الخميني وبري وعون والحوثي/3 المحور الجامع نصرالله وشهر شباط

ناصر قنديل

– تنتهي العشرية الثالثة، بفشل الغزوة العالمية للشرق الأوسط، وتخرج المقاومة في لبنان وفلسطين أقوى وهي تدمر لـ«إسرائيل» ثاني أركان وجودها، قدرة الدرع والقدرة على اتخاذ قرار الحرب، وتنهض سورية كقوة إقليمية لا يمكن تجاهلها، بجيش يتقدم ليصير الأقوى في الشرق الأوسط يسهر على بنائه كجيش مقاتل قائده الفريق بشار الأسد، وتبدو المنطقة مع انسداد آفاق التسويات عشية حرب ستحدد مصير وجود «إسرائيل» هذه المرة وليس حدود أمنها كما فعلت حرب عام 1973، فقد صار مع الأسد حليف يملك قدرة الردع تمثله المقاومة، من لبنان إلى فلسطين، وخلفه إيران الدولة العظمى التي حولت تحديات الحصار والعقوبات إلى فرصة فخرجت بقدرة اقتصادية صناعية تشبه ألمانيا واليابان، وقوة عسكرية تتفوق عليهما مجتمعين عشية الحرب العالمية الثانية، حتى بدأ الحديث في مراكز الدراسات الأميركية عن خطر الفاشية الإسلامية تمهيداً لحرب عالمية ثالثة، لكن أميركا كانت لا تدرك أنها تشيخ كقوة عسكرية، وأن الحدث السعيد عام 2000 لم يكن فقط في القدرة الاستثنائية لقيادة تاريخية ظهرت مع الرئيس بشار الأسد، بل بظهور القيادة التاريخية، للزعيم الروسي فلاديمير بوتين الذي أعاد بناء الدولة المحطمة والمهشمة، ونجح خلال العشرية الثالثة للسباق أن يعيدها إلى نادي الكبار، وتقرر واشنطن الانتهاء من الحروب التي لا تقدر عليها وتعلن بدء حربها الجديدة باسم الحرب الناعمة أو الحرب الذكية، وعنوانها هذه المرة لسباق ثالث بين الحروب الواقعية والحروب الافتراضية، من جهة، ومن جهة أخرى بين القوى المالكة للأصول الثابتة اقتصادياً وعسكرياً، والقوى المالكة للقدرات الافتراضية عسكرياً واقتصادياً، وعنوان السباق للعشرية الرابعة، الفوضى الخلاقة، والاستخدام المعاكس للقوة الروحية للإسلام، لموازنة طاقة حلف المقاومة على بذل الدماء بمن يمكن أن يبذلها بالنيابة عن الغرب و«إسرائيل» عبر الإسلام السياسي بمنوعاته من الإخوان المسلمين إلى «القاعدة».

– تبلور الحلف الروسي الإيراني السوري مع المقاومة يقابله حلف يستقطب تركيا والسعودية و«إسرائيل» وتقوده واشنطن، وساحة الاشتباك سورية، وسقطت المحرمات في الاشتباك الكبير المسمى بالربيع العربي، فأطاحت واشنطن حلفاءها من زين العابدين إلى مبارك لتفتح الطريق لحربها الذكية، وتركت حلم السلطنة العثمانية لتطلق كوامن القوة التركية، وجاءت بأسوأ منتجات السعودية عبر تشغيل بندر بن سلطان في استجماع كل بقايا «القاعدة» التي قاتلا بها معاً الإتحاد السوفياتي في أفغانستان الثمانينات، ورعت ولادة «إمارة داعش» وهي تسقط حدود «سايكس بيكو»، وتتالت الأحداث لتحمل الأنباء غير السارة، فالصمود الأسطوري لسورية ورئيسها وجيشها وشعبها حقق معجزة غير متوقعة، والعناد التاريخي للرئيس الروسي تجاوز التوقعات، والثبات الإيراني على خيار المقاومة ورفض لإغواء الدور الإمبراطوري، لم يكن محسوباً، ومثلما سقط «سايكس بيكو» لتظهر «إمارة داعش»، سقط ليبرز مقاتلو حزب الله في سورية وصولاً لجبهة الجولان، وتمر الخمس الأولى من العشرية الرابعة والحلم الأميركي يتهاوى، والحلفاء ينتقلون من هزيمة إلى هزيمة، والخصوم يتقدمون المسرح كقوى صاعدة، تختصرها معادلة السيد نصرالله، اللعبة انتهت، ويأتي الإنكار «الإسرائيلي» كمجرد محاولة لوقف عقارب الساعة فينتكس عند اختبار عملية مزارع شبعا التي قالت ما يحتاج قوله إلى أكثر من حرب كاملة، وجاء الحدث الأبرز في الساحة الأبرز، ففي السادس من شباط 2015 أصدرت اللجان الثورية في اليمن بقيادة السيد عبد الملك الحوثي، البيان رقم 1 بمسمى الإعلان الدستوري الذي يعلن أن الحقبة السعودية في المنطقة قد انتهت ومعها يسقط الاحتياطي الأخير الذي صممت على قياسه حروب أميركا و«إسرائيل» الغبية، المؤسسة على معادلة أن السعودية احتياط نفط واحتياط إسلام، تسقط التسمية العميقة على رغم تسميتها للحروب بالحروب الذكية.

– شباط شهر الخير والبركات، والثورات، مثلما فيه المؤامرات، ففي صدر نصفه الثاني تم اغتيال الرئيس رفيق الحريري كمدخل للفتن، وجاء اغتيال القائد الحاج عماد مغنية لتغيير اتجاه الزمن.

– في الخمس الباقية من العشرية الرابعة تدخل إيران نادي الكبار في العالم، كقوة معترف لها بحق الفيتو، ولو من دون إعلان، وتسترد سورية العافية، وتسقط «داعش» وأخواتها، وتتراجع نحو التآكل والضعف كل من «إسرائيل» وتركيا والسعودية.

– السيد نصرالله عنوان الخمس الآتية وهو حامل أمانة الإمامين الخميني والخامنئي في بلاد العرب، والمشترك بروح شباط مع صناع الأحداث الآتية برموز تاريخ صنعوه، بري وعون والحوثي.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى