الثورة الإسلامية في إيران… والاستعداد لمواجهة حرب عالمية في المستقبل
نعيم ابراهيم
في ذكرى الثورة الإسلامية في إيران هذا العام، أجدّد الدعوة إلى التأمّل وتنشيط الذاكرة، لمن نسي أو تناسى أنّ الشعوب الحية لا تموت وأنّ الإرادة الإنسانية لا تنكسر. ولعلّ هذا الموال الشعبي الفلسطيني عنوان الرجولة فيه الرسالة:
أعْذبْ شُكرْ للوفي يا زينْ مِقدارُه!
يُومِنْ يفي بِالوعِدْ، وِيْنفذْ قٌرارُه!
ترى الصّدِقْ يابويْ عنوان الرّجولِة
إذا شّحّ الصّدِقْ فَقدَ الوطنْ نُوٌارُه!
بعد مرور ستة وثلاثين عاماً على هذه الثورة ما كلّ ولا ملّ الإيرانيون من ترسيخ مشروع العلم والتقدم والنجاح في الداخل ومشروع المقاومة في الداخل والمنطقة ونصرة حقوق الشعوب المستضعفة في العالم، وهم صدقوا في مشروعهم وفعلهم.
لا نأتي بجديد عندما نقول إنّ الحادي عشر من شباط 1979 شكل منعطفاً في تاريخ إيران والعالم من الناحية السياسية، حيث تحوّلت إيران من شرطي المنطقة وحليف لأميركا إبان النظام الشاهنشاهي إلى قوة مناهضة للصهيونية والامبريالية عقب انتصار الثورة الإسلامية بقيادة الإمام الخميني.
صدق إيران يتكرّس اليوم أكثر فأكثر في الوقوف إلى جانب الأمة في مقاومة عدوان «الربيع العربي» الذي جاء امتثالاً لنظرية «الفوضى الخلاقة» ولمشروع «الشرق الأوسط الجديد أو الكبير».
أربع سنوات وتدمير الذات العربية مستمرّ بأيد عميلة تنفيذاً لاملاءات أصحاب المشاريع المذكورة، إلى جانب محاولات تشويه الصورة الحقيقية للمقاومة العربية وحلفائها في المنطقة والعالم، ولعلّ الهجمة الشرسة التي تتعرّض لها إيران أوضح دليل على أهداف أنظمة الاستبداد العربية ومعها أهداف الكيان الصهيوني والولايات المتحدة وكثير من الدول الغربية المتحالفة معهما.
لمن لم يفهم أو لم يرد للفهم أن يشق طريقه إلى عقله ودواخله أقول إنّ انتصار الثورة الإسلامية في إيران، جاء نعمة على العرب والمسلمين وعلى المستضعفين في العالم، ونقمة على كلّ من يتربص بهؤلاء قتلا وتدميراً وتشريداً وانتهاكاً لأوطانهم وحقوقهم وإنسانيتهم. تجربة ستة وثلاثين عاماً كانت أكثر من كافية… كانت دليلاً دامغاً على ما سلف، ولمن يشككون في ذلك أقول لهم هاتوا برهانكم، حتى الذين رفسوا نعمة هذه الثورة وانتقلوا إلى جبهة الأعداء بمختلف صنوفهم وشدة بطشهم وجبروتهم.
ولأنّ الثورة الإيرانية هذه حقيقتها فإنّ جبهة الأعداء توسع دائرتها وتتوعّدها بحرب عالمية في المستقبل، الأمر الذي يعيه الإيرانيون وحلفاؤهم. وأما الردّ المحتمل فقد جاء على لسان نائب القائد العام للحرس الثوري الإيراني العميد حسين سلامي، «تدمير حاملات الطائرات الأميركية في الخليج والاستيلاء عليها» في حال حدوث الحرب. مضيفاً: «لقد رسمنا فرضياتنا الاستراتيجية العسكرية على أساس احتمالية المواجهة مع تحالف عالمي… وهذه فرضية مفروغ منها في استراتيجية الحرس الثوري»، و قال: «جعلنا القدرة الهجومية للعدو أساساً لبناء قدراتنا الدفاعية، وعلى سبيل المثال جعلنا حاملات الطائرات الأميركية رمزاً للقدرة العسكرية أو ما يعرف بـ«هيبة أميركا»، فحاملات الطائرات هذه تُعدّ قاعدة جوية عائمة تحمل ما يتراوح بين 70 و80 طائرة حربية وتضمّ نحو 5000 عنصر عسكري».
وتابع سلامي: «كنا مضطرين لتبني فرضية تدمير حاملات الطائرات هذه أو الاستيلاء عليها، وعندما جعلنا هذا الجزء من قدرة العدو معياراً لمخطط تطوير قدراتنا، اندفعنا للبحث عن خيارات تمكننا من التحرك في موازاة وبكفاءة قدرة العدو، بل وتمنحنا القدرة على وضع نهاية لقصة حاملات الطائرات على أرض الواقع».
الحقيقة أنّ هذا الردّ سيكون جزءاً من الردّ الإيراني الشمولي، عسكرياً وسياسياً واقتصادياً وفكرياً وثقافياً واجتماعياً وتكنولوجياً وعلمياً وفي الفضاء، وفي جوف الأرض، وكذلك في أعماق البحار والمحيطات إلخ…
هذا الردّ لا بدّ أن يتحالف معه كما في السابق ردّ المقاومات المتعدّدة في العالم وردّ الدول الشقيقة والصديقة، حيث المشروع واحد وحيث الطريق واحد وحيث الهدف واحد، يتمثل باستعادة الحقوق المغتصبة ونهضة الأمم المستضعفة وتكامل الحضارات الإنسانية.
ينبغي بالضرورة أن تكون انجازات الثورة الإسلامية في إيران مصدر إلهام لكلّ طالب حرية وديمقراطية وعدالة واستقلال ناجز وتقدم فعال في العلم والمعرفة وقبل ذلك الدفاع عن الحقوق المغتصبة.
العرب أحوج ما يكونون اليوم إلى دروس وعبر هذه الثورة والتحالف معها وصولاً إلى تحقيق ما سلف، وإلا فإنّ مصير العقل العربي اليباس إنْ لم يكن الموت، لأنّ العربي الجيد هو العربي الميت في تكتيك واستراتيجية الحركة الصهيونية وحلفائها.