطر على استئناف حملتها ضدّ مصر، لا يمكن تفسيره بنظر بعض المحللين إلا من خلال التغيير الذي شهدته المملكة العربية السعودية، بعد رحيل الملك عبدالله، لأنّ الأطراف والدول المعنية بما يجري في مصر، سواء كانت الولايات المتحدة أو قطر ذاتها، لم يحدث فيها أي تغيير يفسّر الانعطاف 180 درجة كما هو حاصل الآن في موقف قطر الجديد من مصر.

هذه المؤشرات أوحت لصحافي مصري بارز عُرف عنه حضوره في وسائل الإعلام المصرية والسعودية بالتساؤل حول وجود تغيير في موقف السعودية من مصر بعد التغييرات الواسعة التي شهدت المملكة بعد تسلّم الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد السلطة.

إذا كان من تغيير في موقف السعودية من مصر فإنّ هذا التغيير هو صدى للموقف الأميركي من نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي وجماعة «الإخوان المسلمين»، فمن المعروف أنّ ثقل الدور في المملكة السعودية في تقرير السياسات العامة يعود اليوم إلى الأمير محمد بن نايف ولي ولي العهد الذي عُرف بعلاقاته الوطيدة مع الولايات المتحدة وحرصه الكبير على أن لا يظهر أيّ تمايز بين سياسات المملكة العربية السعودية، وسياسة الولايات المتحدة.

معروف أيضاً أنّ الولايات المتحدة تتبنّى سياسة إزاء «الإخوان المسلمين» تختلف عن السياسة المصرية، وحتى سياسة السعودية في عهد الملك عبدالله. إذ أنّ الولايات المتحدة استقبلت مؤخراً وفداً من جماعة «الإخوان»، وصرّحت الناطقة باسم الخارجية الأميركية أنّ واشنطن لا تعتبر جماعة «الإخوان» منظمة إرهابية، ومعروف ثالثاً أنّ للولايات المتحدة تحفظات على نظام الرئيس السيسي، ولا سيما لجهة تقاربه مع روسيا، وقد تكون هذه العوامل مجتمعةً وراء التغيير الذي حدث في موقف السعودية بعد التغييرات الداخلية التي أعقبت رحيل الملك عبدالله بن عبد العزيز.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى