لعنة الجنوب تلاحق «إسرائيل» من لبنان إلى سورية
د. سليم حربا
ها هي لعنة الجنوب المركّبة تلاحق وتلازم كيان العدو الصهيوني من جنوب لبنان إلى جنوب سورية. وها هو بركان النار يحرق أقدام وأذرع عملاء الكيان الصهيوني وراياتهم السوداء، وها هي «جبهة النصرة» الإرهابية، ذراع تنظيم القاعدة اليسرى وذراع كيان العدو اليمنى ولسان النظام السعودي والأردني، تتلمّس خارطة طريق الذلّ والخيانة والدروب التي سلكها وفرّ منها وعليها جيش لحد في جنوب لبنان، ليسلكها جيش لحد «الإسلاموي» الصهيوني في جنوب سورية. وها هو الأصيل وهيكله وتلموده يولول على هزيمة وكلائه وعلى مشروع حلمه الذي بناه منذ ثلاث سنوات وراح ينهار بثلاثة أيام أمام رياح الميدان الوطني السوري التي جاءت بما لا تشتهيه سفن العدوان والإرهاب. وها هو كيان العدو يستنجد بالأمم المتحدة لإرسال «أندوفيها» الذين اختطفهم بأيدي عصاباته لتأخذ مقراتهم وعرباتهم وتفخخها وتفجرها بأهلنا وبلداتنا، علَّ الأمم المتحدة الآن تعيد له رسم قواعد الاشتباه والاشتباك التي تحطمت بلا رجعة بعد عدوان القنيطرة الآثم.
بدأت أقلام وأقدام حزب الله في شبعا ترسم وتحكم وتتحكم وتقتحم وتحطّم حصون الأمن المزيف الواهي لبيت العنكبوت وتزيد من روعه وتحطم نظرية ردعه. وقرّر الجيش السوري الذي عودنا أنه الجيش الذي إذا قال فعل وإذا قرّر نفّذ، إحكام سيطرته على الوضع ونفذ بإقدام أكبر من معركة وأوسع من عملية بدأت في مثلث القنيطرة ـ درعا ـ ريف دمشق، حيث بدأ إنجازاته الميدانية التي بدأت لتستمر وتتواصل. وما تحقق من تطهير أكثر من 150 كلم2 في تل مرعي ودناجي ودير ماكر وتل السرجة وتل العروس وتل مصيح ودير العدس، ما هو إلا غيض من فيض القادم باتجاه القنيطرة والمعبر وتل الحارة وأحمر غربي والجابية، لتطهير كلّ شبر دنسه الإرهاب ليتسع المثلث إلى مربعات ومستطيلات ودوائر تطهير وتحرير بما فيها الجولان السوري المحتل.
إنها ساعة الصفر لربيع حلف المقاومة وانتصاراته التي بدأت من شبعا ببيانها رقم واحد، وها هي في القنيطرة البيان رقم اثنين، وهناك قادم من البيانات المتتالية في إطار موقعة مفصلية بدأت ترسم بأقدام حماة الديار ودماء الشهداء الأبرار وبياض حرمون وطهارة الجولان وحوران وتصميم ووطنية أهلنا الأوفياء في درعا والقنيطرة ومقاومتهم الوطنية، خارطة العزة والكرامة الوطنية وتمزق خارطة الإرهاب وإماراته وتكتم أنفاسه ونفسه الأمّارة بالسوء ليجرّ ذيول الخيبة والهزيمة بدواعشه وجبهة نصرته وجيش إسلاموييه من دير الزور إلى الحسكة إلى جبل الشاعر والغوطة الشرقية إلى درعا والقنيطرة. وقد يسأل متردّد أو خائف أو جاهل أو عاقل: هل سيترك كيان العدو عملاءه يندحرون ومشروعه يتحطم؟ نحيل هؤلاء إلى مشهد بوابة فاطمة في أيار عام 2000 وقطعان لحد الذين فرّوا ومن بقي قرأ على البوابة بالعبري عذراً انتهت مهمتكم ، أمّا الذي خطط ونفذ عملية شبعا وموقعة القنيطرة الآن فإنه يحسب ويتحسّب إلى ما بعد بعد الجليل والجولان. فهل يتحمل كيان العدو اللعب بالنار مع حزام النار الممتد من غزة والضفة إلى الناقورة وشبعا والقنيطرة ودرعا وما خفي أعظم؟ يدرك العدو أنّ اللعبة انتهت وعليه أن يسلِّم بالنتيجة. أما ثوار الوهابية ومنظّريهم الذين يتساءلون ماذا يفعل حزب الله في سورية، فلن نجيبهم حتى يتبيّنوا ويبيّنوا لنا ماذا يفعل الصهاينة وما هو مبرّر وجودهم في حيفا ويافا والقدس والأقصى وشبعا والجولان. وليعتبر من أصابه عمى البصر والبصيرة والصمم أنّ مشروعاً إرهابياً قُدّم له من دعم أجنبي وصهيوني وأعرابي ما لم يقدم لفلسطين وقضايا العرب كلها، يتحطم الآن وتذريه رياح الجنوب، بينما تتساقط أمطار الخير وثلوج البركة برداً وسلاماً على وطن المقاومة.
ولعنة جنوب مركبة على كيان العدو ونصرته، في وطنٍ وشعبٍ كان وسيبقى شعاره هيهات منا الذلّة وهيهات منا الهزيمة، فالتاريخ يكتبه الأقوياء والمنتصرون، وسورية هي من يكتب التاريخ ويرسم الجغرافيا ويصنع المستقبل.